الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأحد، ديسمبر 23، 2018

ماهو النشر الرقمي ؟ مارسيلو فيتالي روزاتي ترجمة عبده حقي


يمكن تحديد ثلاثة تعريفات مختلفة للتحرير الرقمي (éditorialisation): التعريف الأول محدود ، والثاني تعريف عام وشمولي في حين أن التعريف الثالث هو محاولة
للجمع بين التعريفين السابقين .
وبناء على التعريف الأول المحدود ، يشير التحرير الرقمي إلى جميع المعدات التقنية (شبكة الإنترنت و الخوادم والمنصات وCMS وهو اختصار لكلمات Système de gestion de contenu (أي نظام تدبير المحتوى)  وخوارزميات محركات البحث ، والبنيات مثل ( النص التشعبي، والوسائط المتعددة والمعطيات الضافية métadonnées) والممارسات (التعليقات التوضيحية (notations)والتعليقات والتوصيات عبر الشبكات الاجتماعية) التي تساعد على إنتاج وتنظيم المحتوى على الويب .
وبعبارة أخرى ، فإن التحرير الرقمي هو مرحلة حاسمة في تنسيق وتنظيم المحتوى في بيئة رقمية. بهذا المعنى يمكننا أن نقول ، أن التحرير الرقمي هو نتيجة لعملية نشر محتوى ما تحت تأثير التكنولوجيات الرقمية . ومن الواضح أن لهذه العملية تأثيرًا أيضًا على المحتوى نفسه : حيث يبرز مفهوم التحرير الرقمي كيف تقوم التقنية بتشكيل المحتوى . ووفقا لهذا التعريف، فإننا قد نستوعب عملية التحرير الرقمي باعتبارها تنظيما للمحتوى وهو (تنظيم ديجيتالي) في بيئة رقمية معينة .
لكن هناك تمييز أساسي بين الطريقتين : مفهوم التحرير الرقمي ينطوي على بُعد ثقافي غير موجود في فكرة تنظيم المحتوى الرقمي (content curation). وهذا يقودنا قبل كل شيء إلى الممارسات التي تهدف إلى جمع وتنظيم وعرض المحتوى في بيئة معينة مما يؤكد أولا على جميع المهارات الأساسية لتحقيق تنظيم جيد  للنشر . في المقابل يشير التحرير الرقمي إلى الطريقة التي تمتلكها الأدوات والممارسات الناشئة والبنيات المحددة بواسطة أدوات لخلق علاقة مختلفة مع المحتويات نفسها .
ويمكن القول أن تنظيم المحتوى الرقمي يشير إلى عمل فرد معين أو مجموعة من الأفراد ، بينما يركز التحرير الرقمي على طريقة تنظيم هذا الإجراء بخصائص البيئة الرقمية .. و أخيراً ، يجب التأكيد على أن هذه الخصائص ليست فنية فحسب ، بل ثقافية أيضاً.
سيتيح لنا هذا المثال فهما أفضل للتعريف الأول . لنتخيل أن لدينا مجموعة من المعلومات حول مرض معين - على سبيل المثال ، أنفلونزا الطيور. ونتوفر على وصف وتاريخ للمرض، ومعطيات بشأن هذا الوباء، وقائمة من أنواع الزكام ، وإحصاءات عن معدلات الوفيات، ونصائح للوقاية من العدوى .. الخ . قد تقرر الحكومة إنشاء منصة رقمية لنشر هذه المعلومات حتى يستفيد منها المواطنون . ولهذه الغاية سيكون من اللازم على مجموعة من الخبراء نشر هذه المحتويات التي تسمى (تنظيم المحتوى) (content curation) أنها ستنشر هذه المعطيات عن المرض ، وسوف تلائمها مع الجمهور المستهدف ، وأنها سوف تختار أشكال عرضها (الرسومات البيانية والجداول وغير ذلك) وسوف تقوم ببنينة المنصة وتنظيم بيئة العمل الخاصة بها - ربما حتى إنشاء بروفايلات  تويتر وفيسبوك لتعزيز ونشر المنصة الرقمية وجميع هذه الأعمال تندرج ضمن تنظيم المحتوى.
تعتمد هذه المنصة على عديد من المستخدمين للتفاعل معها والتعليق على المعلومات و ربما نشر هذه المحتويات على الشبكات الاجتماعية . ومن المحتمل أنهم سيستخدمون بعض المعلومات على منصات أخرى وينشرون روابط تحيل إلى مواقع إلكترونية مستهدفة . كما سيتم فهرسة المنصات بواسطة محركات البحث ، وستقوم الخوارزميات أيضا بترتيبها في قوائم تراتبية . وستشغل مكانة خاصة على الويب : إنه موقف رمزي قد يكون أكثر أو أقل وضوحًا وأهمية و موثوقية . هذه الملامح سوف تتطور باستمرار خلال الأيام و الأسابيع والشهور والسنوات التالية من نشر المنصة . إنها العملية التي نسميها التحرير الرقمي (éditorialisation) .
جميع هذه العناصر تقوم ببنينة المحتويات وتمنحها دلالتها . وبالتالي يمكن القول إن تنظيم المحتوى هو أحد عناصر عملية التحرير الرقمي ، بينما يحدد هذا الأخير العملية برمتها ، مع الأخذ في الاعتبار جميع جوانب إنتاج المحتوى والمعنى الذي سيكتسبه هذا المحتوى داخل المجال الثقافي .
وكنتيجة لذلك ، يقوم التحرير الرقمي بتشكيل وتركيب المحتويات من دون أن تقتصر على سياق محدود ومعرَّف جيدًا (مثل مجلة) أو مجموعة محددة مسبقًا من الأفراد (مثل الناشرين). وهو ينخرط في فضاء مفتوح (عدة منصات) والزمن (عدة مساهمات في أوقات مختلفة) .
إن هذا الانفتاح هو أحد الاختلافات الرئيسية بين التنظيم والتحرير الرقمي  ، وهو أيضًا ما يميز التحرير الرقمي عن النشر التقليدي . ينتج عن انفتاح التحرير الرقمي مقارنة مع النشر الورقي فقدانًا معينًا لسيطرة لكل من الكاتب والناشر على المحتوى . و في الحقيقة كلاهما ليسا سوى فاعلان من بين آخرين في سلسلة التحرير الرقمي التي تتوسع بشكل كبير.
ولنعد إلى المثال الثاني : يتعلق الأمر بنشر مقال أكاديمي . حيث يعمل فريق المجلة الإلكترونية على تحرير المقالة ونشرها . ثم يقوم بتصحيح النص وتنسيقه ويحوله إلى لغة (html أو xml على سبيل المثال) ويقوم بتحرير البيانات التعريفية وأخيراً ينشرها على منصة المجلة الإلكترونية . إن هذا العمل لا يختلف كثيرًا عن عملية التحرير الورقي . لكن في بيئة رقمية ، يعد مجرد بداية لعملية أطول من ذلك بكثير . تعتمد حياة المقالة ورؤيتها وتداولها على بنية أكثر تعقيدًا تشمل التعليقات والاقتباسات وإعادة الاستخدام و الفهرسة . فكون غوغل ، على سبيل المثال ، يضع المقالة بداية في قائمة النتائج فهذا يشبه الإشارة إليها على الغلاف الورقي ، أو إلى عرض المجلة في محل لبيع الكتب .
قد يتم الاعتراض على أن بعض جوانب النسخة المطبوعة تكون خارجة على نطاق السيطرة أيضًا - فالعرض في واجهة لبيع الكتب ، على سبيل المثال ، لا يتعلق بالمؤلف أو الناشر - ولكن درجة التحكم قد تغيرت بشكل واضح في الفضاء الرقمي .إن التعريف الأول يحتوي على ملمح واضح ، لأنه يعتبر البيئة الرقمية كمساحة منفصلة . يتعلق الأمر بتعريف يرتكز على الويب ، ولا يأخذ في الاعتبار التهجين الحاصل بين الفضاء الرقمي و الفضاء (ما قبل ـ الرقمي) .
التعريف الثاني هو امتداد للأول ، اعتمادا على فكرة أن الفضاء الرقمي يتضمن تراكما وأخيراً ، انذماجا بين الخطاب والواقع . وسأقوم بشرح هذه الفكرة بمزيد من التفصيل لاحقا ، لكن في الوقت الحالي ، دعونا نركز اهتمامنا على شرح مبدئها العام : في عالم رقمي مرتبط بالإنترنت ، فالحضور في فضائه يعني أن نحقق ذواتنا في عملية النشر . يقينا أنه في الفضاء الرقمي كل شخص يجب أن يكون مرتبطا بالإنترنت ومنخرطا في علاقة مع شخوص آخرين .على سبيل المثال إن وجود فندق ما ، يجب أن يكون موقعه الجغرافي على منصة TripAdvisor أو GoogleMaps أو على منصة تميز علاقته بفنادق أخرى أو منطقة وما إلى ذلك لجعله مرئيًا ومفهومًا . ولكي  يكون أي شخص موجودًا في الفضاء الرقمي ، يجب أن يتوفر على بروفايل (ملف تعريفي شخصي) على فيسبوك أو تويتر أو لينكد إن أو على منصة رقمية تمكنه من التعريف بنفسه وجعله مرئيا للآخرين . يصير إذن التحرير الرقمي شرطًا للوجود . ومع ذلك وبناء على هذه الفكرة ، فكتابة تحرير رقمي لا يعني فقط إنتاج محتوى فحسب ، بل إنتاجا للحقيقة نفسها . ووفقا لهذا التعريف الواسع جدا ، يشير التحرير الرقمي إلى جميع الممارسات الجماعية التشاركية لمعالجة الواقع . بعبارة أخرى إن التحرير الرقمي هو مجموعة من ممارساتنا الاجتماعية التي تسمح لنا بفهم العالم وتنظيمه و تفسيره . فالواقع الذي نعيشه في فضاء يتطور رقميا أكثر فأكثر يلمح إلى أن جميع هذه الممارسات قد حدثت هي أيضًا في الفضاء الرقمي - مما يعني باختصار أن أي ممارسة تهدف إلى فهم العالم أو تنظيمه أو تفسيره هو عمل ناتج عن عملية التحرير الرقمي .
ولهذا التعريف الثاني عيوب تبدو متناقضة مع التعريف الأول : إنه تعريف عام جدا بل وغامض للغاية . ووفقاً لهذا المعنى يصير من الصعب تخيل أي شيء غير ناتج عن التحريرً الرقمي . لذلك من المحتمل أن يصبح هذا التعريف باطلا . وبالرغم من ذلك ، فإن تحليلا أكثر حذرا قد يكشف عن أن هذين التعريفين السابقين يمكن دمجهما في تعريف واحد وعملي أكثر يمكن أن يأخذ بالاعتبار جميع إجراءات إنتاج المحتويات عبر الأونلاين - على الويب أوعلى أشكال أخرى من بيئة الاتصال (مثل تطبيقات الهاتف المحمول) - عن طريق تضمينها كوظائف لبنينة الواقع . وبهذا المعنى ، يمكننا تعريف التحرير الرقمي كمجموعة من الإجراءات الجماعية والفردية التي تتم في بيئة رقمية عبر الإنترنت وتهدف إلى بنينة طريقة فهمنا للعالم وتنظيمه وتفسيره . وتتشكل هذه الإجراءات من خلال البيئة الرقمية التي تتحقق فيها : فالتحرير الرقمي ، كما يؤكده التعريف الأول ، لا يأخذ في الاعتبار ما يفعله المستخدمون فحسب ، بل أيضًا كيفية تحديد أعمالهم وتوجيهها من خلال بيئة على وجه الخصوص .
يجب التأكيد على أنه إذا فهمنا كلمة "رقمي" في معناها الثقافي ، فإن الفضاء الرقمي هو فضاؤنا الرئيسي ، والفضاء الذي نعيش فيه ليس هو فضاء الويب فحسب أو المواضيع المنشورة في الإنترنت. هذا يسمح لنا بالتمييز بين البيئات الرقمية المختلفة - مثل الويب أو بيئات أخرى متصلة بالإنترنت - والفضاء الرقمي الذي هو نتيجة لتهجين هذه البيئات مع عالمنا بأكمله . وتسمح لنا هذه الاعتبارات بتعديل تعريفنا للوصول إلى صيغة نهائية :
إن التحرير الرقمي يشير إلى جميع الممارسات التي تسهم في إنتاج وبنينة الفضاء الرقمي . هذه الممارسات هي التفاعلات الفردية والجماعية مع بيئة رقمية معينة .
ينطوي هذا التعريف على ثلاثة جوانب ضمنية للتحرير الرقمي التي يجب علينا تدقيقها : جانب تكنولوجي وجانب ثقافي وجانب عملي . ومن الضروري إدراك أن التحرير الرقمي مرتبط ببيئة رقمية معينة ، مما يعني أنه مرتبط بتكنولوجيات محددة . لقد تم إنشاء مفهوم التحرير الرقمي بالأساس من  أجل  الأخذ في الاعتبار تأثير التكنولوجيات على إنتاج المحتوى .
من بين أحد أهم الجوانب الرئيسية هو وجود بعض الأجهزة والمنصات الأساسية الرقمية والأدوات والشبكات والبروتوكولات التي تقوم بخلق سياقات المحتويات وتنسيقها . وقد تمت دراسة هذه الظاهرة من قبل العديد من  الباحثين الذين وصفوها بأنها " القوة affordance ". يتعلق هذا التحليل لتأثير التكنولوجيات على المحتوى بمجموع تكنولوجيات الإنتاج وترويج المحتوى . تعد البيئة الرقمية (L'environnement numérique) عاملا أساسيا لأنها تحدد شكل المحتوى الذي تستضيفه . ولذلك فإن البعد التكنولوجي أساسي للنشر ، ولكن في نفس الوقت ، لا يمكن اختزال التحرير الرقمي في هذا الجانب لوحده .
هناك في الواقع علاقة معقدة بين التكنولوجيا والثقافة وبالتالي يكون البعد الثقافي على نفس القدر من الأهمية في تعريفنا للتحرير الرقمي . عندما نحاول فهم بنية الفضاء الرقمي من الأجدى تجنب حتمية التكنولوجية وعلى وجه الخصوص الفكرة القائلة بأن التطور التكنولوجي هو عملية أقرب إلى العملية الميكانيكية أو هو بمثابة ( تقدم progression ) يحدد التغييرات الثقافية . و بناء على هذا الموقف (التقني- الحتمي) يتم تحديد الثقافة من خلال تطورات التكنولوجيا . إن الثقافة والتكنولوجيا خلافا لهذا ترتبطان بنوع من العلاقة الدائرية : فتقاطع بعض الأفكار الثقافية والاكتشافات التكنولوجية ينطوي على تغيير ما وهذا التغيير يتشكل بدوره من عناصر ثقافية وتكنولوجية على حد سواء . وبعبارة أخرى فالثقافة تؤثر في التكنولوجيا والتكنولوجيا تؤثر في الثقافة. و من المستحيل فصل هاتين العمليتين . أيضا يصف التحرير الرقمي طريقة تأثير تقاليدنا الثقافية على كيفية بنينة المحتويات .
لنأخذ على سبيل المثال ظاهرة النص التشعبي . فقد ظهر النص التشعبي قبل العديد من التطورات المتلاحقة لشبكة الويب . لقد قدم فانيفار بوش (Vannevar Bush) نموذجا مماثلا للنص التشعبي إلى حد ما في عام 1945 ، ثم تم تطويره من قبل تيد نيلسون (Ted Nelson) في مجال المعلوميات ، ثم تناوله تيم بيرنرز لي (Tim Berners-Lee) عند تصميم html . لكن يمكننا العودة تاريخيا إلى أبعد من ذلك لنعثر على فكرة النشر (غيرـ الخطيnon linéaire) للمحتويات - فقد تم خلق فكرة تطبيق التصنيفات (classifications) في المكتبات منذ القرن الثالث قبل الميلاد.
إن فهرس مكتبة الإسكندرية على سبيل المثال قد استخدم نظام ترتيب الكلمات الرئيسية (mots-clés) . ومن المستحيل فهم البنية التشعبية في مظاهرها التكنولوجية الخاصة التي هي html من دون الأخذ بعين الاعتبار التاريخ الثقافي للتصنيفات غيرـ الخطية .
الجانب الثالث والأخير من التحرير الرقمي هو مظهره العملي - يقودنا إلى جانب الممارسات ، التي بدونها لا يمكن أن توجد بنيات ثقافية وتكنولوجية . في الواقع ، لا تكفي الإمكانيات التكنولوجية والتقاليد الثقافية للإغراء والحث على الممارسات . فإذا لم يكن هناك شخص ما قد قام بإنشاء أو استخدام النصوص التشعبية فإن هذه الأخيرة طبعا لن تكون موجودًة اليوم . بالإضافة إلى ذلك فإن الممارسات ليست فقط تطبيقات للإمكانيات الثقافية و التكنولوجية : أي كل ممارسة إبداعية .
توضح لنا هذه العناصرالأهمية الأساسية للعمل الجماعي في عمليات التحرير الرقمي . تعتمد الأشكال المختلفة من التحرير الرقمي على واقع أعمال خاصة قد صارت  جماعية - مما يعني أن مجموعات من الأشخاص بدأت في تنفيذها من أجل أن تجعل منها شيئا فشيئا ممارسات . ولنعطي مثالا بالهاشتاغ (hashtag) أي عملية وضع علامة # قبل كلمة في تويتر الذي سيجعل منها كلمة رئيسية . في البداية لم يكن هذا الإجراء متوقعا من قبل المنصة لأن تويتر لم يكن مصممًا مبدئيا للتعامل مع الكلمات الرئيسية (mots-cles). بعد ذلك ، بدأ أول مستخدم باستعمال # ثم سرعان ما تلاه مجموعة من الأشخاص ثم أصبح فيما بعد هذا الإجراء ممارسة أجبرت موقع التواصل الاجتماعي تويتر على تكييف منصته الرقمية للأخذ بعين الاعتبار الكلمات الرئيسية التي ندعوها اليوم هاشتاغ . وبعبارة أخرى ، فإن الممارسات تؤثر في التكنولوجيا وتشكلها بقدر ما تمتلك الممارسات من جهتها عمقا ثقافيًا ؛ وتاريخ الكلمات الرئيسية يبين هذا بوضوح . وهذا يعني أن المظاهر الثلاثة للتحرير الرقمي - التكنولوجية والثقافية والعملية - ليست سوى مظهرا واحدا ولا يمكن تمييزها إلا من الزاوية النظرية.
Qu'est-ce que l'éditorialisation ? Marcello Vitali Rosati

0 التعليقات: