الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأحد، أبريل 20، 2025

"فاس تحتفي بالمعرفة بعد مرور خمسون سنة من التأسيس"


من قلب العاصمة العلمية فاس، وتحديداً بين أروقة كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز، تتردد أصداء الاحتفاء بعقود من العطاء الأكاديمي والمعرفي، حيث تحتفل جامعة سيدي محمد بن عبد الله بمرور خمسين سنة على تأسيسها عبر تظاهرة ثقافية/علمية تحمل اسم "منتدى النشر العلمي والتدبير الثقافي"، وذلك أيام 21 و22 و23 أبريل. هذه المحطة الفكرية، التي اختارت شعار **"50 كتاباً و50 مؤلفاً"**، ليست فقط وقفة تأملية في ذاكرة الجامعة، بل هي أيضاً تعبير عن وفاء المثقف المغربي للكتاب كوعاء للمعرفة ووسيط حي بين الفكر والمجتمع.

الحدث لا يأتي في سياق عابر، بل يتقاطع مع مناسبة اليوم العالمي للكتاب، ليتحول إلى فضاء تلتقي فيه الذاكرة العلمية بالأفق المعرفي، وتُعرض فيه مؤلفات أساتذة الكلية في مختلف الحقول: من علم الاجتماع والنفس، إلى التاريخ والفلسفة، مروراً بالأدب، النقد، واللسانيات، وصولاً إلى قضايا التربية، الديداكتيك والتحقيق العلمي. فسِعة هذه المواضيع لا تعكس فقط غنى البحث الجامعي، بل ترسّخ حضور فكرٍ يزاوج بين التخصص والانفتاح، بين المحلي والكوكبي.

جمال بوطيب، الذي يتولى إدارة النشر العلمي والتدبير الثقافي، وصف المنتدى بأنه تقليد سنوي في طور الترسّخ، هدفه ربط جسور متجددة بين الجامعة والمجتمع. فالجامعة، كما يراها، ليست خزّاناً مغلقاً للمعرفة، بل مَعبرٌ حرٌّ نحو فضاءات القراءة والتفكير والحوار. إن تقديم الكتب ومناقشتها في هذا الإطار لا يُقصد به فقط الإشادة بمجهودات الباحثين، بل التأسيس لثقافة نشر متينة، تُعيد للكتاب الأكاديمي حضوره النوعي وسط الزخم الإعلامي والرقمي المعاصر.

وتشهد هذه التظاهرة مشاركة كوكبة من الباحثين والأكاديميين المرموقين، الذين أغنوا المشهد العلمي المغربي على مدى سنوات، من بينهم محمد مبتسم، أحمد شراك، عبد الرزاق صالحي، الحسين زروق، شكيب التازي، ومحمد البنعيادي، وغيرهم من الأقلام التي تراكمت أعمالها لتشكّل معالم بارزة في الخارطة الثقافية الوطنية.

وإلى جانب اللقاءات الفكرية، يحتضن فضاء الكلية معرضاً نوعياً للكتاب، يستعرض خمسين عاماً من النشر الأكاديمي، ويقدّم أحدث إصدارات المشاركين، في محاولة لتوثيق ذاكرة جماعية جامعة، وتحفيز الجيل الجديد على العودة إلى الكتاب باعتباره بوصلة الفكر، لا مجرد رفّ غبار الزمن.

0 التعليقات: