أصدر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات مؤخرًا كتابًا بعنوان "أدب السجون السوري: بويطيقا حقوق الإنسان"، من تأليف الباحثة ريبيكا شريعة طالقاني وترجمة الكاتب السوري حازم نهار، ويقع في 312 صفحة. يعالج هذا العمل النقدي الجريء قضايا معقدة تتقاطع فيها الإبداع الأدبي مع الأسئلة الكبرى المتعلقة بالكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان، مستندًا إلى نماذج مختارة من الرواية والسيرة والمسرح والشعر وغيرها من الأجناس الأدبية التي نشأت داخل التجربة القمعية السورية.
لا ينشغل الكتاب بتأريخ السجون السورية أو بتوثيق مباشر لانتهاكات حقوق الإنسان، كما لا يستعرض نشاطات الحركات الحقوقية، بل يتوجه إلى ما هو أبعد من التوثيق، حيث يتمحور حول القراءة الأدبية للنصوص التي أنتجها المعتقلون أو عنهم، باعتبارها أدوات تعبير تعيد بناء المفاهيم الحقوقية من داخل التجربة المأساوية ذاتها. فالكاتبة تؤكد أن من بين جدران الزنازين تولد أصوات قادرة على إعادة صياغة منظومة حقوق الإنسان، وطرح رؤية نقدية للنظام الدولي القائم، انطلاقًا من معاناة عارية ومقاومة ناعمة ولكن عميقة التأثير.
ريبيكا طالقاني، أستاذة مساعدة ومديرة دراسات الشرق الأوسط في كلية كوينز بجامعة مدينة نيويورك، تركّز في أبحاثها على التقاء المقاومة السياسية مع الإنتاج الثقافي في العالم العربي، وقد سبق أن شاركت في تحرير أعمال حول المثقفين ودورهم في المشهد السياسي والثقافي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. أما المترجم حازم نهار، فهو كاتب وباحث سوري في الشؤون السياسية والثقافية، نشر عددًا من الكتب المهمة، وساهم بترجمات عززت فهم المشهد السوري في مرحلة ما بعد الثورة، معتمدًا مقاربة تحليلية تجمع بين العمق النظري والحس النقدي.
يُعد هذا الكتاب إسهامًا معرفيًا نوعيًا في مجال الدراسات الثقافية والحقوقية، إذ يمنح أدب السجون السوري موقعًا مركزيًا في النقاش العالمي حول العدالة والحرية، بوصفه نصًا مقاوِمًا يحمل بذور إصلاح عالمي قادم قد يزعزع استقرار السلطات القمعية، أو على الأقل يُضيّق هامش نجاتها من المحاسبة. فالكلمة، حين تخرج من الظلام، لا تكتفي بتسجيل الألم، بل تفتح كوةً نحو التغيير.
هل ترغب بإدراج فقرة ختامية تأملية أو اقتباس من إحدى الروايات السجنية السورية؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق