الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


السبت، أغسطس 30، 2025

" رباعيات لا يعبرها الفهم" (8) شعر عبده حقي


1

أستيقظُ وفي فمي ريحٌ غريبة،

أمدّ يدي فأجدها تتحوّل إلى سلّمٍ دخان،

أصعدُ عليه إلى داخلي،

فأكتشف أنّني شرفة مفتوحة على بحرٍ لم يولد بعد.

2

أمشي في حنجرتي كأنّها طريق،

الأحرف تسقط مثل أمطار من ملح،

أذوب فيها وأضحكُ مثل طائرٍ بلا منقار،

كأنّني صدى يركض وراء نفسه.

3

في الليل تنام قدماي تحت السقف،

بينما رأسي يزرع قمراً في الرمل،

أكتب بلساني وصيّة للغيوم،

ثم أضعها في جيبِ حائطٍ يتنفّس.

4

ألمسُ وجهي فلا أجده،

أجد بدلاً منه باباً من عظام،

كلّما فتحته صرختُ: أنا هنا،

لكنّي أسمع صوتاً آخر يضحك مكانِي.

5

أحملُ ساعةً تبتلع أصابعي،

أضعها على صدري فتتحوّل إلى نافذة،

أطلّ منها فأرى طفولتي تُشعل أعواد كبريت في البحر،

وأنا أصفّق لها كي لا تنطفئ.

6

أحلمُ أنني شجرة بلا ظل،

أصيرُ مرآةً لطيورٍ لا تعرف التحليق،

أمدّ جذوري في فراغٍ شاحب،

فتعود إليّ على هيئة موسيقى تُنكر اسمها.

7

أجلس في مقعدٍ مصنوع من الغبار،

أحادث ظلّي فيتثاءب وينقلب سمكة،

أمسك به فيذوب مثل حليبٍ أسود،

وأبقى أنا مجرد كرسيّ يتذكّر.

8

أفتح فمي فتخرج مدينة،

شوارعها من أحلامٍ مبتورة،

بيوتها تنادي عليّ بأسماء لم أتعلّمها،

فأغلق فمي كي لا ينهار السقف فوق حنجرتي.

9

أكتبُ بكفّي، لكن الحروف تهرب إلى ركبتي،

أصرخ فيها فتضحك وتتحوّل إلى مرايا،

أركض خلفها حتى أسقط في داخلي،

وأكتشف أنّني مجرّد جملةٍ يتيمة في كتابٍ فارغ.

10

أجلس في حضن الليل وأشرب نجمة،

تذوب في حلقي مثل حبة رصاص،

أبتسم وأنا أنفجر من الداخل،

وأتناثر على شكل موسيقى لا يسمعها أحد.

0 التعليقات: