ينفتح اليوم حقل الآداب بكل تجلياته الإبداعية والفكرية على العديد من المؤثرات الخارجية الوافدة من دول وقارات ماوراء البحار.. وبقدرما يعتبرهذا الإنفتاح إيجابيا في إطارالتلاقح والمثاقفة مع الآخرفإنه يضمرفي جانبه الآخرللعملة وجهها المظلم والملتبس ... فكيف ستكون تداعيات هذا السباق المحموم نحوالعولمة على صناعة النشر
والكتاب وبالتالي على الأدب والأدباء ؟تبدوالعولمة مثل غول قادم أو أخطبوط تمتد أذرعه لتلتهم كل ما في طريقه ... فقد إقتحمت في هجومها رقم 1 مجالي الموسيقى والسينما ، وهاهو الأخطبوط بدأ يمدد أذرعه إلى جسد آخرلطالما توهم حراسه أن حصنه متمنع من كل إختراق:إنه ( قلعة الأدب) إذ أن العديد من الكتاب بدأوا يطرحون السؤال الملح والقلق : هل العولمة ستكون قيمة مضافة للأدب أم تهديدا للكتابة بشكل عام ! ؟ أجل ، إنه لايسعنا في إطارهذا الإنفتاح إلا أن نشرع أبواب مكتباتنا وفضاءاتنا الثقافية على الواردات الأدبية الأجنبية من أوروبا وأمريكا والصين واليابان ...إلخ فبعد أفول الحقبة الكولونيالية ، الإستعمارية وبزوغ فجرالحرية انعتقت الكثيرمن الأعمال الأدبية من أقفاص إنحباسها ومعتقلها الغربي وانطلقت كي تحلق في الآفاق العالمية في إفريقيا والهند وطفت على السطح الأدبي أصوات جديدة وحساسيات متميزة دفعت بالقراء في مختلف دول المعمورإلى إستكناه وسبرمكامنها وذررها .أما اليوم فقد بدأنا نتحدث عن الآداب العالمية خصوصا في حقول الرواية والنقد والدراسات الفكرية بعد أن كنا بالأمس نتحدث عن آدابنا المحلية ، كما بدأنا نتحدث عن مخيال عالمي مثلما نتحدث عن موسيقى وسينما عالمية ...لقد أصبح الأدب اليوم عبارة عن قرية أدبية عالمية ومشتلا عالميا نغترف منه ماينفعنا ونزاوج فيه إستلهامنا بخيالنا بفضل إستعدادنا للإنخراط الطوعي في العولمة ، لكن ما يبدوالآن هو أن إتجاه الأدب وبهذه السرعة الرقمية القصوى نحو العولمة يعتبرمدعاة للقلق ، وإذا كان تاريخ الأدب قد نهض على أساس تلاقح الثقافات فإنه من الحماقة اليوم أن نتصورأن الكتّاب باستطاعتهم أن ينخرطوا بعمق في تيارالعولمة أو يحاولون إبتداع ( إختراع ) شكل أدبي تنصهر في جسده كل تجليات العولمة الأدبية إذ أن في مجال الأدب كل أديب يتحدث لغته الخاصة ويشتغل على مخياله الشخصي وفي عزلته الإبداعيةومكتبه الحميمي وقبل أن يفكرالأدباء المدافعون عن عولمة الأدب في إنتشارهم العابر للقارات فهل فكروا قبل هذا وذاك في تأسيس كوكب أرضي أدبي ديموقراطي !!؟علينا إذن أن نتريث قليلا ففي كتابها الوازن ( جمهورية الأدب ) الذي أصدرته دار( لوسوي ) في فرنسا للناقدة ( باسكال كازانوفا ) فقد فندت بصفة قطعية ومن دون إلتباس وهم قيام عالم أوحد ومنسجم ، عالم قائم على الإبداع الشفيف النقي ، عالم أجمل تسوده المساواة وكرامة الكتّاب والكتب !لقد عانى ومازال يعاني العديد من الكتّاب من إستبداد الناشرين الذين مازالوا يوجهون فوهات قوانينهم إلى صدورالأقلام ...فكم من الأدباء أضطروا للهجرة بسبب تعسف الناشرين ليبدأوا حياة إنتاج أدبية جديدة ، وفي الحقيقة إذا كنا نتحدث عن آداب عالمية فإننا نتحدث عن سوق النشروعن الكتب الأكثر مبيعا(Best-sellers) تلك الكتب التي يباع منها بين خمسة إلى عشرة ملايين نسخة في العالم أجمع والتي يتم من خلالها إستلهام تيمات السيناريوهات السينمائية والمسرحية وتقليعات الموضة ...إلخوخلاصة القول فإن الأمر يتعلق بظاهرة إقتصادية .. ومن دون شك هناك العديد من الكتّاب العالميين المشاهيرالذين يشبهونهم الناشرون مثل ( فاتورات أدبية ) إستطاعوا في بعض الأحيان إختراق متاريس العولمة بطريقة شريفة ونظيفة ... لكن في المقابل ماذا إستفادوا من المبيعات العالمية ؟ هناك ظاهرتان بارزتين تؤديان حتما إلى منزلق خطيروتتعلقان بتفكيربعض (المهندسين) الأدباء في توحيد إهتمامات القراء في العالم ككل . أما أولى هاتين الظاهرتين فتتعلق بسيطرة اللغة والثقافة الأنجلوساكسونيتين ، فإلى حدود اليوم فإن جميع العيارات الثقيلة من المنشورات والكتب الأكثر مبيعا قد ترجمت إلى اللغة الأنجليزية . فهل هذا مجرد ضربة حظ !!؟ وفي الوقت الذي ينفتح فيه العالم على الآداب الغيرية نلاحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية وابريطانيا تغلقان الأبواب على نفسيهما بل أكثر من ذلك فقد أصبحتا أنموذجين للحياة في العالم بأسره إلى درجة بات معها الكثير من الكتاب في العالم يستعيرون بعض التقنيات السردية والمظاهرالثقافية والفنية بوجه عام عند الكتاب والفنانين الأنجلوفونيين .إن الخطر القادم منذ أكثر من خمس عشرة سنة ، قد يأتي من التمركز في قطاع النشر... فهناك بعض المجموعات التي صارت تطالب الناشرين بهامش للربح يتراوح بين 12 و15 بالمئة بدل 4 أو 5 بالمئة في السابق وقد صار شعار هذه المرحلة السائد هو : الكتاب منتوج للتصديروعليه أن يذرالكثيرمن المال مثل الصناعات الكمالية الأخرى!! فيما العولمة تقذف بالآداب إلى مزبلة التاريخ على حساب منتوج (الكتاب السريع ) أو( Fast- Book ) مثل الوجبات السريعة ( Fast-food ) ويبدو اليوم أن سوقالنشرهو مايحدد إتجاه التيارات والأجناس الأدبية والعولمة بهذه الملامح الأولى تكشف عن خطرآتيتمثل في توحيد توجهات الإنتاجات الأدبية ... والناشرون في هذا المجال يعتبرون من أمهر مروضي الكتب والكتّاب ، وهذا يعني فيما يعنيه أن الرؤية للكتب الأكثر مبيعا في العالم ( The best-sellers ) هي التي ستهيمن على التفكيرالأدبي وصناعة النشر بشكل عام في العالم .قد يقول البعض أن الشهرة هي مسألة حظ وأن الكتب الأكثر مبيعا هي الكتب السهلة القراءة والصعبة الكتابة ... ولنطرح السؤال التالي : لماذا رواية ( إسم الوردة ) ل ( أمبرطوإيكو) حققت كل هذه الشهرة رغم صعوبتها !؟ وكم من الكتاب المتألقين من توهموا إنتاج دراسات وكتب وروايات من عيار The best-sellers وفشلوا في ذلك !؟ وأخيرا هناك كتاب عالميين يستطيعون أن يخترقوا أسوارالعولمة وذلك لامتلاكهم حدسا دقيقا وحاسة شم قوية لما يفضله مختلف أصناف القراء في جميع القارات . عن ( لوفيغارو)
والكتاب وبالتالي على الأدب والأدباء ؟تبدوالعولمة مثل غول قادم أو أخطبوط تمتد أذرعه لتلتهم كل ما في طريقه ... فقد إقتحمت في هجومها رقم 1 مجالي الموسيقى والسينما ، وهاهو الأخطبوط بدأ يمدد أذرعه إلى جسد آخرلطالما توهم حراسه أن حصنه متمنع من كل إختراق:إنه ( قلعة الأدب) إذ أن العديد من الكتاب بدأوا يطرحون السؤال الملح والقلق : هل العولمة ستكون قيمة مضافة للأدب أم تهديدا للكتابة بشكل عام ! ؟ أجل ، إنه لايسعنا في إطارهذا الإنفتاح إلا أن نشرع أبواب مكتباتنا وفضاءاتنا الثقافية على الواردات الأدبية الأجنبية من أوروبا وأمريكا والصين واليابان ...إلخ فبعد أفول الحقبة الكولونيالية ، الإستعمارية وبزوغ فجرالحرية انعتقت الكثيرمن الأعمال الأدبية من أقفاص إنحباسها ومعتقلها الغربي وانطلقت كي تحلق في الآفاق العالمية في إفريقيا والهند وطفت على السطح الأدبي أصوات جديدة وحساسيات متميزة دفعت بالقراء في مختلف دول المعمورإلى إستكناه وسبرمكامنها وذررها .أما اليوم فقد بدأنا نتحدث عن الآداب العالمية خصوصا في حقول الرواية والنقد والدراسات الفكرية بعد أن كنا بالأمس نتحدث عن آدابنا المحلية ، كما بدأنا نتحدث عن مخيال عالمي مثلما نتحدث عن موسيقى وسينما عالمية ...لقد أصبح الأدب اليوم عبارة عن قرية أدبية عالمية ومشتلا عالميا نغترف منه ماينفعنا ونزاوج فيه إستلهامنا بخيالنا بفضل إستعدادنا للإنخراط الطوعي في العولمة ، لكن ما يبدوالآن هو أن إتجاه الأدب وبهذه السرعة الرقمية القصوى نحو العولمة يعتبرمدعاة للقلق ، وإذا كان تاريخ الأدب قد نهض على أساس تلاقح الثقافات فإنه من الحماقة اليوم أن نتصورأن الكتّاب باستطاعتهم أن ينخرطوا بعمق في تيارالعولمة أو يحاولون إبتداع ( إختراع ) شكل أدبي تنصهر في جسده كل تجليات العولمة الأدبية إذ أن في مجال الأدب كل أديب يتحدث لغته الخاصة ويشتغل على مخياله الشخصي وفي عزلته الإبداعيةومكتبه الحميمي وقبل أن يفكرالأدباء المدافعون عن عولمة الأدب في إنتشارهم العابر للقارات فهل فكروا قبل هذا وذاك في تأسيس كوكب أرضي أدبي ديموقراطي !!؟علينا إذن أن نتريث قليلا ففي كتابها الوازن ( جمهورية الأدب ) الذي أصدرته دار( لوسوي ) في فرنسا للناقدة ( باسكال كازانوفا ) فقد فندت بصفة قطعية ومن دون إلتباس وهم قيام عالم أوحد ومنسجم ، عالم قائم على الإبداع الشفيف النقي ، عالم أجمل تسوده المساواة وكرامة الكتّاب والكتب !لقد عانى ومازال يعاني العديد من الكتّاب من إستبداد الناشرين الذين مازالوا يوجهون فوهات قوانينهم إلى صدورالأقلام ...فكم من الأدباء أضطروا للهجرة بسبب تعسف الناشرين ليبدأوا حياة إنتاج أدبية جديدة ، وفي الحقيقة إذا كنا نتحدث عن آداب عالمية فإننا نتحدث عن سوق النشروعن الكتب الأكثر مبيعا(Best-sellers) تلك الكتب التي يباع منها بين خمسة إلى عشرة ملايين نسخة في العالم أجمع والتي يتم من خلالها إستلهام تيمات السيناريوهات السينمائية والمسرحية وتقليعات الموضة ...إلخوخلاصة القول فإن الأمر يتعلق بظاهرة إقتصادية .. ومن دون شك هناك العديد من الكتّاب العالميين المشاهيرالذين يشبهونهم الناشرون مثل ( فاتورات أدبية ) إستطاعوا في بعض الأحيان إختراق متاريس العولمة بطريقة شريفة ونظيفة ... لكن في المقابل ماذا إستفادوا من المبيعات العالمية ؟ هناك ظاهرتان بارزتين تؤديان حتما إلى منزلق خطيروتتعلقان بتفكيربعض (المهندسين) الأدباء في توحيد إهتمامات القراء في العالم ككل . أما أولى هاتين الظاهرتين فتتعلق بسيطرة اللغة والثقافة الأنجلوساكسونيتين ، فإلى حدود اليوم فإن جميع العيارات الثقيلة من المنشورات والكتب الأكثر مبيعا قد ترجمت إلى اللغة الأنجليزية . فهل هذا مجرد ضربة حظ !!؟ وفي الوقت الذي ينفتح فيه العالم على الآداب الغيرية نلاحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية وابريطانيا تغلقان الأبواب على نفسيهما بل أكثر من ذلك فقد أصبحتا أنموذجين للحياة في العالم بأسره إلى درجة بات معها الكثير من الكتاب في العالم يستعيرون بعض التقنيات السردية والمظاهرالثقافية والفنية بوجه عام عند الكتاب والفنانين الأنجلوفونيين .إن الخطر القادم منذ أكثر من خمس عشرة سنة ، قد يأتي من التمركز في قطاع النشر... فهناك بعض المجموعات التي صارت تطالب الناشرين بهامش للربح يتراوح بين 12 و15 بالمئة بدل 4 أو 5 بالمئة في السابق وقد صار شعار هذه المرحلة السائد هو : الكتاب منتوج للتصديروعليه أن يذرالكثيرمن المال مثل الصناعات الكمالية الأخرى!! فيما العولمة تقذف بالآداب إلى مزبلة التاريخ على حساب منتوج (الكتاب السريع ) أو( Fast- Book ) مثل الوجبات السريعة ( Fast-food ) ويبدو اليوم أن سوقالنشرهو مايحدد إتجاه التيارات والأجناس الأدبية والعولمة بهذه الملامح الأولى تكشف عن خطرآتيتمثل في توحيد توجهات الإنتاجات الأدبية ... والناشرون في هذا المجال يعتبرون من أمهر مروضي الكتب والكتّاب ، وهذا يعني فيما يعنيه أن الرؤية للكتب الأكثر مبيعا في العالم ( The best-sellers ) هي التي ستهيمن على التفكيرالأدبي وصناعة النشر بشكل عام في العالم .قد يقول البعض أن الشهرة هي مسألة حظ وأن الكتب الأكثر مبيعا هي الكتب السهلة القراءة والصعبة الكتابة ... ولنطرح السؤال التالي : لماذا رواية ( إسم الوردة ) ل ( أمبرطوإيكو) حققت كل هذه الشهرة رغم صعوبتها !؟ وكم من الكتاب المتألقين من توهموا إنتاج دراسات وكتب وروايات من عيار The best-sellers وفشلوا في ذلك !؟ وأخيرا هناك كتاب عالميين يستطيعون أن يخترقوا أسوارالعولمة وذلك لامتلاكهم حدسا دقيقا وحاسة شم قوية لما يفضله مختلف أصناف القراء في جميع القارات . عن ( لوفيغارو)
0 التعليقات:
إرسال تعليق