الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصص قصيرة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصص قصيرة. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، مايو 20، 2025

"قارئة أوراق اللعب" نص سردي : عبده حقي


في ساحة جامع الفنا، جلست والخوف بعينيها . لم تكن امرأة، بل كانت مرآة مكسورة تنبت من تحت المظلة الحمراء، وتمدّ لي يدًا لا تعرف الفرق بين الخطوط المتقاطعة في راحتي، وخريطة المغرب ما بعد انهيار الجاذبية. كانت تضحك، لكن الضحكة لم تكن تندلق من فمها بل من جوربها المرقّع بلون السحر، وكانت الأوراق تتقلب وحدها كأن الهواء قد قرأ نيّتي في العشق.

الأربعاء، أبريل 23، 2025

مكناس: أرجوحةٌ في رئة الزمن:عبده حقي

 


كنتُ أمشي في الحلم، وكلما رفعتُ قدمي، تحوّلت الأرض تحتها إلى بلاط مبلّل بندى السبعينات. لا أدري إن كنت أعبر الأزقة أم أن الأزقة هي من كانت تعبرني، تخترقني مثل أنفاس جدّتي وهي تقرأ تعاويذ الصباح قرب نافذة لا تطل إلا على صمت السنين.

الأربعاء، أبريل 16، 2025

"غيتار يطفو... وإصبع يلوّح للعدم" نص سردي : عبده حقي


في زقاق ضيّق من أزقة مدينة لا تظهر على خرائط غوغل، جلسنا على طرفي طاولة زجاجية تطفو في الهواء. أحدنا كان يلوّح بإصبعه للعدم كما لو أنه يؤنّب غيمة عابرة، والآخر يعزف نغمة منسية على غيتار من خشب الذاكرة. لم تكن الطاولة موضوعة على أرض، بل كانت تطفو بثقة بين طبقات الضوء، وكانت خلفية المشهد لوحة زيتية لا تكتمل إلا إذا نظرنا إليها مغمضي العينين.

الأحد، أبريل 06، 2025

جراحات طوبقال القديمة 1979 :عبده حقي


كنت أمشي في الحلم كأنني أجرّ سماءً قديمة من عنقي، برباط جلد جمل لم يعد له جسد، ولا أحد يسألني عن اسمي لأن الأسماء تسقط من الذاكرة كالأوراق اليابسة في صيف لا يعرفه المطر. الصورة التي التقطها الهواء لي في طوبقال ذات ظهيرة غامضة لم تكن سوى اعترافا صامتا من الجبل بأنني دخيل هناك ، كائن زئبقي يذوب في نظرات الرعاة ولا يلتصق بالحجارة.

الجمعة، أبريل 04، 2025

البيت الذي لم أكن أعلم أنني أسكنه: عبده حقي


كان من الصعب علي أن أصدق أن الأمر كله بدأ برغبة بسيطة في الهروب، حاجة شبه بدائية للفرار من اضطراب أفكاري . لقد غادرت دون أي نية محددة، وكأنني ألقي زجاجة في البحر، تدفعني ريح قديمة متقلبة هبت من حدود ذاكرتي. هكذا وجدت نفسي، ذات

السبت، مارس 15، 2025

أقسى المتلازمات صفحة فارغة : عبدو حقي


صفحة بيضاء، لكنها ليست فارغة. إنها حقل من الاحتمالات المتجمدة، تتردد فيها الكلمات كطيور مهاجرة فقدت بوصلتها. يزداد حبر قلمي كثافة .. رفضًا صامتًا.

الأربعاء، مارس 12، 2025

"حلم الأفق المسروق" نص سردي : عبدو حقي


حلمت أنني أعيش في مدينة لم تعد موجودة. صحراء تحولت فيها البيوت إلى ظلال، وتلاشت الشوارع بفعل الرياح.

في هذا الحلم، كان اسمي سمير، لكنني لم أعرف إذا كان هذا هو اسمي حقًا.

الاثنين، مارس 10، 2025

أمشي وكأنني شخص آخر، المكان كله ملكي: عبده حقي


في الغرفة المجاورة، تتأرجح غابة من الرموش من السقف. تومض في انسجام، كل رمش هو ريشة تخط السوناتات على الجدران.

القصائد غير مقروءة، مكتوبة بخط الندوب. يظهر مكتب، مكدس بالمفاتيح - صدئة، بلورية، بعضها لا يزال مبللاً بالدم. أضع مفتاحًا في جيبي، لكنه يتلاشى في تنهد.

الثلاثاء، فبراير 04، 2025

"همسات أبو الهول" نص سردي عبدو حقي

 


كانت السماء معلقة فوق الصحراء مثل غطاء علبة مجوهرات منسية، وكان الضوء يتلألأ في جوانب من الفضة والغبار القديم. كنت أسير، أو بالأحرى، يقودني تيار غير مرئي، عبر فم الزمن المتثائب. كانت الأهرامات تلوح أمامي، ليس كنصب تذكارية، بل ككائنات واعية تتمتم بالأسرار بلغة الرمال المتحركة.

"خَيَالُ" وَ"سِيَاسَاتُ" نَصٌّ سَرْدِيٌّ: عَبْدُو حَقِّيِّ

في مطار كازابلانكا، كنت أشعر كأنني مسافر إلى حلم يتكور في فنجان قهوة سوداء... العيون، الأجساد، النداءات المتكررة عبر الميكروفون، كلها أصوات تتداخل في متاهة من الرغبات الجامحة .

عندما أقلعت الطائرة، شعرتُ أنني أغادر نفسي وليس وطني ، كأن روحي بقيت على الأرض تتأمل الجناحين اللذين يخترقان قطعان الغيوم السوريالية . اختلط العالمان الأزرقين: السماء والمحيط، حتى لم يعد هناك فرق بينهما، وكأنني أسبح في عين عملاقة تحدق في قامتي منذ الأزل.

في مطار حيدر علييف بالعاصمة باكو، حولني الشعور الغريب الذي تسلل إلى جسدي كما يتسلل الصقيع إلى العظام في صباحات جبال القوقاز الباردة. كنتُ حائراً، مندهشاً، كأنني ولدتُ للتو في عالم غير مألوف.

عند بوابة الوصول، بدا لي الشاب التقني المرشد، أسمر .. طويل القامة يحمل ورقة بيضاء كبيرة مكتوب عليها اسمي بحروف لاتينية واضحة. لم يكن رجلاً عادياً، بل كان كائناً برزخياً، بين الحاضر والماضي، بين الشرق والغرب. عانقني كما لو أنه يعرفني منذ الأزل، وهمس في أذني بترحيب دافئ:

" مرحبا بك في العاصمة باكو."

سألته إن كان من "إدريبيدجان "، لكن جوابه كان أكثر غموضاً مما توقعت:

" أنا من مواليد باكو، لكن والدي من اليمن. عمل هنا أستاذا للغة العربية، كان يهوى الشعر الصوفي وقراءة الطالع عبر النجوم ."

في الفندق، كان الصمت يحيط بي كحزام أمان غير مرئي. كنت أتأمل السقف الشاهق ، وأحاول فك شفرة هذه المدينة التي تخفي أسرارها خلف واجهاتها الزجاجية البراقة.

في الغد، خرجنا لنكتشف العاصمة باكو الفاتنة ، تلك المدينة التي تحب الاختباء تحت طبقاتها المتعددة، مثل كتاب تُقلب صفحاته في اتجاهات متعاكسة.

ضريح فاطمة الزهراء بنت الكاظم كان نقطة البداية، صمت مقدس يحيط بالمكان، كأن الأرواح لا تزال هنا تهمس بأدعية قديمة. بعدها، غادرنا إلى المتحف العصري، الذي يتمدد كقناة برونزية مزخرفة كما لو أنه يحاول أن يفر من الزمن.

عند الماركت الذي يشبه وردة ضخمة، شعرت وكأنني أتنقل بين الأزمنة، فالروائح المختلطة تحملني إلى أسواق بغداد في العصر العباسي، وأحياناً إلى أسواق فاس أو مراكش في ليالي الصيف.

ثم عرجنا على سلالم بانوراما المدينة، رأيتُ العاصمة باكو من السماء تتنفس، تمتد ككفّ مفتوحة أمام البحر، وكأنها في حوار سري مع الأفق.

بعد ثلاثة أيام قضيناها في باكو ، انطلقنا عبر الطريق الجبلي السيار نحو مدينة "قابالا" . في الطريق، كانت جبال القوقاز تلوح كجدران عظيمة تحرس هذا الجزء من العالم. كانت الجبال مغلفة بطبقات سميكة من الثلوج ، تبدو ككائنات نائمة تنتظر إيقاظها من قبل رحالة مغربي مغامر. ركوب التيليفيريك للوصول إليها كان أشبه بتحليق في الذاكرة، حيث تلتقي الأرض بالسماء عند نقطة غير مرئية.

عند الظهيرة دخلنا مطعما قديما حيث تناولنا "ملك المطبخ الأذربيجاني"، أي الـ"بيلاف" ثم بعد ذلك طبقاً أثرياً يشبه الأطباق التي يعدها البدو القوقازيين، مزيج من اللحم والتوابل والنار. كان الطعام يحمل نكهة الزمن، كأنني ألتهم حكاية منسية في كل لقمة.

من "قابالا" إلى "قوبا"، الطريق كان كحبل مشدود بين جبلين، وبينهما الريح تعزف مقطوعتها الأبدية. كلما اقتربنا من الحدود الروسية، كنت أشعر أنني أتجاوز الزمن لا المكان.

في قرية "قوبا"، رأينا ألسنة الجبال تلحس السحب، جوالها الشاملة تستدعي روح المغامرة. كان السائق شاباً إدرياً يدعى "خيال"، ذو ملامح عربية .. يدخن بشراهة، عيناه غارقتان في رماد لا يُنطفأ. كان لبيباً، دمث الأخلاق، خجولا ومطواعاً لا يتردد في تلبية رغباتي السفرية. لم يكن مجرد سائق، كان رفيق رحلة، شاهداً على تاريخ لم يُحكَ بعد.

حكى لي أنه كان عسكرياً في الجيش الإدريبيدجاني ، قاتل بشراسة ووطنية عالية في حرب كاراباخ الأخير قبل أربع سنوات ، وترك جزءاً من حياته هناك، وساحة معركة لا تزال مشتعلة في ذاكرته. أصيب بجروح بليغة في صدره، دخل على إثرها في غيبوبة طويلة دامت ستة أشهر. ستة أشهر في العدم، بين الموت والحياة، لا يدري إن كان جسده يخون روحه أم العكس.

كان من حين لآخر، وبينما الدخان يتصاعد من سيجارته كذكرى معلّقة في الهواء، يرسل تنهيدة طويلة ويقول لي مبتسما :

 "سياسات..."

تكررت هذه الكلمة الرامزة كصدى في رأسي، شعرتُ بها كأنها مفتاح لفهم شيء أكبر وأعمق ، شيء يتجاوز الحدود والجنسيات، شيء يشبه السفر نفسه: عبور لا نهائي بين عوالم متشابكة.

عند بلغنا حدود روسيا، وقفنا للحظات طويلة ، كنا على بعد دقائق من عبور خط غير مرئي، يفصل بين عالمين. أمامنا روسيا، وخلفنا أذربيجان، وعلى جانبي الطريق آثار العهد السوفييتي: قرى هادئة ومدثرة في أكفانها البيضاء السميكة ، بقايا دبابات، شاحنات عسكرية رابطة على جنبات الطرق، ونساء يرتدين معاطف ثقيلة يتوجهن إلى الحقول والأسواق الصغيرة.

في تلك اللحظة، شعرت كأنني في مشهد سينمائي، حيث تتداخل الأزمنة، وتذوب الحدود، ويصبح السفر تجربة تتجاوز تضاريس الجغرافيا. الأطفال يركضون تحت زخات المطر، أقدامهم تدعدغ الطين، ووجوههم تحمل براءة العالم الصقيعي قبل أن يلوثه الزمن.

كانت السيارة تهتز بنا تحت المطر، بينما صديقي "خيال" يروي قصصاً عن أيام الاتحاد السوفييتي، عن شاحنات محملة بالقمح كانت تعبر الجبال تحت حراسة مشددة، وعن قرى تلاشت مع الوقت كما تتلاشى أسماء الجنود في كتب التاريخ. كانت كلماته تتسلل إليّ مثل ضوء خافت في نفق بعيد، تذكرتُ فجأة نداءه لي من حين لآخر "خويا" ، ضحكته التي تشبه شقاً في سماء مكتظة بالغيوم.

عندما توقفنا عند مفترق الطرق بين روسيا وجورجيا، نزلتُ للحظات وصرت أتأمل الأفق الأرجواني. تذكرت أنني لم أخبره بأنني رحلت. لم أرسل له رسالة، لم أترك أثراً خلفي. ربما كان ينتظرني في مكان ما، على حافة قارة أخرى، أو ربما كان مجرد ظل يلاحقني في انعكاسات النوافذ الزجاجية.

عند عودتي إلى العاصمة باكو، جلست في مقهى يطل على بحر قزوين. الموج كان يرسل رسائله إلى الشاطئ، كأنه يحاول التحدث بلغة قديمة لا يفهمها إلا من فقد وطناً مثلي.

كانت رحلتي مزيجاً من الزمن، الجغرافيا، والوجوه التي حملتني في طياتها. لقد حاذيتُ ثلاثة حدود، كنتُ قريباً من روسيا، على بعد ثلاث ساعات من جورجيا، وساعتين من إيران. لكن المسافة الحقيقية لم تكن بين البلدان، بل بيني وبين وطني الأم.

"خويا"، قلتها ل"خيال" بصوت خافت. ربما كان عليّ أن أبحث عنه في وجوه الغرباء، في طرقات القوقاز، أو في عيون الأطفال تحت المطر.



الاثنين، فبراير 03، 2025

حلم في الدروب البركانية: نص سردي عبدو حقي


امتد الليل فوق السماء مثل قطعة قماش مخملية مشبعة بالفوسفور، وعرفت - قبل أن يخونني إحساسي - أنني لم أعد في العالم الأرضي. استيقظت مقيدًا بالسلاسل إلى العمود الفقري المصنوع من حجر السج لجبل يهمس بألسنة لا تفهمها إلا النار. كانت

السبت، فبراير 01، 2025

"الرجل الذي حصد حقل السماء" نص سردي عبدو حقي


كان يوما تشققت فيه السماء مثل مرآة قديمة، وتجمدت كل الطيور في منتصف تحليقاتها. رأيتها، سربًا كبيرًا من الأجنحة الثابتة، لم تعد ظلالها تتحرك عبر الجدران المبلطة للمدينة. كان ذلك اليوم الذي التقيت فيه بالرجل الذي حصد حقل السماء.

"صدى المرآة الزجاجية" نص سردي : عبدو حقي


كانت الريح قد فكت ضفائرها. همست باثني عشر لسانًا في وقت واحد، كل مقطع لفظي قطرة من المطر الفسفوري على عتبة المنزل الصامتة. لم يكن هذا المنزل بيتا بل امتدادًا لهذيان الزمن، تشنجًا للهندسة المعمارية التي نسيت وظيفتها الخاصة. كانت أبوابه تتثاءب

الجمعة، يناير 31، 2025

"بين أقواس سماوية وهمهمة أحلام البحر" عبدو حقي


كان نصفه العالي مائلا على حجارة شاحبة، مسافرًا عالقًا بين حصنين منحنيين للزمن والذاكرة. من مسافة بعيدة، قد يقولون إنه كان يحرس البحر المتثائب خلفه ، أو ربما ينتظر رسولا زائرًا صامتًا من السماء. كان قميصًه أخضر لامعًا يلتصق به مثل سحلية فضولية

حنين إلى السبعينات : نص سردي عبده حقي


تمتد أمامي سنوات السبعينات، شريطا متعرجا من أشعة الشمس يتكشف عبر الزمن، حيث يتنفس شبابي مثل ريح عتيقة، معطرًا بالبهارات وحبر الكتب المستعارة. كنت مسافرا حالمًا، أجول في أزقة العشرينات من عمري، متأبطا أشعار نزار قباني المنقوشة على جدار قلبي مثل نبوءة سرية.

الخميس، يناير 30، 2025

"عراف الهاوية الكهرمانية" نص سردي عبده حقي


قرب الرجل العجوز الكأس إلى شفتيه، وفي تلك اللحظة، أصبح سطح السائل بالكامل مرآة تكثفت فيها القرون مثل الشمع المنصهر. لم يكن قهوة ولا نبيذًا، بل سائلًا مقطرًا من نخاع الأبراج المنسية، يدور في دوامات بطيئة، يعكس وجه عازف جيتار كانت موسيقاه ذات يوم تحكم مد وجزر كوكب مجهول الاسم.

السبت، يناير 25، 2025

"المرأة التي رقصت على بياض مستعار" عبده حقي


انكشفت الهضبة المكسوة بالصقيع وكأنها نفس متجمد أسير للكون. لم يكن الثلج ثلجًا بل شبكة بيضاء من الذكريات تبلورت بفعل شتاءات منسية. وفوق كل ذلك، كانت السماء ــ الشاحبة للغاية حتى أنها بدت وكأنها مستنزفة من كل قناعة ــ تحوم مثل إله متردد. كانت تمشي عبر هذا المشهد بتأنٍ يوحي بأنها كانت مهندسة هذا العالم الغريب وسجينته في الوقت نفسه.

الجمعة، يناير 24، 2025

تلويحاتي على كتف القوقاز: نص سردي عبده حقي


يقولون إنني خرجت من حلم منسي، حلم حيث كانت جبال القوقاز تحمل أسرارًا بدلًا من الحجارة. أذكر أنني وقفت أمام تلك القمم الوعرة، وكانت قممها البيضاء تشبه أجزاء من خريطة ممزقة تؤدي إلى لا مكان وكل مكان. شعرت أن قبعتي - الزرقاء كضربة رسام في منتصف الرحلة - ليست شيئًا أرتديه بل قطعة من السماء، مخيطة على عجل لتغطية التاج المجوف لغياب سماوي.

الخميس، يناير 09، 2025

"حلم الجذور المقلوبة" نص سردي عبده حقي


كانت معلقة، محتضنة في رحم السماء، همسة لم تولد بعد متشابكة مع الجذور. كانت خيوط الأرض ملتفة بحب حول أطرافها، وكأنها تخشى أن تنجرف بعيدًا إلى العدم أعلاه. كانت الأرض - البعيدة، المقلوبة، والمحاطة بشبكة جامحة من الأشجار المقتلعة - مرآة نسيت انعكاساتها. كان الأفق يمتد مثل ندبة عبر نسيج الوجود، يخيط السماء بالتربة بطبقة من اللامبالاة السريالية.

الثلاثاء، يناير 07، 2025

إلى أين يذهب الحراك عندما يبتلعه البحر؟ : نص سردي عبده حقي


وقفت حافي القدمين على حافة مرآة لا نهائية، خط ضبابي بسبب حجاب أحلامي السميك. لم يكن الأفق خطًا بل مدخلًا متلألئًا، يلمع مثل آخر نفس من المنارة. كنا أربعة وعشرين شخصًا - أسماء منسية باستثناء ثقل ظلالنا - ننطلق على الماء في سفينة أشبه بالشبح أكثر من كونها قاربًا. كان البحر يدندن بلحنه الأجوف، ويعد بالهروب والإبادة.