هل ما حدث من ثورات دموية على طول الخارطة العربية
منذ أول دقيقة أوقد فيها محمد البوعزيزي النار في جسده احتجاجا على صفعة شرطية مغرورة
بسلطتها ... هل
كانت ثورات طبخت على نار هادئة منذ غزو العراق والإطاحة بالديكتاتور
صدام حسين أم أن ما حدث كان محكوما بقانون الصدفة التاريخية على غرار عديد من الوقائع
السياسية التي غيرت وجه خارطة العالم .
ما من شك في أن أجواء الأوضاع في جل دول العالم
العربي كانت قاتمة وملبدة بغيوم الاستبداد وقمع الأصوات الديموقراطية الحزبية والجمعوية
والتقدمية ونهب خيرات الوطن وتهريبها إلى بطون الأبناك الغربية وشراء أصوات رؤسائها
للتستر على ما يقع من انتهاكات وخرق للحقوق المدنية والسياسية التي نصت عليها المواثيق
المحلية والدولية
.
وما كان لذلك الضغط العربي إلا ليولد انفجارا أتى
على الأخضر واليابس في ليبيا وسوريا واليمن لأسباب داخلية تراكمت على مر السنين وأسباب
خارجية حبكتها السياسات الغربية للسيطرة على مقدرات هذه الدول من نفط وغاز وموقع جيوـ
استراتيجية حاسمة في الصراع العربي الإسرائيلي في إطار الشرق الأوسط الجديد .
وكالنار في الهشيم انتقلت الاحتجاجات بيافطات وألوان
متعددة من تونس إلى مصر ثم إلى ليبيا واليمن والبحرين والجزائر..إلخ
في المغرب ظهرت حركة 20 فبراير التي ضمت في فسيفسائها
عديدا من وجوه الطيف الشبابي السياسي والجمعوي و اللامنتمين والعاطلين .. إلخ ولم تكن
غاياتها القصوى رفع سقف المطالب السياسية على غرار ما طالب به الشعب التونسي لتسخين
محرك طائرة الرئيس للهروب والاستقرار في منتجع التقاعد السياسي في دولة عربية أخرى
بل كانت أقصى مطالبها تعديل الدستور والتوزيع العادل للثروات والإطاحة بدولة الريع
..إلخ وهي المطالب التي استجابت لها أعلى سلطة في البلاد من خلال تعديل الدستور وتنظيم
إنتخابات برلمانية أفرزت لأول مرة صعود أول حزب إسلاموي إلى دفة الحكم مما نفخ في الأجواء
السياسية المحتقنة أوكسجينا جديدا علقت عليه الطبقات الشعبية آمالها القديمة والجديدة .
وعرفت هذه التجربة السياسية عديدا من الانتكاسات
و الخسارات أكثر مما عرفت من تحولات إيجابية في التعاطي مع الشأن السياسي الذي لم يعد
حكرا على الأحزاب التقليدية و المخزنية بل صارشأنا عاما ذكته مواقع التواصل الاجتماعي
خصوصا يوتيوب وفيسبوك ومنصات النشر الإلكتروني بشكل عام .
حدثت إذن إنتكاسات بعد أن التفت الأحزاب السياسية
الحكومية بنهجها للخطاب الشعبوي على مطالب حركة 20 فبراير في ظل الدستور الجديد وباتت
هذه الأحزاب هي المحاور الأساسي مع السلطات بدل قادة الحركة الشباب الذين غررتهم الدولة
بطعم التشغيل والتوظيف واحتوت أصواتهم بعض الأحزاب السياسية مثل حزب العدالة والتنمية
الذي التحق به المئات من الشباب أفواجا أفواجا طمعا في بعض فرص الريع السياسي الحزبي .
هكذا إذن امتصت الدولة غضب الفئات القابعة في بؤر
الهشاشة وسحرها بن كيران رئيس الحكومة الإسلاموية
بخطبه الشعبوية من خلال إطلاق عديد من العبارات الملغومة مثل "العفاريت والتماسيح"
و"عفا الله عما سلف" وهكذا أيضا توارت حركة 20 فبراير عن دورها الريادي في
الحراك السياسي وأصبحت سفينة آمنة قادت البلاد إلى بر الأمن والأمان بعد أن كانت ربانا
لا تحد آماله آفاق
.
0 التعليقات:
إرسال تعليق