الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، يناير 22، 2024

تأملات سريعة في عصر القلق: عبده حقي


يبدو أن هناك شعورًا منتشرًا بشكل مهول يطارد مجتمعنا – إنه القلق.

لقد أصبح مصطلح "عصر القلق" شعارًا شائعًا، وغالبًا ما يتم الاستشهاد به للتعبير عن جوهر وجودنا المعاصر. ولكن هل نعيش حقا في عصر يهيمن عليه القلق، أم أن هذا التصور هو مظهر من مظاهر التغييرات المجتمعية الأوسع ووجهات النظر المتطورة بشأن الصحة العقلية.

لقد شهد القرن العشرين تحولات مجتمعية وتكنولوجية غير مسبوقة، تسببت في توليد مخاوف ذات حجم مختلف. لقد زرعت الحروب العالمية والكساد الاقتصادي والحرب الباردة مخاوف جماعية من الإبادة. وقد أدى التقدم التكنولوجي السريع، وخاصة العصر النووي، إلى ظهور التهديدات الوجودية في المقدمة. في الوقت نفسه، قدمت الثورة الرقمية في أواخر القرن العشرين وظهور الإنترنت حزمة جديدة من المخاوف المتعلقة بالخصوصية، والتحميل الزائد للمعلومات، وتآكل الحدود الشخصية:

أحد العوامل المهمة التي يُشار إليها غالبًا على أنها تساهم في إدراك سن القلق هو التقدم السريع للتكنولوجيا وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي. يُعتقد أن الوابل المستمر من المعلومات، والضغط للحفاظ على شخصية متوازنة عبر الإنترنت، والخوف من تفويت الأشياء  هي عوامل محفزة لزيادة مستويات ضغط القلق.

إحدى الآليات الأساسية التي تؤثر من خلالها العوامل الاقتصادية على الصحة العقلية هو الشعور السائد بعدم الاستقرار الذي يصاحب عدم اليقين المالي. وسواء كان ذلك بسبب الانكماش الاقتصادي العالمي أو الصراعات المالية الشخصية، فإن عدم اليقين بشأن المستقبل المالي يمكن أن يكون بمثابة أرض خصبة للقلق. إن الخوف من فقدان الوظيفة، وعدم استقرار السكن، وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات الأساسية يمكن أن يساهم في انتشار الشعور بالعجز والضعف.

ونحن نبحر في تعقيدات العصر الحديث، من الضروري إجراء فحص نقدي لمفهوم عصر القلق. ومن خلال تشريح الأبعاد التاريخية والتكنولوجية والاقتصادية والثقافية والفردية للقلق، يمكننا الحصول على فهم دقيق للعوامل التي تساهم في إدراكنا الجماعي لمستويات القلق المتزايدة. ومن خلال القيام بذلك، قد نكتشف أن عصر القلق ليس حقيقة متجانسة، بل هو تفاعل معقد بين القوى المختلفة التي تشكل المشهد العقلي لدينا.

0 التعليقات: