الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الخميس، فبراير 20، 2025

الأمن السيبراني، والسعي إلى حوكمة الإنترنت في المغرب: ترجمة عبدو حقي


لقد برز منتدى حوكمة الإنترنت الأخير في المغرب كبوصلة حاسمة، يرسم خريطة طريق للإبحار عبر تعقيدات التحول الرقمي. من خلال عقد لقاءات للخبراء وصناع السياسات والمجتمع المدني، تجاوز المنتدى مجرد الحوار، بلورة استراتيجيات قابلة للتنفيذ للتوفيق بين الابتكار التكنولوجي والضمانات المجتمعية.

لقد تطور الأمن السيبراني من اهتمام تقني متخصص إلى حجر الزاوية للأمن الوطني. وكما أكد عمر السغروشني، رئيس اللجنة الوطنية لحماية البيانات في المغرب، في المنتدى، فإن العصر الرقمي يتطلب إعادة تصور أطر الحوكمة لمعالجة نقاط الضعف التي تفاقمت بسبب الأنظمة المترابطة. ويتردد صدى تركيز المنتدى على الأمن السيبراني مع تأكيد بروس شناير في كتابه "البيانات وجالوت" (2015) على أن المجتمعات الحديثة منخرطة في "سباق تسلح" دائم ضد الجهات الخبيثة، حيث تتخلف اللوائح القديمة عن التهديدات السيبرانية المعقدة. ويتماشى دفع المغرب نحو لوائح البنية التحتية القوية مع دعوة شناير إلى سياسات استباقية وقابلة للتكيف. ومع ذلك، وكما أشار هلالي عبد العزيز، رئيس جمعية الإنترنت في المغرب، فإن البنية التحتية وحدها غير كافية. وقد سلط المنتدى الضوء على الحاجة إلى استراتيجيات شاملة للأمن السيبراني تدمج حملات التوعية العامة والتعاون بين القطاعات والاستثمارات في الخبرة الفنية المحلية - وهو اعتراف يعكس توجيه الاتحاد الأوروبي بشأن أنظمة المعلومات الوطنية، والذي يعطي الأولوية لبناء القدرات إلى جانب الصرامة التنظيمية.

ومع ذلك، لا تزال هناك مفارقة: فمع قيام الدول بتحصين حدودها الرقمية لحماية سيادة البيانات، فإنها تخاطر بتفتيت بنية الإنترنت المفتوحة. وتتحرك مناقشات المنتدى بحذر هنا، وتدعو إلى تحقيق التوازن بين ضرورات الأمن الوطني والحفاظ على التشغيل البيني العالمي - وهو التوتر الذي استكشفه ميلتون مولر بعمق في كتابه "هل يتفتت الإنترنت؟" (2017). ويشير نهج المغرب، الذي يؤكد على التعاون الإقليمي داخل أفريقيا، إلى مسار وسط، والاستفادة من قوة المساومة الجماعية دون الاستسلام للتجزئة الرقمية.

يعكس تركيز المنتدى على مكافحة التضليل أزمة معرفية عالمية، حيث حولت عمليات التزييف العميق التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي والتضخيم الخوارزمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى ساحة معركة من أجل الحقيقة. إن تحذير السغروشني من التأثير التآكلي لـ "الأخبار الكاذبة" يستحضر دراسة سوروش فوسوغي الرائدة في عام 2018 في مجلة *العلوم*، والتي كشفت أن الأكاذيب تنتشر أسرع بست مرات من المحتوى الواقعي على منصات مثل تويتر. تعكس خارطة الطريق المغربية، التي تتضمن تعزيز منظمات التحقق من الحقائق وبرامج محو الأمية الإعلامية، الاستراتيجيات المستخدمة في دول مثل فنلندا، حيث تم تسليح التعليم المدني ضد التضليل منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

ومع ذلك، فإن مداولات المنتدى تصارعت أيضًا مع سؤال أكثر صعوبة: كيف يمكن للديمقراطيات تنظيم المعلومات المضللة دون خنق حرية التعبير؟ إن هذه المعضلة، التي تشبه التنقل عبر حقل ألغام معصوب العينين، تؤكد على الحاجة إلى حلول دقيقة. إن الاستخدام المقترح للذكاء الاصطناعي للكشف عن الأخبار المزيفة، على الرغم من أنه واعد، إلا أنه يخاطر بترسيخ التحيزات إذا لم يقترن بالإشراف البشري - وهي قصة تحذيرية مستمدة من تجارب تعديل المحتوى الآلي المعيبة التي أجرتها فيسبوك. هنا، دعا المنتدى إلى نماذج هجينة، حيث تكمل التكنولوجيا - بدلاً من استبدال - الحكم البشري، وهو موقف يتماشى مع إرشادات اليونسكو لعام 2023 بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.

