الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأحد، يناير 21، 2024

أفضل 100 كتاب في التاريخ اليوم (الأغاني الغجرية) 71 إعداد عبده حقي


الأغاني الغجرية:

رائعة شعرية نادرة من روائع القرن العشرين، بل التاريخ الشعري أجمع. هي فورة الروح والجسد ، واشتعال الشهوات المتناقضة الكامنة في الحضور الإنساني. وهي- في نفس الوقت- إيقاعات العنفوان والذهول التي يرقص على وقعها الإنسان المنساق إلى

مصيره، بوعي أو بلا وعي. تجربة شعرية فريدة تخاصم الذهنية والتأمل، وتتفجر بالدهشة والمفاجأة التي لا تنفد أو تُستهلَك. وترجمة تتسم بالدقة والرهافة في آن، فتنطوي على النكهة اللاذعة، الدامية، لشعرية لوركا الفريدة

أغاني الغجر هانزيكون فويكت من أغاني غجري لا يجيد الرقص الليالي الغجرية كي لا تحبك الغجرية أرض الغجرية الشخصية الغجرية الغجرية ويوسف المخزنجي رواية الغجرية خلخال غجرية الأرقش والغجرية ما قالته الغجرية بعل الغجرية من دفتر أحوال الغجرية نهوند العرافة الغجرية أيتها الغجرية ستمرضين الراهبة الغجرية الاسترامادوري الغيور والغجرية الصغيرة قليقلة غجرية

والواقع أن أي شاعر إسباني لم ينل من الشهرة العالمية ما ناله لوركا، إذ قدمت حتى في السنوات التي سبقت الحرب العالمية الثانية، ترجمات لأعماله في بريطانيا والأمريكتين، وربما كان بعض شهرته خارج إسبانيا عائدًا إلى ظروف موته المأساوية العنيفة في الحرب الأهلية الإسبانية. لكن الأعوام اللاحقة أثبتت أن القدر الأعظم من شعبيته مستند إلى أسس أشد رسوخًا من العاطفية المحضة. والحق أن لوركا وضح في المنظور شيئًا فشيئًا مع مر الزمن حتى ليمكن أن يقال الآن قول الواثق المطمئن إن شعره لهو من خير ما أبدع الشعراء في القرن العشرين.

ولد فيديريكو غارثيا لوركا في إحدى قرى سهل غرناطة الخصيب في الخامس من يونيو 1898. وتدعى القرية “فونتفكيروس” أو “بحر البقر” بالعربية. والاسم نفسه يشي بقرابة مع الريف الأندلسي القديم، وقد اغتالت لوركا في الأيام الأولى للحرب الأهلية الإسبانية عصابة فاشستية مجهولة برأي البعض، ومعروفة برأي البعض الآخر، أي أنها ذات صلة بكتائب الجنرال فرنكو الذي كان يحارب الثوار اليساريين. ويبدو أن عملية الاغتيال قد تمت في “فزنار” على التلال الواقعة خارج غرناطة. لكن لم يُعثر أبدًا على جسده كما تنبأ:

بدأ لوركا دراسته الجامعية التي لم يكملها أبدًا في غرناطة، لم يكن ذا ميل أكاديمي: فاهتماماته تقع خارج المنهاج الجامعي. كان يشعر بسعادة أكثر حين يكون في المقاهي، متحدثًا إلى الأصدقاء، أو حين يكون في الريف مستطلعًا، أو في بساتين غرناطة مستكشفًا الثقافات والتقاليد التي كونت الريف الأندلسي القديم، ومتعرفًا على الغجر الذين قُدر لهم أن يكونوا في مستلهماته الفنية الرئيسية. تعلم العزف على البيانو والجيتار، التقى سيمانويل دي فايا الذي أضحى صديقًا له، وأستاذًا، والذي شجعه وأخذ بيده في جمع الأغاني الفولكلورية وتوليفها موسيقيًا.

نشر لوركا ديوانه الشعري الأول “كتاب القصائد” عام 1921 دون أن يثير الانتباه خارج دائرته، كان على أصدقائه الأدباء أن يدبروا خططًا لكي يستلّوا منه قصيدة بغية نشرها في إحدى دورياتهم. ومع أنه كتب قصائد كثيرة بعد عام 1921 غير أن ديوانه الثاني “أغان” لم يظهر حتى عام 1927. وباستثناء مسرحيته المبكرة “الفراشة وسحرها الشرير” التي مُثلت في مدريد سنة 1920، فإن أول مغامرة مسرحية له أثبتت نجاحها كانت مسرحيته التاريخية “ماريانا بينيدا” التي مُثلت في مدريد سنة 1927. ومن المفيد أن نلحظ كيف كان تطوره مسرحيًا، يتوازى وتطوره شاعرًا، إنه يتفق مع قولة إليوت “إن الوساطة المثلى للشعر، والوسيلة الأكثر مباشرة من أجل المنفعة الاجتماعية للشعر، هي المسرح”، ذلك أن لوركا كان واعيًا اجتماعيًا، مؤمنًا بأن على الشاعر “في هذه اللحظة الدرامية من العالم، أن يضحك ويبكي مع الناس”!.

شهد العام التالي صدور أكثر كتبه شعبية:”الأغاني الغجرية” الذي ينقله إلى العربية اليوم الشاعر العراقي سعدي يوسف، حقق الديوان نجاحًا فوريًا في إسبانيا والبلدان الناطقة بالإسبانية. يتألف الديوان من مقاطع يدور أغلبها على مواضيع غجرية مكتوبة بشكل الرومانس التقليدي، وتظهر سهولة الأغاني تمكن لوركا التقني، إن كل عناصر شعره ماثلة هنا: الإثارة، الحسية، الميثولوجيا الغجرية، حذر الموت، الاستعارة الذكية، ولكن غير المبالغة، أما قيمة هذه المجموعة إذا تناولناها ضمن شعر لوركا كاملاً، فليس من الصعب علينا أن نجد من سبقه في كثير مما جاء فيها

فالأبيات الأولى، على سبيل المثال، من أغنية “السائر في نومه” لها أكثر من تذكير بقصيدة خوان رامون خمينيث التي مطلعها “خضراء هي الفتاة”، لقد انغمس لوركا في التراث الإسباني، وهو تراث ينتهي لديه عند خوان رامون خمينيث.

في “الأغاني الغجرية” يبلغ لوركا الغاية في صهر الشعبي والفني، التراثي والحديث. وربما كان هذا سبب الإقبال الشامل على كثير من أعماله، إذ ليس ثمة فاصل عند لوركا بين الحديث والتقليدي، بل إن الموروث يتجدد بالجدة التي يتخذها سبيلاً إلى الشعر.

لم يكن لوركا يكتب إلى أقلية كما كان أغلب شعراء جيله يكتبون، “أردت أن تكون الصور التي أبنيها من شخصياتي مفهومة لدى شخصياتي ذاتها”. كان يريد أن يُفهم (بضم الياء) وأن يحبه الجميع من خلال شع

ولا شك في أنه نجح، فحتى الناس الأميون يفهمون ما يقوله، أو يحسون بما يقوله، يورد أرثور باريا في كتابه “لوركا الشاعر والشعب” أمثلة على الأفعال لدى العمال البسطاء حين سماعهم شعر لوركا. إنه شعر يثير في الصوت الحساس للكلمات انطباعات بصرية، وهذا ما أكسب أغانيه الغجرية جذبها العاطفي، حيث نحس إحساسًا قويًا بشدة العواطف الأساسية منسوجة عبر سرد عن الحب والحزن والموت. يقول لوركا: “في الشعر لا يأتي الدوينده إلا حين يرى إمكان الموت. الشخص الميت في إسبانيا يكون أكثر حياة وهو ميت، منه في أي مكان آخر. هذه البلاد التي يكون فيها الأمر هامًا حين يكتسب خاصية الموت”. وهذه المسألة صحيحة تمامًا منذ القصائد الغنائية الإنسانية المبكرة. إن أعظم قصائد لوركا تستلهم موت صديقه مصارع الثيران اخناثيو سانشيز ميخياس

قد يبدو الأمر محيرًا حين نعرف أن الشعبية العظيمة التي حظي بها لوركا عند نشره “الأغاني الغجرية” قد أثقلت عليه. كان يكره التصنيف كرهًا شديدًا، إلى حد أنه لم يُرد أن يطلق عليه لقب “شاعر الغجر”. لم يرد أن يمسي ضحية نجاحه. قال: “إن الغجر موضوع وحسب، كان يمكنني أن أغدو شاعر إبر الخياطة أو المناظر الكهرمائية”. هكذا دخل في مرحلة قنوط.

وحين سنحت الفرصة لزيارة الولايات المتحدة لم يتردد. وصل نيويورك في صيف 1929. وقد قُبل في جامعة كولومبيا، ودخل في دورة لتدريس الأجانب اللغة الإنجليزية، ثم انسحب منها بعد أسبوع واحد حين وجد نفسه غير قادر على تعلم اللغة. لكنه ظل في جامعة كولومبيا حتى ربيع العام التالي.

وقد بدأ يكتب القصائد التي جُمعت فيما بعد تحت عنوان “شاعر في نيويورك”، ونشرت بعد موته عام 1940 لم يكن لديه أي أوهام حول ما سيراه في أمريكا:

تابع


0 التعليقات: