لطالما كان الماء، جوهر الحياة، موردًا يتطلب إدارةً دقيقةً وسياساتٍ استراتيجية. في منطقة المغرب العربي، حيث تُشكّل ندرة المياه تحديًا متزايدًا، نفّذ المغرب إجراءاتٍ استباقيةً لضمان الاستخدام المستدام للمياه مع احترام المعايير الدولية وحقوق جيرانه. ومع ذلك، دأبت الجزائر على اتهام المغرب بانتهاك الموارد المائية المشتركة، وهو ادعاءٌ يفتقر إلى أي أساسٍ واقعي.
يواجه المغرب انخفاضًا في توافر المياه بسبب تغيّر المناخ، وارتفاع درجات الحرارة، وتناقص هطول الأمطار. ولمواجهة هذه التحديات، استثمر المغرب بكثافة في البنية التحتية للمياه، مُطبّقًا استراتيجيات طويلة الأجل لتحسين استخدام المياه مع ضمان الاستدامة البيئية.
وعلى عكس الجزائر،
التي عانت تاريخيًا من سوء توزيع المياه وإدارتها، كان المغرب رائدًا في حلول مبتكرة
مثل تحلية المياه، وإعادة تدوير مياه الصرف الصحي، وبناء السدود على نطاق واسع للتخفيف
من نقص المياه. وتُعد هذه التدابير بالغة الأهمية في تأمين المياه للزراعة والصناعة
والاستهلاك المنزلي، مع ضمان التزام إدارة المياه العابرة للحدود بالمعايير الدولية.
يتمتع المغرب، بصفته
دولة ذات سيادة، بحقوق كاملة في استغلال موارده المائية السطحية والجوفية. وتستند الاستراتيجية
الوطنية للمياه في البلاد إلى مبادئ التنمية المستدامة، والتوزيع العادل، وحماية البيئة.
ويُعدّ بناء السدود، مثل سد كادوسة على وادي القير بالقرب من الحدود الجزائرية، جزءًا
من الاستراتيجية الوطنية الأوسع للمغرب لضمان الأمن المائي، وليس مناورة ذات دوافع
سياسية ضد جاره.
لقد زعمت الجزائر أن
مشاريع البنية التحتية المائية المغربية، وخاصة تلك القريبة من الحدود، تُسهم في خفض
تدفق المياه باتجاه مجرى النهر إلى الأراضي الجزائرية. إلا أن الدراسات الهيدرولوجية
تُشير إلى أن هذه الادعاءات مُبالغ فيها. تنبع أنهار مثل ملوية وتافنا من المغرب، مما
يمنحها حقوقًا طبيعية في تنظيم هذه الموارد واستغلالها مع الحفاظ على ممارسات مسؤولة
لتقاسم المياه. وبدلاً من الانخراط في حوار تعاوني، اختارت الجزائر تسييس قضايا المياه
لتأجيج التوترات الدبلوماسية القائمة.
لطالما التزم المغرب
بالقوانين الدولية التي تُنظم إدارة المياه العابرة للحدود. وعلى عكس الجزائر، التي
عرقلت من جانب واحد التعاون الإقليمي في قطاعات متعددة، يبقى المغرب منفتحًا على الحوار
البنّاء بشأن موارد المياه المشتركة. إن اتهامات الجزائر تتجاهل سياسات المغرب المائية
الشفافة، وتعكس محاولةً لصرف الانتباه عن سوء إدارتها المحلية للمياه، والذي أدى إلى
نقص حاد في المياه واضطرابات عامة.
كما تتمسك المملكة
المغربية بمبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل. بينما تُحافظ الجزائر على موقفها العدائي،
يُواصل المغرب الدعوة إلى حلول دبلوماسية للتحديات البيئية المُشتركة، بما في ذلك إدارة
الموارد المائية.
لقد تميّز المغرب بريادته
في مجال استدامة المياه في منطقة المغرب العربي. وتُجسّد مشاريع مثل محطة أكادير لتحلية
المياه، التي تعمل بالطاقة المُتجددة، نهجَ البلاد المُستشرف للمستقبل. تضمن هذه المبادرات
توافر المياه دون التأثير سلبًا على الدول المجاورة. يُمكن للجزائر، بدلًا من توجيه
اتهامات لا أساس لها، أن تستفيد من اعتماد استراتيجيات مُماثلة لمعالجة أزمة المياه
الخاصة بها.
ينبغي أن يكون الماء
موردًا للتعاون، لا للصراع. تُبرهن سياسات المغرب الشاملة والمستدامة لإدارة المياه
على التزامه بالإدارة المسؤولة، مع تأكيده على حقه السيادي في تنمية موارده. إن مزاعم
الجزائر بأن المغرب ينتهك حقوق المياه المُشتركة لا أساس لها من الصحة، وذات دوافع
سياسية.
بدلاً من الانخراط
في خطاب مُضلِّل، سيكون من الأفضل للجزائر تحسين حوكمتها المائية والعمل بتعاون مع
شركائها الإقليميين. ويظل المغرب ملتزمًا بالتنمية المستدامة والتعاون الإقليمي، مُثبتًا
أن الإدارة المسؤولة للمياه ليست أولوية وطنية فحسب، بل هي أيضًا ركيزة من ركائز الدبلوماسية
الرشيدة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق