في ظل تضارب الأرقام.. أي مستقبل ينتظر إعلانات الإنترنت !!
تعتبر إعلانات الإنترنت سوقا إستثمارية سائرة في طريق التطور والتصاعد بنسبة 23 % كل سنة حسب تقريرلأول مرصد فرنسي للإعلانات الإلكترونية الذي قدمته في الأيام القليلة الماضية نقابة وكلاء الإنترنت . وقد حققت إعلانات (الأون لاين) الإنترنت سنة 2008 ملياري يورو في فرنسا ، كما شكلت مداخيلها 6% من مجموع مداخيل نشاط الإتصالات و59% مقارنة مع الإعلانات التلفزية والتي تعتبركما هو معلوم السند الإعلاني الرئيسي المسيطرعلى السوق التجارية.
وقد أعتبرت محركات البحث أهم وسيط يروج لـ «كلمات/المفاتيح» للمعلنين النتيين لتمكينهم من عرض إنتاجاتهم في أفضل مستوى للمشاهدة على الصفحات الإلكترونية ، كما إعتبرت هذه المحركات بمثابة قطاعات رائدة في حقل الإعلانات إذ تم صرف مايناهز800 مليون يوروسنة 2008 أي بنسبة إرتفاع بلغت 35 % كما حققت إعلانات المواقع الإلكترونية (Display) مايقارب 510 مليون يورو بارتفاع ناهز10% وحققت الإعلانات المتعددة المواقع 140 مليون يورو بزيادة 30 % ، أما إعلانات المواقع المقارنة فقد حققت 20 مليون يورو بزيادة بلغت 15 %.
أكد السيد جيروم بورجيس مدير شركة ( Capgemin consulting ) في تصريح صحفي أن سوق إعلانات الأون لاين تتوفر على مؤهلات رقمية وإبداعية هامة للإختراع والتطوروذلك عن طريق إستثمارروابط نتية جديدة ومقاييس جيدة وفعالة للإعلانات وكذلك بواسطة طرق إتصالات متطورة تعتمد أساسا على مؤهلات الأفراد العملاء.
ورغم الأزمة الإقتصادية العالمية فإن هذا القطاع يبدو مشجعا أكثر من ذي قبل وما من شك في أن مجال الإنترنت سنة 2009 سوف ينخرط في رهانات كبرى ليهيمن على المشهد الإعلاني ــ يضيف السيد بورجيس ــ وذلك بفضل إرتفاع عدد عملاء الإنترنت والذي بلغ 10 % كما إرتفع معه منسوب الحصص الزمنية المستنفذة ب 40 % ومازال هناك العديد من المعلنين الذين سوف يلتحقون بإعلانات الإنترنت خصوصا في مجال المنتوجات الغذائية وبالتالي سيرتفع سوق الإعلانات ليحقق 14 % سنة 2009 أي بمبلغ يقدر ب 2،3 مليار يورو من الناتج الداخلي الخام .
وخلافا لوجهة نظر جيروم بورجيس فإن مؤسسة « زينيت / أوبتيميديا » ترى أن إعلانات الإنترنت في العالم سوف تتراجع ب 0،2 % هذه السنة لكن بالرغم من هذه النسبة المتدنية الطفيفة فإن الإنترنت سيحقق إرتفاعا واضحا بنسبة 18 % مقارنة مع السنة الماضية والتي تحقق خلالها 21 % وسنة 2007 التي تحقق خلالها 32% ، ويقول ميرسديس إيرا رئيس مؤسسة « وورد وايد » في « مجموعة هافاكس » في مؤتمر صحفي حول قطاع الميديا نظمته صحيفة « إيكو» الفرنسية خلال شهر دجنبرالماضي « لقد بدأ العالم يعيش ومنذ ثلاث سنوات رغبة مفرطة وغير معقلنة في تدبيرالإشتغال على الإنترنت » .
ودائما وحسب « زينيت / أوبتيميديا » فإن أهم الوسائل المستعملة في إعلانات الإنترنت حاليا هي الروابط التجارية لمحركات البحث الشهيرة وأيضا البانيرات ( شرائط الإعلانات المتحركة ) والتي مثلت خلال 2008 ما بين 49 % بالنسبة للأولى و 42 % بالنسبة للثانية فيما يخص الإعلانات القصيرة .
وفي تصريح مناقض لصحيفة رويترز قال فرانسوا لينارت وهوباحث ومحلل بمعهد الدراسات « ياكاست » : وليس الإنترنت سوى فقاعة للإعلانات بحجم أكبر من حجمها الحقيقي ودورها هو إستدراج الزبناء فقط وأضاف في نفس السياق ، إننا نتوقع أن تنفجر هذه الفقاعة يوما ما والسبب أن من أخطائنا أننا لانهتم إلا باستدراج المعلنين إلى شكل من الميديا مازلنا على كل حال لم نحسن تقييمه وتقديرخطورته .
أما بالنسبة لبرونو والتر رئيس وكالة « أوجيلفي وان » فإنه لم يتردد في الحديث عن إنهيارمتوقع في مستوى الإستثمارات الخاصة بإعلانات الإنترنت بعد تراجع واضح في المداخيل ويضيف : لقد أخطأنا حين إعتقدنا أنه باستطاعتنا أن نحقق أي شيئ وأننا قادرين على شحن الصفحات الإلكترونية بسيل من الإعلانات المتنوعة دفعة واحدة ... مشيرا أيضا إلى نسبة نقرات الماوس على البانيرات والتي تتراوح بين نقرات جدية ومسؤولة ونقرات عابرة إن لم نقل طائشة .
إن شبكات الفئات المجتمعية التي يتواصل من خلالها رواد الفيديو أون لاين والتي تتطلب تركيزا وحصصا زمنية طويلة كلها صارت تستوجب اليوم إختراع روابط إعلانات جديدة تختلف كثيرا عن البانيرات المثبتة على هوامش الحاسب .
إن الإنترنت من دون شك ثورة حقيقية وسوف تستمر هذه الثورة في التطوروالتقدم غيرأن الأزمة الحالية سوف تتطلب إختراع شكل إعلاني أقوى تأثيرا وأقل تدخلا من طرف المعلنين ــ يضيف برونو والتر ــ إن جل العلامات التجارية « الماركات » تستعمل اليوم أكثرفأكثرعامل « ماركوتينغ الإثارة » المرتبط في الغالب بالبوزعلى الأون لاين خصوصا عبر المنتديات والمدونات فيما تؤكد بعض الدراسات أن الإنترنت سوف يصبح الوسيط الميدياتي الأول والأكثرتأثيرا على قراراتنا الشخصية المرتبطة بعادات الإستهلاك .
ولتحقيق أهدافها الأساسية المتعلقة بإعلانات الإنترنت قدمت مؤسسة « ميديا ميتري » وسيلة جديدة ودقيقة للرفع من إيقاع التردد على فضاءات الإنترنت خصوصا على مستوى إستغلال شبكات المجموعات فيما أعلنت مؤسسة
( ج . ف . ك) عن نيتها بداية 2009 تصريف طريقة ومعيار جديدين وناجعين خاصين بإنترنت هواتف الموبايل
( الجوال ) .
أكثر من 3،720 مليار يورو من الناتج الداخلي الخام تم إستثمارها في قطاع إعلانات الإنترنت بفرنسا في السنة الماضية بارتفاع بلغ 19 % وهي أعلى نسبة من بين مختلف وسائط الميديا المتخصصة في الإعلانات . إن هذه الأرقام والمعطيات المتعلقة بحقل الإستثمارات في إعلانات الإنترنت قد تم إستنادها من طرف مؤسسات ذات صلة بالمجال بالإضافة إلى تقاريرنقابة وكلاء الإنترنت ، وعموما فالإنترنت أصبح يمثل 15 % من مجموع الإستثمارات الإعلانية مقابل 12،3 % سنة 2007 بما يجعله في المرتبة الثالثة بعد قطاعات التلفاز ب 30،3 % والصحافة المكتوبة ب 29،3 % فضلا عن تجاوزه لقطاع السمعي ( الإذاعة ) من حيث مداخيل الإعلانات سنة 2008 .
أما في سنة 2007 فقد إرتفع عدد المعلنين ب 24،6 % إذ في مجموع 4865 معلنا قارا على الإنترنت يعتبرالثلث من بينهم معلنين جدد ، بل إن ما يبعث على الإرتياح هو أن المعلنين الأوفياء قد خصصوا لإعلانات الإنترنت نسبة 20،1 % من حجم إستثماراتهم سنة 2008 مقابل 18 % سنة 2007 وحققت المداخيل ثلثي الأرباح بصفة عامة . ونشيرإلى أنه في الشهور الأخيرة من سنة 2008 والتي إتسمت ببروزبوادرالأزمة الإقتصادية العالمية الراهنة فقد إستمرقطاع إعلانات الإنترنت في خطه المبياني التصاعدي أكثرمن مختلف وسائل الميديا الأخرى ، كما إستطاع أيضا إستقطاب معلنين جدد بلغت نسبتهم 17 % في شهري شتنبر ودجنبرالأخيرين مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2007 . أما في الربع الأول من سنة 2008 فإن إرتفاع حجم الإستثمارات في قطاع إعلانات الإنترنت قد إرتفع ب 38 %
ورغم الأزمة الإقتصادية العالمية الراهنة كما قلنا فإن الأخصائيين في مجال الإعلانات ظلوا متفائلين بخصوص دورالإنترنت في المستقبل القريب .
من المعلوم أن أولى القطاعات الإقتصادية التي تتأثرمباشرة بانحباس النشاط التجاري هي قطاعا الإستثمارات والإعلانات ، فهل ستؤثر الأزمة المالية العالمية الحالية على نشاط الإنترنت وماهي آثارها على المستقبل القريب ؟
فمازال الخبراء متشبثين بالتفاؤل خصوصا أن الربع الأول من سنة 2009 قد عرف تحسنا طفيفا في قطاع إعلانات الإنترنت .. فقد أصدرالمكتب الدولي للإعلانات تقريره المتعلق بحجم الإستثمار في قطاع الإعلانات بالولايات المتحدة الأمريكية وهو التقريرالذي أكد مرة أخرى إرتفاعا قدر ب 15،2 % مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2007 . وسجلت الروابط النتية الخاصة بالإعلانات 5،1 مليار دولارأي بنسبة بلغت 44 % في المجموع متقدمة على إعلانات البانيرات التي حققت 27 % والإعلانات القصيرة 14 % ..
إن هذه النسب والأرقام لم تأخذ في الإعتبارخفوت النشاط الإقتصادي العالمي منذ شهر شتنبر من السنة الماضية ، وبالرغم من هذه الهزة المالية فإن العديد من الملاحظين الأمريكيين مافتؤوا يعبرون عن تفاؤلهم حسب تصريح ل
« ديف روزانبرغ » مديرمؤسسة ومدون بشبكة المركز الوطني للإلكترونيك والإتصالات .
إن قطاع إعلانات الإنترنت لم يتأثر بالأزمة الحالية في الربع الأول من سنة 2009 فقد سجل حجم الإستثمارات به 1،8 مليار يورو في فرنسا بنسبة قدرت ب 38 % مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية ، كما أصبح الإنترنت كما سبقت الإشارة إلى ذلك السند الوسائطي الثالث للإعلانات في فرنسا بعد إعلانات الجرائد والصحف والمجلات التي حققت 3،8 مليار يورو بزيادة 4،3 % وإعلانات التلفاز 3،79 مليار يورو وهذا يوضح من جهة أخرى أن إعلانات الإنترنت قد تجاوزت إعلانات الإذاعة التي حققت من جانبها 1،6 مليار يورو أي بزيادة 0،8 % كما أن الإنترنت إستحوذت على 17،7 من سوق الإعلانات بصفة عامة .
أما في أوروبا عامة فإن مصاريف إعلانات « إون لاين » قد إرتفعت ب 40 % بين سنتي 2006 و2007 لتصل إلى 112 مليار يورو حسب دراسة قام بها مكتب الإعلانات التفاعلية .
وتطمح السوق الأوروبية في هذا المجال إلى اللحاق بالسوق الأمريكية التي حققت 14،5 مليار يورو بتقدم طفيف مقارنة مع سنة 2007 بحسب ما جاء في الدراسة .
إن ثلثي المصاريف في مجال الإعلانات ( الأون لاين ) في القارة العجوز ( 65 % حوالي 7،3 مليار يورو ) قد تم تحقيقها في أهم أسواق الإعلانات وهي على التوالي المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا .
وللتذكيرفإنه في فرنسا مايناهز 920 مليون يورو قد تم إستثمارها سنة 2007 في مجال إعلانات الإنترنت . إن هذه الدراسة الأوروبية قد رامت مقارنة النسب المئوية لمصاريف إعلانات الإنترنت مع مجموع المصاريف الإعلانية بصفة عامة وبكل أشكال وسائطها . وحسب نفس المؤشرات فإن فرنسا تأتي في المرتبة التاسعة من بين أربع عشرة دولة في العالم وذلك ب 8،8 % إعلانات الإنترنت مقابل 18،5 % في هولاندا التي تحتل الرتبة الأولى .
وفي موضوع آخروبعلاقة مع ظاهرة المخالفات والغش في إستعمال نقرات الماوس على شرائط الإعلانات الشبكية ، فقد تم تسجيل 17،1 % نقرات مزيفة ومغشوشة خلال الربع الأخيرمن سنة 2008 وقد كان مصدرهذه النقرات المغشوشة حواسيب مقرصنة . وحسب دراسة قامت بها شركة « كليك فورانسيس » الأمريكية فإنه بقدر ما تتصاعد وتيرة الإعلانات على الشبكة العنكبوتية بقدر ما تتعدد أيضا النقرات المغشوشة على روابط الإعلانات ، إذ إرتفعت نسبتها من 16 % إلى 17 % سنة 2008 . إن هذه النقرات المغشوشة غالبا ما تقوم بها روبوتات برمجية أوأشخاص « مرتزقة » بقصد الرفع من فاتورة الدعاية ، وهي عملية مخادعة قد يقوم بها أيضا أحد مسؤولي الشركات المنافسة أو من طرف بعض المواقع المختصة في بعض الإعلانات للرفع من مداخيلها ، وللإشارة فإن أهم مستثمري الإعلانات الإنترنيتية ما فتؤوا يحاربون من أجل الحد من هذه المخالفات المتعلقة بالنقرات المغشوشة ، وللإشارة فإن شركة محرك البحث الشهير غوغل قد رضخت وبقوة القانون إلى دفع تعويضات لبعض المعلنين المتضررين من النقرات المغشوشة والمزيفة والتي وصلت هاته التعويضات إلى مايناهز 920 مليون دولارسنة 2006 . لقد بلغت هذه المخالفات نسبة 28،2 في أشهرمحركات البحث بما فيها غوغل « أدسانس » وياهو « بوبليشتر» مقارنة مع الربع الأخيرمن سنة 2008 بلغت 27،1 % .
أخيرا وانطلاقا من تضارب هذه الأرقام والمعطيات أي مستقبل قد نستشرفه في قطاع الإعلانات الأنترنتية ومن سيربح المعركة القادمة في الإستحواذ على أكبرمساحة في سوق الإستهلاك والإعلانات أهي الإذاعة أم التلفزة أم الجرائد أم الجوال ، أم الإنترنت ؟؟ لنترك الجواب للمستقبل .
صدربجريدة الإتحاد الإشتراكي بتاريخ
6/4/2009
0 التعليقات:
إرسال تعليق