فِي يَومِهِ الثَّقافِيِّ، تَتَواصَلُ فِي المَغْرِبِ حَرَكَةٌ فَنِّيَّةٌ وَأَدَبِيَّةٌ نَشِطَةٌ تُضِيءُ مَشَاهِدَ المَلَاكَاتِ الإِبْدَاعِيَّةِ مِن مَرَّاكُشَ إِلَى الرِّبَاطِ. فَقَدِ اخْتُتِمَ مُهْرَجَانُ الشِّعْرِ المَغْرِبِيِّ السَّابِعُ فِي مَرَّاكُشَ خِلَالَ أُسْبُوعَيْنِ مَاضِيَيْنِ بِنِقَاشَاتٍ وَقِرَاءَاتٍ جَمَعَتْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاعِرًا وَبَاحِثًا، فِي تَثْبِيتٍ لِحُضُورِ الشِّعْرِ كَجِسْرٍ بَيْنَ الأَجْيَالِ وَاللُّغَاتِ، بَيْنَ الفَصْحَى وَالدَّارِجَةِ وَالأَمَازِيغِيَّةِ. وَفِي السِّياقِ نَفْسِهِ، فَتَحَتْ وَزَارَةُ الثَّقَافَةِ بَابَ التَّرْشِيحَاتِ لِجَائِزَةِ الكِتَابِ لِعَامِ ٢٠٢٥ طِوَالَ شَهْرِ أُكْتُوبِرَ، فِي إِشَارَةٍ إِلَى رَغْبَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ فِي تَشْجِيعِ النَّقْدِ وَالتَّأْلِيفِ وَالتَّرْجَمَةِ وَتَثْمِينِ حِرْفَةِ الكِتَابَةِ. هَذِهِ الدَّوْرَةُ المَحَلِّيَّةُ تَتَقَاطَعُ مَعَ حِرْصٍ مُوازٍ عَلَى تَغْذِيَةِ الثَّقَافَةِ البَصَرِيَّةِ وَالفُنُونِ بِحِرْفِيَّةٍ عَالِيَةٍ تُوَاصِلُ مَرَّاكُشُ وَالمَدُنُ الكُبْرَى حَمْلَ مِشْعَلِهَا.
وَعَلَى مُسْتَوَى
العَالَمِ العَرَبِيِّ، يَسْتَمِرُّ صَدَى الحِرَاكِ القِرَائِيِّ وَالمَسَارِحِيِّ
فِي التَّأْثِيرِ؛ فَمُنَافَسَةُ «تَحَدِّي القِرَاءَةِ العَرَبِيِّ» تُتَوِّجُ تِوْأَمَيْنِ
تُونِسِيَّيْنِ ابْنَتَيْ الاثْنَي عَشَرَ عَامًا بَعْدَ قِرَاءَةِ مِئَاتِ الكُتُبِ،
فِي مَشْهَدٍ يُثْبِتُ أَنَّ العَادَةَ القِرَائِيَّةَ لَدَى النَّاشِئَةِ غَيْرُ قَابِلَةٍ
لِلتَّقَاعُسِ. وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، تُعْلِنُ مَشَارِيعُ «المَكْتَبَةِ العَرَبِيَّةِ
الرَّقْمِيَّةِ» تَسْرِيعَ النُّفُوذِ الإِلِكْتْرُونِيِّ لِلنُّصُوصِ وَالدِّرَاسَاتِ
مَعَ بِنْيَةٍ تَحْتِيَّةٍ لِلتَّوْزِيعِ وَالتَّحْلِيلِ البَيَانِيِّ، فِي تَقَدُّمٍ
يَعِدُ بِنَمْذَجَةِ السُّوقِ وَتَسْهِيلِ وُصُولِ القُرَّاءِ عَبْرَ اللُّغَاتِ وَالقَارَّاتِ.
وَفِي الفُنُونِ الأَدَائِيَّةِ، يَبْرُزُ حُضُورُ العَرَبِيَّةِ عَلَى خَشَبَاتِ الفِرَنْسِيِّينَ
فِي مَهْرَجَانِ أَفِينْيُونْ، فِي تَجَارِبَ عَابِرَةٍ لِلحُدُودِ تُحَاوِلُ إِعَادَةَ
تَعْرِيفِ الصُّورَةِ وَالكَلِمَةِ العَرَبِيَّتَيْنِ فِي الفَضَاءِ الأُورُوبِّيِّ.
وَإِفْرِيقِيًّا، تَلْمَعُ
المَوْسِمِيَّةُ الفَنِّيَّةُ فِي غَرْبِ القَارَّةِ بَيْنَ لَاغُوسَ وَدَاكَارَ وَأَكْرَا،
فَمَعَ ارْتِفَاعِ وَتِيرَةِ المَعَارِضِ وَالأُسْبُوعَاتِ الفَنِّيَّةِ تَتَكَاثَفُ
الفُرَصُ لِفَنَّانِينَ شَبَّانٍ وَمُصَمِّمِينَ يُحَاوِلُونَ رَسْمَ مَعَالِمِ جَمَالِيَّةٍ
جَدِيدَةٍ. وَعَلَى مُسْتَوَى السِّيَاسَاتِ الثَّقَافِيَّةِ، تَدْفَعُ مُؤَسَّسَاتٌ
إِفْرِيقِيَّةٌ نَحْوَ تَمْوِيلٍ أَشْمَلَ لِصَنَاعَاتٍ إِبْدَاعِيَّةٍ تَنْمُو بِسُرْعَةٍ،
مَعَ نِدَاءَاتٍ لِشُرَكَاءِ العِشْرِينَ لِدَعْمِ هَذَا القِطَاعِ فِي قِمَّةِ «زِيمْبَالِي».
وَعَالَمِيًّا، يَتَجَدَّدُ جَدَلُ التَّقَاطُعِ بَيْنَ الفَنِّ وَالسِّيَاحَةِ وَحُقُوقِ
الإِنْسَانِ مَعَ اسْتِقْطَابِ مَهْرَجَانَاتٍ كُومِيدِيَّةٍ كِبَارًا مِنْ أَسْمَاءِ
العُرْضِ، فِي مَشَاهِدَ تَعْكِسُ تَحَوُّلَ المِنْصَّاتِ التَّرْفِيهِيَّةِ إِلَى
مَسَارِحَ لِلتَّفَاوُضِ الثَّقَافِيِّ وَالأَخْلاقِيِّ.
أَمَّا فِي مَجَالِ
الصَّحَافَةِ وَالإِعْلَامِ وَالتِّكْنُولُوجْيَا وَالرَّقْمَنَةِ وَالذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ،
فَقَدْ أَعْلَنَ المَغْرِبُ عَنْ بَرْنَامَجٍ وَطَنِيٍّ لِتَدْرِيبِ الأَطْفَالِ عَلَى
المَهَارَاتِ الرَّقْمِيَّةِ وَمُقَدِّمَاتِ الذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ فِي إِطَارِ
«المَغْرِبِ الرَّقْمِيِّ ٢٠٣٠»، وَهُوَ اسْتِثْمَارٌ تَعْلِيمِيٌّ مُبَكِّرٌ يَبْنِي
قُدُرَاتِ الجِيلِ القَادِمِ عَلَى الفَهْمِ وَالإِنْتَاجِ لَا عَلَى الاسْتِخْدَامِ
فَقَطْ. وَعَرَبِيًّا، تَدْفَعُ دُوَلٌ خَلِيجِيَّةٌ بِوُضُوحٍ نَحْوَ تَوْطِينِ التِّقْنِيَّاتِ
الذَّكِيَّةِ وَتَوْسِيعِ الاسْتِثْمَارَاتِ؛ مِنْ إِعْلَانَاتٍ بِشَأْنِ إِدْرَاجَاتٍ
مُزْدَوِجَةٍ لِشَرِكَاتِ ذَكَاءٍ إِصْطِنَاعِيٍّ إِلَى صَفَقَاتِ اسْتِحْوَاذٍ وَشَرَاكَاتٍ
مَعَ عِمْلَاقَاتِ الحَوْسَبَةِ، فِي رُؤْيَةٍ تُرِيدُ رَبْطَ الرِّأْسْمَالِ بِالمَعْرِفَةِ
وَالمَوَارِدِ البَشَرِيَّةِ العَالِيَةِ التَّأْهِيلِ. وَإِفْرِيقِيًّا، يَظْهَرُ
رِيَادِيُّونَ جُدُدٌ بِمُنْتَجَاتٍ مَوْجَّهَةٍ لِبِيئَاتِ القَارَّةِ – مِثْلَ بِنَاءِ
تَطْبِيقَاتٍ مَدْعُومَةٍ بِالذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ تُبَسِّطُ التَّطْوِيرَ –
وَهُوَ تَوَجُّهٌ يَتَنَاغَمُ مَعَ أَجِنْدَاتِ قِمَمٍ إِفْرِيقِيَّةٍ تُرِيدُ جَسْرَ
الفَجْوَةِ الرَّقْمِيَّةِ. وَعَالَمِيًّا، تُؤَكِّدُ شَرِكَاتٌ كُبْرَى فِي الإِلِكْتْرُونِيَّاتِ
وَالحَوْسَبَةِ أَنَّ طَلَبَ السُّوقِ عَلَى حُلُولِ الذَّكَاءِ يَتَخَطَّى العَرْضَ
القَائِمَ، مَعَ قَنَاعَةٍ بِأَنَّ دَوْرَ الذَّكَاءِ لَيْسَ فُقَّاعَةً، بَلْ طَفْرَةً
بِنْيَوِيَّةً فِي سِلْسِلَةِ الإِنْتَاجِ وَالاِسْتِهْلَاكِ الرَّقْمِيَّيْنِ.
وَفِي «الأَدَبِ الرَّقْمِيِّ»،
يَتَصَاعَدُ حِسُّ المُجْتَمَعَاتِ الأَدَبِيَّةِ بِالحَاجَةِ إِلَى مَنْصَّاتٍ وَأُطُرٍ
تُوَحِّدُ التَّجَارِبَ وَتَضْمَنُ الأَرْشَفَةَ وَالتَّوْزِيعَ؛ فَالإِعْلَانُ عَنْ
«المَكْتَبَةِ العَرَبِيَّةِ الرَّقْمِيَّةِ» يَفْتَحُ نَافِذَةً لِقِرَاءَاتٍ وَدِرَاسَاتٍ
مَنْشُورَةٍ بِالعَرَبِيَّةِ تَصِلُ إِلَى العَالَمِ بِنُظُمٍ شَفَّافَةٍ لِلْعَائِدَاتِ
وَقِيَاسِ التَّوَاصُلِ مَعَ القُرَّاءِ. وَعَلَى صَعِيدِ الإِلِكْتْرُونِيِّ الدُّوَلِيِّ،
تُواصِلُ مُؤَسَّسَاتُ «الأَدَبِ الإِلِكْتْرُونِيِّ» إِطْلَاقَ جَوَائِزَ الدَّوْرَةِ
الجَارِيَةِ وَفَتْحَ بَابِ التَّرْشِيحِ لِمَجْمُوعَاتٍ جَدِيدَةٍ، فِيمَا يَتَعَاظَمُ
حُضُورُ النُّصُوصِ الهَجِينَةِ بَيْنَ الغِنَاءِ البَيَانِيِّ وَالبَرْمَجَةِ وَالتَّفَاعُلِ.
وَإِذْ تَتَسَرَّبُ ثِيمَاتُ الذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ وَسُؤَالُ المُؤَلِّفِ وَالمِلْكِيَّةِ
إِلَى مَسَابِيقِ التَّرْجَمَةِ وَقَوَائِمِ الكُتُبِ العَالَمِيَّةِ، يَبْدُو الأَدَبُ
العَالَمِيُّ أَكْثَرَ تَحَفُّزًا لِاسْتِقْبَالِ رِوَايَاتٍ تُجَرِّبُ بِنْيَاتِ السَّرْدِ
وَتُرَاجِعُ عِلَاقَتَنَا بِالنَّصِّ وَقَارِئِهِ. وَفِي العَالَمِ العَرَبِيِّ وَإِفْرِيقْيَا،
تَتَكَاثَفُ مُبَادَرَاتُ القِرَائَةِ وَالقِيَاسِ اللُّغَوِيِّ الرَّقْمِيِّ، مِنْ
تَتْوِيجٍ لِطُلَّابٍ نَاجِحِينَ فِي المُسَابَقَاتِ القَارِّيَّةِ، إِلَى شَرَاكَاتٍ
لِتَطْوِيرِ مَقَايِيسِ الفَصَاحَةِ وَالكِفَايَاتِ اللُّغَوِيَّةِ بِوَسَائِلَ بَيَانِيَّةٍ
وَرَقْمِيَّةٍ مُحَدَّثَةٍ. هَكَذَا تَتَجَسَّدُ الخَارِطَةُ: نُصُوصٌ تَكْتُبُ نَفْسَهَا
عَبْرَ خُطُوطِ الكُودِ، وَقُرَّاءٌ يَنْتَقِلُونَ بَيْنَ الكِتَابِ وَالشَّاشَةِ دُونَ
أَنْ يَفْقِدُوا جَوْهَرَ الحِكَايةِ.
وَبَيْنَ هَذِهِ المَسَارَاتِ
كُلِّهَا، يَبْقَى اليَوْمُ الثَّقَافِيُّ مُشْتَرَكًا بَيْنَ مَغْرِبٍ يُحَضِّرُ جِيلَهُ
الرَّقْمِيَّ، وَعَالَمٍ عَرَبِيٍّ يَرْفَعُ سُقُوفَ القِرَاءَةِ وَالحُضُورِ المَسْرَحِيِّ،
وَإِفْرِيقْيَا تُنَافِسُ فِي فُنُونِهَا وَتِقَانَاتِهَا، وَكَوْكَبٍ يَخْتَبِرُ مَعَ
الذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ صِيَغًا جَدِيدَةً لِلسَّرْدِ وَالإِنْتَاجِ وَالتَّوْزِيعِ.
هُوَ يَوْمٌ يَرْتَفِعُ فِيهِ صَوْتُ الفَنِّ كَمَا تَرْتَفِعُ خُوُذَاتُ المَعْرِفَةِ
الرَّقْمِيَّةِ، وَتَتَقَاطَعُ فِيهِ الحُرُوفُ مَعَ الخُوَارِزْمِيَّاتِ دُونَ أَنْ
يَتَخَلَّى الأَدَبُ عَنْ قَلْبِهِ النَّابِضِ: الإِنْسَانِ.
تَوْقِيعٌ: عَبْدُهُ
حَقِّي







0 التعليقات:
إرسال تعليق