لماذا تراجع المثقف عن دوره السياسي ؟
لايمكن فصل مايعتمل في الساحة السياسية المغربية عما يجري في الوطن العربي من دمارشامل وحريق يلتهم الأخضرواليابس ، وما يقع في سوريا منذ سنتين لهوأعلى درجات جنون الحكم العربي وعدم قبول الديكتاتوريات بأي شكل من أشكال الديموقراطية سوى بديموقراطية الإبادة أوديموقراطية موت الرئيس ... فما نعيشه مما يسمى بالربيع العربي لهي بحق إنتكاسات تتراكم على إجهاضات المشروع الحداثي والعقلاني الذي إنطلق منذ خمسينات القرن الماضي . ومن حسن حظنا في المغرب أن الوضع يختلف نسبيا عن باقي الدول العربية ، إذ أننا قد راكمنا تجارب عديدة في الإحتدام السياسي المأساوي والدموي أحيانا على مدى أربعة عقود ، أي منذ أوائل الستينات إلى أواخرالتسعينات ودخول الدولة بعد إنذارالسكتة القلبية في مسلسل إصلاحات سياسية توافقية همت المجال الحقوقي وجبرالضرروالإقراربالإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والكشف عن لوائح المختطفين والمعتقلات السرية وأخيرا تعيين حكومة التناوب برئاسة أبرزشخصية سياسية معارضة "عبدالرحمان اليوسفي " في أعتد حزب كان معارضا للنظام "الإتحاد الإشتراكي" مما شكل منعطفا إستباقيا كان بأقل الأضرارمما يقع اليوم في باقي الدول العربية ...
والسؤال المحوري في هذا المشهد السياسي السوريالي في العالم العربي هوأين إختفى المثقف في كل مايحدث ولماذا توارى عن القيام بدوره الطليعي الذي ترسخ في وجدان وذهنية الجماهيرالعربية الكادحة منذ حركات التحررفي بدايات القرن العشرين ، ثم بعد ذلك في إرساء دعائم الدولة القومية
الديموقراطية .
في رأيي من دون شك أن إستقالة المثقف العربي تعود بالأساس إلى :
1 إفساد الفعل السياسي وعدم جدواه في تحقيق تنظيراته وانتظاراته .
2 تجاوز الواقع لخطابه التنظيري وإيمان الطبقات الدنيا بالخطاب النفعي البراغماتي الآني .
3 ظهوروسائط جديدة إستحوذت على الخطاب باعتباره آلية أساسية في تشكيل الوعي بضرورة التغيير.
4 إستفحال الأمية الثقافية بمعناها الواسع أي الوعي بالقضايا الأساسية الكبرى لتحقيق نهضة ديموقراطية وحداثية حقيقية .
وأخيرا يبدولي أن المشهد السياسي في المغرب بعد ماسمي بالتناوب التوافقي قد باروأصبح أكثر سوريالية وتجريدية فهواليوم يعوم في خطاب واحد بأصوات متعددة كلها تسيرمع رياح المعارضة إذا ماهبت من اليسارومع نسائم التوافق إذا ماهبت من اليمين . فقبل عشرسنوات كان الطيف الحزبي في المغرب واضح المعالم وعناصره راسخة في مواقعها وثابتة على مذاهبها واسترتيجياتها ومرجعياتها بين أحزاب يسارية ووسطية ويمينية وراديكالية . أما اليوم فخلطة الأعشاب السياسية لن تسهم سوى في تضخيم سريالية الواقع السياسي ولابد من أن زمن القفشات السياسية أن يصطدم بجدارالمعقول وبالتالي سوف يعود الفاعل السياسي لامحالة إلى البحث عن دورالمثقف من أجل الإسهام في حلحلة الأزمات الثقافية والإجتماعية والسياسية .
0 التعليقات:
إرسال تعليق