الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأربعاء، أبريل 30، 2025

أوروبا تتجه لحظر جماعة بوليساريو بعد افتضاح صلاتها الإرهابية: عبده حقي


لم تعد أوروبا تنظر إلى «جماعة البوليساريو بنفس العين التي اعتادت أن تراها بها قبل سنوات. ما كان يُسوَّق طيلة عقود على أنه "حركة تحرير وطنية"، انكشف اليوم تحت مجهر التحقيقات الأمنية الأوروبية، كتنظيم غارق في مستنقعات التطرف، ومتشعب الصلات مع جماعات مسلحة وتنظيمات إرهابية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. المشهد الآن بات أكثر وضوحًا: أوروبا تُراجع أوراقها، وتتهيأ لإغلاق مكاتب الجماعة فوق أراضيها، في خطوة قد تكون بداية النهاية لكيان فقد مبررات وجوده.

التحول اللافت في الموقف الأوروبي لم يأتِ من فراغ. هناك تقارير استخباراتية متقاطعة، أعدتها أجهزة أمنية من دول مختلفة داخل الاتحاد الأوروبي، كشفت عن صلات لوجستية وتمويلية مباشرة بين عناصر قيادية في البوليساريو وتنظيمات مصنفة إرهابية، أبرزها القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وأخرى لها امتدادات في العراق وسوريا واليمن. لم تعد القضية مجرد تهم تُتداول في الأوساط الدبلوماسية، بل تحوّلت إلى وقائع موثقة تفرض اتخاذ قرارات سيادية عاجلة لحماية الأمن القومي الأوروبي.

مصادر عليا في الاتحاد أكدت أن وزراء الداخلية سيعقدون جلسة استثنائية لمناقشة هذا التهديد العابر للحدود، ضمن مخطط أوسع لتعزيز اليقظة الأمنية. أوروبا، التي خبرت ويلات الإرهاب، لا تستطيع أن تتحمل وجود تنظيمات مشبوهة تستفيد من فضائها الديمقراطي ومن مؤسساتها القانونية لتمرير أجندات مشبوهة.

المفارقة أن الجماعة الانفصالية، التي ظلت تدير مقرات في بلجيكا وإسبانيا وفرنسا والسويد وغيرها، كانت تستغل تلك المكاتب للدعاية والتحريض ضد المغرب، وللضغط عبر اللوبيات السياسية والإعلامية داخل الاتحاد. لكنها لم تكن سوى واجهات ناعمة لتنظيم بات يُنظر إليه باعتباره مهددا فعليا للسلم والاستقرار، ليس فقط في المنطقة المغاربية، بل على مستوى القارة الأوروبية ككل.

ليس المغرب وحده من نبّه إلى هذا التهديد منذ سنوات، بل إن مراكز أبحاث ومؤسسات أمنية دولية بدأت خلال السنوات الأخيرة تربط بين أنشطة البوليساريو وبين تجارة السلاح، وتهريب البشر، والاتجار بالمخدرات. وازدادت التحذيرات بعد استخدام أسلحة إيرانية الصنع في هجمات على مدينة السمارة المغربية عام 2023، ما أكد وجود علاقة عضوية بين الجماعة الانفصالية وحزب الله اللبناني المدعوم من إيران.

ولم تعد هذه العلاقة مجرد "اتهام سياسي"، بل مدعّمة بتقارير أمنية أوروبية وأمريكية، تحدثت عن تدريبات عسكرية نُظّمت لعناصر من البوليساريو في سوريا والجزائر بإشراف من خبراء حزب الله، وعن شبكات تمويل تمر عبر قنوات إيرانية غير رسمية.

اليوم، تتصاعد الأصوات داخل أروقة الاتحاد الأوروبي مطالبة بإغلاق تلك المكاتب التي باتت تُعتبر بؤرا محتملة للتطرف، وتضغط دول وازنة داخل الاتحاد لوضع الجماعة على قوائم التنظيمات الإرهابية. بل إن واشنطن نفسها تدرس هذا الاحتمال بجدية، وسط دعوات متزايدة داخل الكونغرس الأمريكي لتصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية أجنبية.

لم يكن هذا الانكشاف الأمني إلا تتويجًا لجهود دبلوماسية مغربية حثيثة، طالما شددت على أن مخيمات تندوف لم تعد مراكز لجوء إنساني، بل تحوّلت إلى مرتع خصب لتجنيد الشباب وتلقينهم خطابات التطرف، في غياب أي رقابة دولية حقيقية. وتحولت شهادات منظمات حقوقية محايدة إلى ناقوس خطر يقرع آذان العواصم الأوروبية.

إن التحول المرتقب في الموقف الأوروبي لا يعني فقط نهاية مرحلة سياسية للجماعة الانفصالية، بل يعني كذلك سقوط آخر الأقنعة التي ارتدتها لشرعنة مشروعها الانفصالي. فحينما تتحوّل "حركة تحرر" إلى ذراع لتنظيمات متطرفة، تسقط عنها صفة النضال، وتصبح جزءا من المعادلة الأمنية الخطيرة التي تهدد السلم الإقليمي والدولي.

وإذا مضت أوروبا قدمًا في تنفيذ هذه الخطوة، فإنها ستكون قد ساهمت في تصحيح خلل مزمن في تعاملها مع ملف الصحراء المغربية، كما ستكون قد أرسلت رسالة واضحة مفادها أن دعم الإرهاب لن

يمر، حتى لو ارتدى عباءة "القضية".

0 التعليقات: