الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


السبت، أبريل 19، 2025

«رعود الأدب تهدر في صحراء اللغة: سيف الرحبي يطلق كتابه الجديد من عمّان»


في عمّان، حيث يلتقي دفء الشعر بنبض الحرف، صدر حديثًا عن دار »الآن ناشرون وموزعون» ديوان جديد للشاعر والكاتب العماني «سيف الرحبي»، حمل عنوانًا عاصفًا كعادة كلماته: «رعود هائمة في الفجاج». كتاب لا يُمكن تصنيفه بسهولة، فهو مزيج حرّ بين القصيدة والنثر واليوميات، تتشابك فيه الأجناس الأدبية ضمن نسيج تعبيري متنوع، كأنما يكتب الرحبي من حدّ الصحراء ومن أطراف الحلم معًا.

ويحمل غلاف العمل نبرة تأملية فلسفية تخترق الأسئلة الكبرى للوجود، حيث نقرأ: 

»كل العالم والكائنات في عبور دائم، وليس الخلود إلا أحد تجليات الوهم البشري... »، جملة تنضح من مناخ الرحبي الشعري المعروف، حيث الزمن ليس إلا ممرًا، واللغة ليست فقط أداة بل خلاصًا مؤقتًا من فوضى الكينونة.

ينتمي هذا العمل الجديد إلى التجربة الغنية التي راكمها سيف الرحبي عبر أكثر من أربعة عقود من الكتابة والتجوال، بين الشعر والمقالة والتأملات والمذكرات. شاعر لا يسكن وطنًا واحدًا بل تشكّل روحه خريطة شاسعة: من القاهرة إلى باريس، ومن دمشق إلى الدار البيضاء، ومن بيروت إلى كولونيا. كل مدينة تترك ندبة أو ضوءًا في أعماله، وكل لحظة تتخلّق في نصّ مشبع بالتأمل والاغتراب.

ومن أبرز أعماله السابقة نذكر: *»نورسة الجنون»، «رأس المسافر»، «ذاكرة الشتات»، «يد في آخر العالم»، «الصيد في الظلام»، «أرق الصحراء»، «نسور لقمان الحكيم»،* وغيرها من المؤلفات التي جعلت من الرحبي صوتًا مركزيًا في الشعر العربي الحديث، وصاحب تجربة متفردة في تجسيد القلق الوجودي عبر سرديات مفتوحة على اللغة والمجاز والمكان.

وقد تُرجمت مختارات من أعماله إلى لغات عدّة، ما ساهم في توسيع صدى صوته خارج حدود اللغة العربية، ليصبح شعره مرايا عالمية للقلق الإنساني في زمن مضطرب.

نال «سيف الرحبي» جائزة «السلطان قابوس التقديرية للثقافة والفنون والآداب» في دورتها الثانية عام 2013 في مجال الشعر العربي الفصيح، إلى جانب أوسمة وتكريمات أخرى في العالم العربي، ليظلّ اسمه منقوشًا في الذاكرة الأدبية ككاتب لا يهادن، وشاعر لا يطمئن للسكون.

*»رعود هائمة في الفجاج»* ليس فقط عنوانًا جديدًا في رفّ مكتبة الرحبي، بل امتدادٌ لصوته المتوهج، حيث الكلمة تُمطر، والقصيدة تتيه، والمكان يكتب ذاكرته بيد شاعرٍ يمشي على جمر المعنى.

0 التعليقات: