الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الخميس، أكتوبر 12، 2023

نص سردي "نفق" عبده حقي


نفق بدا وكأنه يمتد إلى الأبد، غلف الظلام المستوطن الليل في حضنه الزجاجي. في هذا العالم الجوفي الغامض، ازدهر الجنون مثل بذرة معدية، وأصاب عقول أولئك الذين تجرأوا على المغامرة عبر الدوار الغامض.

كانت الاتجاهات التي وعدتنا بالوضوح في السابق، قد تحولت الآن إلى متاهة من الارتباك، مما أدى بالمسافرين إلى الأعماق الغامضة للمستوى الأدنى من الهايوجي. لقد كان المكان الذي بدأت فيه قواعد الواقع تتأرجح، وفقد مفهوم الاتجاه معناه. لقد كان عالمًا من المفارقات، حيث رقصت الحرية والانغلاق رقصة باليه متنافرة، وحيث أصبح فن الملاحة لغزًا غامضًا.

في هذا النفق الغريب، كان مفهوم الزمن الخطي مجرد وهم عابر. حيث هنا، اندمج الماضي والحاضر والمستقبل في شبكة لا يمكن تمييزها. لم يكن هناك مفر من الحقيقة التي لا مفر منها، وهي أنه في هذا الواقع الملتوي، كان كل طريق مدخلاً ومخرجًا في نفس الوقت.

كان هذا النفق الغامض بمثابة عتبة الملحمة، وبداية خاطئة لرجل مياوم، ولغز يستعصي على الحل. لقد كان مكانًا يندمج فيه العادي مع غير العادي، والدنيوي مع الغامض. أولئك الذين دخلوه وجدوا أنفسهم على مفترق طرق العبثية، حيث امتدت حدود الإمكانية إلى أقصى حدودها.

وسط هذه الفوضى وعدم اليقين، أصبح النفق مكانًا لعبادة الميترومانيا، وهو دين مخصص للتقاطعات المحيرة والممرات الملتوية لهذا العالم السفلي. لقد كان مكانًا يضطر فيه العقل إلى مواجهة حدوده، حيث يصبح المسافر باحثًا، وتبقى الوجهة بعيدة المنال.

كانت خطوط الواقع غير واضحة، وكلما تعمق المرء في الهاوية، اكتشف أشكالًا حضارية محفورة بأيدي الموتى. تحكي هذه الأشكال قصص الإحباط والظلال التي تتوق إلى التحرر من قيود الزمان والمكان. لقد كانت أصداء أحلام أولئك الذين سعوا إلى كشف أسرار هذا النفق.

 

0 التعليقات: