هل أصبحت الترجمة فنا رقميا بامتياز في قرننا هذا
؟ فكل ترجمة أوتوماتيكية أو معانة تتغيى الدقة والوفاء للنص الأصل ، وتحقيق نتائج متطابقة
إلى أبعد حد معه
.
الترجمة فن ، وهي في جوهرها معاناة تروم عبر صيرورتها
التغاضي عن شيء من أجل كسب شيء آخركما قال إمبرتو إيكوفي كتابه : ( الترجمة هي التعبيرعن
نفس الشيء ) . إلا أن هناك الكثير من السياقات حيث التغاضي عن النص الأصل والخيانة
يصيران معا هما القاعدة العامة ، وحيث تكون الترجمة جيدة بارتكازها على سرعة التحويل
وليس على معايير الدقة والوفاء للنص الأصل . وهكذا يأتي ثمن العمل الأدبي المترجم زهيدا
كما أن إقتسام المعلومة المترجمة بين مستعمليها يتطاول على حساب الكفاية التي تنادي
بها كل المؤسسات التي تتطورمن داخل الأوساط المتعددة للغة . وكما نعلم فإن الترجمات
الأوتوماتيكية أو المعانة تتوجه أساسا إلى هذه المؤسسات .
ـــ الترجمة الأوتوماتيكية أو عندما يغري البرنامج
المعلوماتي .
تستدعي الترجمة الأوتوماتيكية تطبيقات وبرمجيات
أخترعت إبان الحرب الباردة ، وهي برمجيات جاهزة ومجانية على خط ( الأونلاين ) . إن
برنامج بابل فيتش مثلا يمنح قائمة كاملة تتكون من أكثر من سبعمائة ( زوج لغة ) تتم
بواسطتها عملية التحويل من النص الأصل إلى النص المترجم .
إن موضوع الترجمة بالأساس هو التمكن من فهم محتوى
النص وقد تكون الترجمة متفوقة عندما تضع في هدفها الأول نقل خطاب أو رسالة في زمن قياسي
ومحدود مثلما هو الحال في تقاريرالإتحاد الأوروبي التي لاتتعدى مدة صلاحيتها أكثر من
24 أو 48 ساعة على أكبر تقدير كما يقول بذلك البروفيسور( برتاتشيني ) في جامعة بولون .
وقد تأتي الترجمة أقل وفاءا لأن التكنولوجيات المستعملة
في هذا المجال ليس بوسعها التمييز بين كلمة تعرب حالا أو ظرفا وكلمة تعرب إسما موصوفا
. وكلما كانت الجمل بسيطة التركيب ، متجانسة ومكونة من خطاب ذي معنى أحادي كلما كان
إحتمال الحصول على ترجمة جيدة وأمينة واردا . فجملة بسيطة مثل (( ذهبت إلى السوق واشتريت
تفاحا )) يمكن أن تترجم إلى مختلف اللغات وبنفس النظام البرمجي .
قد نستطيع ترجمة حوارات ( الشات ) ( chats ) والرسائل الإلكترونية غيرأن النصوص التي سنحصل عليها سوف تفتقر لامحالة
إلى الإنسجام إذ أنها عكس الترجمة المعانة فليس هناك عملية نشرإنسانية .
ــــ الترجمة المعانة : الحاسوب المعين
تبدو في الحقيقة الترجمة المعانة بحاسوب أي مايسمى
إختصارا ب ( TAO
) أي ( Traduction assistée par
ordinateur ) تبدو أكثر تطورا
. فهي تعتمد على معينات معلوماتية أكثر منها إنسانية وعلى قواعد معطيات أكثر من إعتمادها
على مترجمين محترفين . وقد كانت بداية هذه التجربة مع برنامج ( ذاكرة الترجمة ) وهي
عبارة عن قاعدة معطيات سجل بها العديد من مقاطع جمل بلغة ما وتمت مناظرتها مع مقاطع
جمل بلغة ثانية . وبفضل لوغاريتمات محددة نحصل على شبه تطابق بين جمل قاعدة المعطيات
وجمل مقترحة للترجمة
.
ويبقى للمترجم كامل الحرية في قبولها أو رفضها
. وبالتالي تكون النتيجة وثيقة أو ملفا ( مترجم سلفا) ( Pré-traduit ) يثري هو أيضا قاعدة المعطيات السابقة.
الروبوت المترجم : هل هو المستقبل ؟
حذرالبروفيسور برتاتشيني قائلا : تمنحنا الترجمة
المعانة جودة عالية يستحيل في بعض الأحيان على مترجم أن يحققها . لكن بالرغم من أن ( TAO ) تستطيع إنجاز وحدة وتطابقا
هامين في المصطلح والأسلوب فإن لها حدودا ، إذ أن
غنى ودقة وتباين قاعدة المعطيات كلها ليست في مستوى النص الأصل وبالإضافة إلى هذا فإنها
تتطلب تنقلات مستمرة بين الإنسان وآلة الحاسوب ويصعب كذلك في الكثير من الحالات التوفرعلى
قاعدة معطيات الترجمة للغتين مختلفتين .
إن الترجمات الحديثة أوالمعانة تتسبب في لبس ما
في حال ما إذا صار متلقي الترجمة وبسبب ضعف الأداة أوالفاعل السلبي نشيطا في تفسيره
للنص . لقد تحسنت الترجمات التقنية والعلمية لأنها تشتمل على عمليات تمكن من الإعادة
وعلى معاني ودوال أكثر إنسجاما . بيد أنه يستحيل ترجمة النصوص الأدبية بواسطة هذه التكنولوجيات
الحديثة . ونشير إلى أنه هناك العديد من الأبحاث في هذا المجال …
إن TAO يروم تدقيق البرامج من أجل تحديد التناظرات
اللغوية ولقد إستطاع محرك البحث غوغل أن يدرج لغات جديدة بهدف ترجمتها الأوتوماتيكية
غير أن الإستعارات والصيغ الإستنكارية على سبيل المثال تتطلب ترجمة مباشرة لابد أن
تتدفق من قلم الكاتب وليس من تقنية الآلة .
0 التعليقات:
إرسال تعليق