إذا كانت الأمن السيبراني والتضليل يهيمنان على العناوين الرئيسية، فإن الشمول الرقمي يظل البطل المجهول للحكم العادل. إن إصرار عبد العزيز هلالي على أن "البنية التحتية ليست سوى جزء واحد من الصورة" يتحدى السرديات الاختزالية التي تساوي بين الوصول والشمول. وباستحضار أوجه التشابه مع كتاب جان فان ديك "الفجوة الرقمية" (2020)، الذي ينتقد دمج الاتصال المادي مع المشاركة الهادفة، ركز المنتدى على بناء المهارات، والقدرة على تحمل التكاليف، والمحتوى ذي الصلة بالثقافة. وتعكس المبادرات مثل التعريفات المدعومة للإنترنت للمجتمعات المهمشة والأدوات التعليمية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي للأشخاص ذوي الإعاقة التزام المغرب بهذا النموذج.

ويبرز تركيز المنتدى على إنشاء المحتوى المحلي بشكل خاص. ومثلما حدث في الهند،

في الهند، التي أعطت الأولوية لمنصات اللغة العامية لسد الفجوات بين المناطق الحضرية والريفية، يسعى دفع المغرب نحو الخدمات الرقمية المنتجة محليًا إلى مواجهة هيمنة عمالقة التكنولوجيا العالمية. ومع ذلك، كما يحذر إيفجيني موروزوف في كتابه "وهم الشبكة" (2011)، فإن الطوباوية التكنولوجية غالبًا ما تحجب عدم المساواة البنيوية. وقد نجح المنتدى بحكمة في ربط الحلول التكنولوجية بالدعوات إلى إصلاحات سياسية، مثل الحوافز الضريبية للشركات الناشئة في المناطق المحرومة - وهي استراتيجية تشبه مبادرة سافانا السيليكون في كينيا.

كان الذكاء الاصطناعي يلوح في الأفق بشكل كبير في المناقشات، وخاصة إمكاناته لإحداث ثورة في التعليم. وتعكس المقترحات الخاصة بتجارب التعلم المصممة خصيصًا للذكاء الاصطناعي تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لعام 2021 "الذكاء الاصطناعي ومستقبل المهارات"، الذي يتصور أنظمة تكيفية تعمل على إضفاء الطابع الديمقراطي على الوصول إلى التعليم الشخصي. ومع ذلك، لم يخجل المنتدى من الجوانب الأكثر قتامة للذكاء الاصطناعي. إن تخزين بيانات الطلاب وإساءة استخدامها، كما رأينا في فضيحة بروكتوريو في الولايات المتحدة في عام 2022، حيث أثارت المراقبة البيومترية صرخات استنكار بشأن الخصوصية، كان بمثابة مرجع تحذيري. إن التركيز المغربي على أطر الذكاء الاصطناعي الأخلاقية - القائمة على الشفافية والموافقة - يعكس اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي (GDPR)، مما يشير إلى التوافق المتعمد مع أفضل الممارسات العالمية.

كان أبرز ما توصل إليه المنتدى هو دعوته الدؤوبة للتعاون بين أصحاب المصلحة المتعددين. في عصر تتنافس فيه الحكومات والشركات غالبًا على الهيمنة، فإن الإصرار على الشراكات بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني يقدم مخططًا للحوكمة المستدامة. هذه الروح، التي تعكس منتدى حوكمة الإنترنت لعام 2023 في كيوتو، تضع المغرب في موقع القائد الإقليمي في صنع السياسات الرقمية التشاركية.

مع ارتفاع المد الرقمي، أرسى منتدى حوكمة الإنترنت في المغرب الأساس لمستقبل حيث لا تعمل التكنولوجيا كمخرب، بل كقوة ديمقراطية. الرحلة المقبلة محفوفة بالتحديات، ومع ذلك فإن خريطة الطريق التي وضعها المنتدى - والتي تتسم بالبراغماتية والشمولية - تنير الطريق. وعلى حد تعبير هلالي، "الشمول الرقمي ليس رفاهية؛ إنه الأساس لمجتمع عادل". ومن الأفضل للعالم أن يستمع.

**المراجع**

- Schneier, B. (2015). *Data and Goliath: The Hidden Battles to Collect Your Data and Control Your World*. W.W. Norton & Company.

- Vosoughi, S., Roy, D., & Aral, S. (2018). The spread of true and false news online. *Science*, 359(6380), 1146–1151.

- van Dijk, J. (2020). *الفجوة الرقمية*. Polity Press.

- موروزوف، إي. (2011). *وهم الشبكة: الجانب المظلم لحرية الإنترنت*. PublicAffairs.

- اليونسكو. (2023). *إرشادات للذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم والبحث*.

- منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. (2021). *الذكاء الاصطناعي ومستقبل المهارات، المجلد 1: القدرات والتقييمات*.

0 التعليقات: