الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأحد، أغسطس 16، 2015

حوار مع الكاتب الكوبي أنجزه : فابريس بوري قدم له وترجمه : عبده حقي

حوار مع الكاتب الكوبي أنجزه : فابريس بوري قدم له وترجمه : عبده حقي
تعيش كوبا اليوم وضعية الدولة المريضة المشرفة على حافة المجهول في ظل أعتى وآخرمعاقل الديكتاتوريات التوتاليتارية.
لقد أصبح مستقبل هذا البلد الأمريكي غامضا في ظل التعتيم الإعلامي الكوبي حول صحة الرئيس الأبدي ( فيديل كاسترو) الذي كان ومايزال حتى وهوعلى فراش الإقالة البيولوجية لايؤمن إلابالشيوعية الأبدية أوبديموقراطية
الموت والتي لامحالة ستنصب أخاه وريثا ( للعرش) الكوبي ولاشك أن نسبة التصويت بنعم إذا ما افترضنا أن النظام القائم فكر في يوم ديموقراطي واحد في تاريخ كوبا الحديث فإن نسبة التصويت حول تولي أخيه لدواليب الحكم ستكون في ( رأي) الشعب هي مئة في المئة مع حكم الخط ( المستقيم ) والإستمرارية.
القليل من المثقفين العرب من يعرف المطبخ الثقافي الكوبي الداخلي تحت رحمة الكاسترية … والقليل أيضا من تساءل عن مثقفي كوبا في المنفى سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أوالمكسيك أوإسبانيا أو لندن …
كيليرمو كابريرا أنفانتي ) واحد من هؤلاء ، كاتب كوبي يعيش في منفاه الإختياري بلندن ، هاربا من قمع النظام الديكتاتوري منذ 1966 إلى أن توفي سنة 1995 عن سن يناهزالخامسة والسبعين عاما وقد أعلن ناشرأعماله الأدبية ( ألفاغور ) أن رماد رفاته سوف ينقل إلى كوبا بعد وفاة الرئيس ( فيديل كاسترو) فهل سيسمح الأخ الرئيس القادم ( راوول كاسترو ) بآخر حق يبقى للإنسان بعد وفاته : دفنه في وطنه ؟؟؟ .
أصدر( كيليرمو كابريرا أنفانتي )أكثر من عشرين عملا أدبيا منها ( مسار إيروتيكي لطفلة كوبية في سنوات الخمسينات ) و( ثلاثة نمور حزينة ) إلخ… حازعلى عدة جوائز أدبية منها جائزة ( اللوريا ) الإسبانية .
إنه كاتب محب للدعابة والحرية … طلق النظام الكاستري منذ 1966 واختار منفاه بداية بمدريد ثم بالمملكة المتحدة وبها حصل على الجنسية الأنجليزية .
التقاه الصحفي ( فابريس بوري) في مدريد وأجرى معه الحوارالتالي الذي يوجز بعضا من صورة المثقف الكوبي في المنفى وإن كان صوته المفرد لايختزل كل الأصوات المنفية الأخرى . ونشير في هذا التقديم إلى أن هذا الحوار كان قد أجري في سنة 1995 ونعتقد أنه رغم مرور عشرسنوات على إنجازه  فإنه مايزال يحتفظ بكل تحيينه وثبوتية وقائعه وطراوته حمولته …
س ـــ في سنة 1959 مسك فيديل كاسترو بزمام الحكم في كوبا ، نود أن نعرف كيف كان موقفكم من النظام الجديد آنذاك ؟
ج ـــ جوابي الوحيد هو أن تسعين بالمئة من الكوبيين كانوا مع التحول السياسي ، غير أن ما حدث في
الحقيقة هوأنه تم تغيير نظام ديكتاتوري بآخر أكثر ديكتاتورية … لقد حكمت كوبا من طرف الديكتاتور باتيستا لمدة سبع سنوات ثم خلفه ديكتاتورآخر هو فيديل كاسترو لمدة 38 سنة .
س ـــ هل يمكن القول أن جل المثقفين ساندوا الثورة الكوبية بقيادة فيديل كاسترو ؟
ج ـــ ليس المثقفون وحدهم من ساندوا الثورة الكاسترية بل كل الشعب الكوبي والذين عارضوها كانوا ( باتيستيون ) أي موالون للرئيس السابق ( باتيستا ) .
س ـــ اخترت سنة 1965 طريق المنفى ، متى شعرت بحقيقة النظام الجديد بقيادة كاسترو ؟
ج ـــ لم يتطلب التفكير وقتا طويلا ، إننا لانغادرالأوطان مثلما نغادرالأحزاب . لقد كان قرارا ناضجا ولكم
حاولت أن أؤجله في الكثير من الأحيان … ما وقع بالنسبة لي هوأنني بعثت كملحق ثقافي بسفارة كوبا في بروكسيل ، وقد ساعدني هذا بشكل ما على أخذ قرار مغادرة كوبا نهائيا وكم كان الوضع سيكون معقدا لو بقيت هناك .
س ـــ هل يشكل اليوم شتات الكوبيين المنفيين أهم تيارمعارض للنظام أم أن تحت الأرض الكوبية زلزال ائم ؟
ج ـــ أعتقد أن هناك في كوبا 90 في المئة من المعارضين ، إن الواقع يختلف بين مؤازرين لثورة 1959 وأولئك الذين أصبحوا يمقتون النظام اليوم .
س ـــ مانوع العلاقات التي تربطكم بالمثقفين الكوبيين خصوصا أولئك المقيمين في فلوريدا؟
ج ـــ إنها علاقة ضيقة وفاترة ، فأنا أقطن بلندن وكما تعلم فالمسافة بين لندن وميامي بعيدة جدا ، بالإضافة إلى أن هناك مسافة ثقافية بعيدة أيضا . إن المثقفين الذين يعيشون في ميامي مثل أولئك الذي يعيشون في هافانا بمعنى أنهم على دراية واسعة بكل الأحداث التي تقع بكوبا بعد دقائق فقط من وقوعها . بيد أنهم لايعوفون ما يقع في أوروبا أو في شمال الولايات المتحدة الأمريكية.
إن هؤلاء المنفيين هم عبارة عن حصاة صغيرة داخل حقل الحضارة الأمريكية . وفي جانب آخر إن موقع لندن استرتتيجي ومركزي بالنسبة لباريس ومدريد وروما ونيويورك ، بحيث أن لندن تمكننا من الإطلاع على كل ما يقع في العالم و ما يقع في كوبا أيضا من دون تدخل مباشر… إنني أعرف كوبيين منفيين في لندن غير أنني لم ألتق بهم البتة .
س ـــ من بين الكتاب الكوبيين في المنفى ( رينالدوأريناس) الذي تميزت كتاباته دائما بوقاحتها وتمردها السياسي منذ بداياته إلى ساعة انتحاره ، هل سبق أن كانت بينكما علاقة ما أو كنت  صديق له ؟
ج ـــ لا..لا لم يكن صديقا لي .. لقد تعرفت عليه من خلال مؤلفاته التي صدرت بكوبا والتي كان من الممكن أن ينشرها بالخارج … ويمكن أن أدلك مثلا على كتاب(( سليستينو آنتس ديل ألبا )) و(( عالم ذهاني )) ، لقد تعرفت عليه في بداية سنوات الثمانينات وقد كان حينها حديث العهد بالفرار من كوبا … كانت بيننا علاقات ود وثيقة غيرأنني كنت دائما رافضا لطريقته في الإحتجاج وأعتقد أنه كان متؤثرا جدا بالكاسترية. وأعتقد أن مؤلفيه الأولين الذين صدرا بكوبا كانا أعمق وأجمل ما كتب في المنفى وأقرأنني غيرت رأيي الشخصي في كتاباته عندما قرأت سيرته الذاتية التي وسمها ب(( قبل الليل )) التي أعتبرها بحق أجمل ما أنجز والتي صدرت بعد وفاته ، إنها عمل لكاتب كبير وأعتبره من الكتاب الذين أرخوا وكانوا شاهدين على مرحلة مؤلمة وعبروا عنها بقدرة فائقة ويذكرنا ( رينالدوأريناس) ب ( دوتوفسكي ) عندما كتب مذكراته بالسجن ويذكرنا أيضا ب ( سولجونيتسين) .
س ـــ في رأيك مالذي يمكن أن ينقذ كوبا اليوم ؟
ج ـــ هذا يتطلب قبل كل شيء رحيل فيديل كاستروعن الحكم وأخوه راوول كاسترو ، وبهذه الطريقة يمكن أن نتخيل تغييرا ديموقراطيا لأنه لايمكن أن نتصور حلا للوضع القائم بدون رحيل كاسترو …إن الشيئ الوحيد الذي سيمكن من تطور كوبا مابعد كاستروهي لعبة ديموقراطية شفافة تمكن الشعب الكوبي من اختيار شكل الحكومة التي يريد … إن هذه هي أحسن طريقة مثالية في رأيي .
س ـــ لكن ماذا عسى أن يصنع الشعب الكوبي ؟
ج ـــ في الظرف الراهن ليس بإمكانه أن يصنع شيئا وهذا الوضع يذكرنا بواقع رومانيا على عهد تشاوسيسكو حيث لم يكن بمقدورالشعب أن يصنع شيئا لأنه كان يعيش في ظل واقع مرعب ومخيف … وبموت تشاوسيسكو تغيرت الكثير من الأوضاع ، هذا ممكن أيضا في كوبا ، يمكن للشعب الكوبي أن يختار رئيسا له عن طريق الإنتخابات …إن الأمر يتعلق بإرادة الشعب التي يجب أن يحترمها الجميع .
س ـــ أخيرا ماهورأيك حول الحصارالأمريكي لكوبا ؟
ج ـــ لدي عملة واحدة لاتتغير في هذا الموضوع  تقول (( لاأحد مع كاسترو والكل ضد كاسترو )) وكل ما يساهم في تنحية كاسترو عن الحكم أؤيده كثيرا .
              أنجزالحوار فابريس بوري
قدم له وترجمه : عبده حقي

0 التعليقات: