يروم كتاب ألكسندرا سامر ( بلاغة النص الرقمي: أشكال القراءة وتوقعات الممارسات) إلى تسمية أشكال قراءة النص الرقمي قصد إنشاء بلاغة لهذا النوع من القراءة . هذا الكتاب ينفتح على سؤال ذي حساسية بالغة هو: هل تؤشر الرقمية على اختفاء النص الورقي ؟ هل ستكون القراءة الرقمية مصطنعة وسطحية ، في حين ستظل القراءة الورقية كما كانت مركزة ومدعاة للتفكير والتأمل. إن هذا الكتاب يعرض لرؤى متشائمة وأخرى متفائلة في نفس الوقت حول الإمكانيات التي يتيحها الأدب الرقمي . لكن بغض النظر عن الآراء المعبر عنها فيه ، هناك معطى أساسي مفقود في التحليل : يتعلق الأمر بفحص دقيق لخصائص النص الرقمي . فالافتراض المهيمن في الكتاب هو نوع القراءة التي يحددها المتلقي حسب دوافعه ؛ ثم بعد ذلك ينطرح النص ومحتواه ، واستراتيجياته وإجراءاته الخطابية وكذلك أهميته وشكله الغرافيكي الخطي على صفحة الشاشة. يبقى الهدف إذن هو تحديد ممارسات القراءة على مستوى النص الرقمي . وسوف تساعدنا أدوات التحليل الخطابي وشبه السيميائي في تحديد "إمكانيات فعل القراءة " حسب فولفغانغ إيزار للنص الرقمي. وتمزج هذه الدراسة بين نظريات التلقي وعلوم الاتصال في مفهوم واحد يسمى "بلاغات التلقي".
يتغيا الفصل
الأول من هذا الكتاب الكشف عن الأسس النظرية لبلاغة النص الرقمي طارحا السؤال
التالي : ما الذي يحظى بالأولوية عندما نمارس فعل قراءة النص الرقمي ؟ ما خصائص
النص الرقمي الواضحة أكثر من غيرها : أهو الرابط التشعبي الذي يتمثل دوره في الربط
بين عقد الوثائق المختلفة ؟. إنه حاضر بشكل بالغ جدا لأن الجزء المرتبط في النص لا
يظهر إلا بعد تنفيذ النقرة من طرف القارئ. هذا التنفيذ يندرج أيضا ضمن صيرورة
زمنية كما أنه يخلق شبكة من الإمكانيات التي يتخيلها المستخدم قبل النقر. ولكن حتى
لو قام بربط عقد النص بعضها ببعض فإن كل الروابط التشعبية لا تكشف عن
حقائقئها . فالمؤلف
يقوم بتمييز الرابط التشعبي الذي يفسر جزءًا في إطار الكل من الروابط التشعبية
المجازية التي قد تزيد من شكوك القارئ حول حقل القراءة . هناك إذن بلاغة الانغمار
من خلال فكرة تنفيذ إجراءات عن طريق النقر على أي رابط تشعبي من روابط النص .
بعد التذكير بتاريخ
البلاغة ورهاناته المعاصرة يتناول الكتاب نظرية تلقي النص الرقمي. وتم منذ البداية
أخذ أفق الانتظار الممكن في الاعتبار من أجل تعريف وجه البلاغة في النص الرقمي . وتم
توظيف مصطلحات فولفانغ إيزار وتطبيقها على النص الرقمي مثل : الدليل ،
الإستراتيجية ، الإعلانات ، الاستعادة . تأتي بعد ذلك مسألة نظام مواد النص . تهدف
النظريات الجديدة إلى دراسة التفاعلية بين
النص ومواده مع مراعاة العلاقة مع القارئ .
إن النصوص
الرقمية ليست فقط نصوصا يجب قراءتها بل إنها نصوص يتم من خلالها استدعاء الجسد
كاملا بطريقة ما . والقراءة الرقمية كذلك لها طابع متعدد الدلالات . يقوم مفهوم
"الأيقونية" بتنظير الجزء الحساس من المعنى في النص الرقمي الذي يعبر عن
نفسه من خلال المناولات والحركات وتسلسل الإيماءات. بعد نظرة عامة على وجهات النظر
المعبر عنها بشأن مسألة تفعيل الرابط التشعبي نصل إلى هذه الفرضية : الوحدات
السيميائية للمناولات وتمفصلات الحركات في منطقة تفاعلية يتردد صداها مع التجارب
الحساسة السابقة . على سبيل المثال ، النقر يستدعي الضغط على زر أو موضع التبديل .
هذه الحركة تأتي تحت الأيقونة لأن الإجراء المحتمل هو نفسه . ووفقًا لجان بيير
مونيير فإن "المدلول الأيقوني" هو "شكل يدخل به الجسم المدرك إلى
صدى المحاكاة". إن هذا يساهم في بناء إمكانيات عمل الرابط
التشعبي . ثم تتم صياغة مفهوم "الإشعاع الأيقوني". بعد ذلك نقوم بمقارنة
التأثيرات المرئية والتأثيرات الموسيقية في النص المتحرك. لإن لديها جميع الوحدات السيميائية
المؤقتة .
يمكننا توضيح
هذه الفكرة عبر وحدة تسمى "الهاجس": الوميض، والتغير السريع في الحجم
واللون . إنه يستحضر مفهوم الخطر والاستعجال لجذب انتباه القارئ بغض النظر عن
النص. وقد يستعمل هذا كثيرا في الإعلانات. "الإشعاع الأيقوني" يمكن أن
يوظف أيضًا في النص المتحرك. المفهوم الأخير المصاغ في هذا الفصل الأول هو فكرة
"نموذج الشكل" في الشاشة . على سبيل المثال الرابط التشعبي الذي يقلب
الصفحة بصريًا هو المؤدي في صفحة الكتاب إلى مرجع معلوم . إنه يرنو إلى الحنين
الافتراضي للقارئ لهذا النوع من الأسانيد .
في مجرى كل هذه المسالك
يتوقع جهاز السند الرقمي أيضًا الممارسات التالية : دقة الشاشة ، الإضاءة ، عرض
الألوان . أخيرًا يجب مراعاة سرعة الحاسوب. تختلف إذن ممارسات القراءة بناءً على قدرات
القراء والمعدات التي يستخدمونها.
ينقلنا الفصل
الثاني إلى مختلف أشكال القراءة الرقمية . يتعلق الأمر في هذا الصدد بدراسة مختلف الأشكال من أجل إنشاء تصنيف محدد . غالبًا ما
يتم تنشيط الرابط التشعبي عن طريق "الزابينغ" المشابه لحركة الضغط على
الزر في جهاز التحكم عن بُعد . إن هذا الكتاب يدافع على العكس من ذلك عن
"النزعة الإنسانية الرقمية" حيث يقوم المتلقي بقراءة النصوص بسرعة
للعثور على المعلومة بشكل أكثر جدوى خلافًا للأفكار المستقاة . بالإضافة إلى ذلك لقد
أظهرت بعض الدراسات الحديثة أن ممارسة القراءة الرقمية تعرف تصاعدا متزايدا يوم
بعد يوم بما في ذلك تطور أشكال النظام والشبكة.
ومن أجل تأطير
أفق انتظار القارئ تجاه النص الرقمي ، يدرس الكتاب بعض أفكار رواد الإنترنت .
الفكرة الأولى تتعلق بالذكاء الجماعي والذاكرة المخزنة والجاهزة للاستكشاف
والمنزهة عن أي ثغرة . يتم تقديم الإنترنت باعتباره مساحة للاستكشاف حيث كل
الأشياء متصلة بعضها ببعض. هناك شكل آخر تشاركي ذي ملمح غير هرمي حيث يمكن للجميع
التعبير عن أنفسهم وموسوعة ويكيبيديا هي أوضح مثال على هذا الشكل .
هناك عديد من
المواقف المختلفة كثيرا . يمكن للرابط التشعبي خلق شبكات تشاركية غير محدودة إذ يصبح
القارئ أيضًا مؤلفًا لما يقرؤه . بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يكون محور الذكاء
الجماعي المذكور أعلاه سواء كان حوارياً باعتباره وسيطا بين الأفكار المتباينة أو معلوماتيا
يخلق صلة ثابتة لبيانات واقعية . وحسب إحدى الدراسات فإن مستخدمي الإنترنت قد
يفضلون استخدام المعلومات الخاصة به.
أما بالنسبة للإعلام
والشخصيات العامة فإن الدراسات تؤكد أن التوقع الرئيسي للقارئ الرقمي هو الوسيط
الشفاف الذي يروي الوقائع والصحافة بالنسبة للكثيرين هي الضامن الجلي لـ
"حرية الرأي".
فيما يتعلق
بالأدب الرقمي والخيال الفائق يطرح الكتاب السؤال التالي : هل نحن مستعدون لقراءة أي
عمل أدبي على وسيط رقمي؟ وهل مناولاتنا للنص تتضمن انغمارا عميقا . ومع ذلك يصعب
تحديد هذا الشكل .
إن النموذج
الأدبي ما قبل القرن العشرين الذي يقدم استنتاجًا منطقيًا يرضي القارئ سيكون مؤشرا
على عناد وتعنت المجتمع . لقد حاولت الرواية الجديدة مساءلة هذا النموذج من خلال
اقتراح "شذرات" على القارئ حيث يجب عليه أن يشكل مساره الخاص به . يمكن
مقاربة المرحلة الريادية في القرن العشرين بالخيال الفائق والتي تفضل القراءة الشذرية
الموجزة .
يبحث هذا الكتاب
بعد ذلك في أشكال ملصقات الإعلانات حيث العامل الاقتصادي عبر الأونلاين هام أجدا أيضا
.
أما الفصل
الثالث فينطلق من التذكير بأن بلاغة النص الرقمي هي علم غير دقيق لكنه ضروري للبحث
والكتابة والنشر وكذلك بالنسبة لتدريس الثقافة الرقمية التأملية والنقدية . والهدف
منه هو تسييج أفق الانتظار داخل النص . وتقدم الكاتبة أليكساندر سامر كذلك مجموعة
من التحليلات عن طريق تصنيف الطرائق البلاغية للنص الرقمي لمقالات الصحف
الإلكترونية . ففي رأي الكاتبة فإن الدراسات المتعلقة بالروابط التشعبية في المجال
الصحافي تشكل المستوى الثاني من الأبحاث في المجال الرقمي . لذلك فالكاتبة تقترح هنا
دراسة حول خمسة وعشرين مقالة تضم مئتين وتسعة وعشرين رابطا تشعبيًا بهدف تصنيف
المسارات الخاصة بالنصوص الصحفية الرقمية.
تفترض الروابط
التشعبية الحوارية من جهتها وجود قارئ حريص على تقاطعات نظراته في بعض الأحيان
بطريقة جدلية أو ببساطة للوصول إلى المعلومات التي تفند تأكيد معلومة النص الأصل.
غالبًا ما تكون
هذه الروابط التشعبية الحوارية موجودة بعد التعليقات التي تم نشرها والتي ليست من
تعليقات مؤلف المقالة. وبهذه الطريقة تستخدم الروابط التشعبية في المقالة قبل كل
شيء خطابًا بلاغيا حجاجيا والذي يهدف الحصول على المعلومة وعلى حقائق تجريبية حيث
يكون للرابط التشعبي قيمة سلطوية لأنه يمكن أن يعيد إرسال (الروابط التشعبية
التعريفية ) نحو تعريف لمفهوم محدد أو كلام عالم وخبير والخطاب الحواري الذي يسلط
الضوء على الجانب الجدلي لهذه المشكلة أو تلك الإيديولوجية أو السياسية أو
الاجتماعية. تقول ألكسندرا سامر في النهاية:
نلاحظ أن
المقالة تتيح من خلال النصوص المترابطة الوصول إلى وثائق تستدعي القارئ
للولوج "عن طريق النقر" إلى
ورشة كتابة الصحفي .
وفي بادرة
ديداكتيكية تقدم الكاتبة تركيبة منهجية في ثماني مراحل هي : تأطير النص الذي تم
تحليله ثم تعريف أشكال النماذج لصفحة الشاشة . ثم في مرحلتين تقدم تعريفا جديدا لـ
"الريبيرتوار" أي القائمة بمعنى تصنيف المعارف والمهارات التي تستدعيها
المسارات البلاغية للروابط التشعبية والاعتراف بروابط التواصل بين النص الأصل
والنص المرتبط . يتعلق الأمر بعد ذلك بمسألة إعداد استراتيجيات كل رابط تشعبي ثم يليها
فحص الانتظارات المحتملة لاستراتيجيات النصوص المترابطة . أخيرًا وفي مرحلة سابعة
وثامنة يتم التعريف الشكلي للمسارات البلاغية للروابط التشعبية التي تم وضعها
بواسطة النص الأصلي بهدف اقتراح تركيبة تحليلية مفصلة.
تتغير بلاغة
النص الرقمي بشكل أساسي وفقًا للهدف الذي تتوخاه . لقد رأينا أن المقالات الرقمية
تستخدم الروابط التشعبية بشكل أساسي لأغراض إعلامية وحوارية. إن النص الرقمي ذو
الأغراض الجمالية أو الأدبية الرقمية يستخدم مجموعة كاملة من الطرائق البلاغية الأخرى التي
يوفرها الرابط التشعبي في فصل "أشكال القراءة ونماذج أشكال الشاشة في الخطاب
السردي" الذي اقترحته ألكسندرا سامر في تحليل بلاغة الأدب الرقمي من خلال قصة
: Zeit für die Bombe.
تربط ألكسندرا
سامر بين الأدب الرقمي والرواية الجديدة لكونهما ينكران معا الخطية الزمنية
والسببية للتقليد الأرسطي . لذلك سنكون للأدب الرقمي جينيالوجيا حسب كل من آلان
روب جريليت وكلود سيمون بينما الخيال الرقمي يستفيد من دعامة جديدة : واجهة الشاشة
حيث الصفحات لا تقلب بطريقة خطية ولكنها تتوالى الواحدة بعد الأخرى وفقً قراءة
جديدة التي وصفها ماتياس فرانك بأنها قراءة "فوضوية".
إن الأدب الرقمي
يفترض قراءة انغمارية إذ يصبح دور القارئ أساسيا في بنية السرد لأنه يعتمد على
خياراته. بالتالي يصبح القارئ "محققًا" غالبًا ما يشعر بأنه يتحمل
مسؤولية سيرورة القصة . قد يفقد سيطرته على واجهة الشاشة ويمكن للنصوص أن تسترسل
على صفحة الشاشة في وقت محدد . إنه شكل نموذجي "مؤيد مسبقًا".
في الخيال
الرقمي لا تعد مسألة التحليل البلاغي مسألة علاقات التواصل الإعلامي أو الحواري في
الخطاب الجدلي ولكن مسألة علاقة بين وحدة اللغة وحركة الصورة أو الاشعاع الأيقوني .
هذا التزاوج بين النص والصور المتحركة وبين القصة وسيرورتها المحتملة بشكل مصطنع
من طرف القارئ من خلال الروابط التشعبية هو ما يسهم في رسم بلاغة الأدب الرقمي.
هناك في نظر
الكاتبة خمسة أشكال نموذجية التي تفترض أن هناك قارئًا جاهزًا "ليفقد السيطرة
على الواجهة" أشكال نموذجية التي تفترض وجود قارئ موافق على
"الانسحاب" إلى نماذج المرجع المقترح للأشكال النموذجية "غير
المرجعية" التي تتوقع قارئا يعتبر الأشكال والألوان ككيانات مجردة وأشكال
النماذج متكاثفة مع قراءة "مركزة وبطيئة" وأخيراً أشكالا نموذجية مع
قراءة سريعة وغير قابلة للتأني .
يصنف هذا العمل
النقدي الوسائل البلاغية للروابط التشعبية وفقًا للتأثير الناتج .
بداية هناك
الروابط التشعبية للقراءة الكرونولوجية التي تلعب على تأثيرات تقدم السرد للقصة .
العديد من هذه الروابط التشعبية لها وظائف التي قامت بتحليلها السردية
الجينيالوجية منها ما ارتبط بالرواية الورقية ولكن أيضًا أسئلة التبئير والتي
يسميها هذا الكتاب الروابط التشعبية . تعمل الروابط التشعبية
"الطوبولوجية" على "تنقيل " التبئير السردي للمكان. أما بالنسبة لأشكال القراءة الانغمارية
(التي تستخدم في الأدب الرقمي كثيرا) فهي تهتم بالمشاركة الديناميكية للقارئ . كما
يستخدم النص الرقمي الخيالي أيضًا روابط متخفية تسمى "kine-trope" (والتي يمكننا
بالكاد تصورها في خطاب رقمي لأغراض إعلامية). لذلك هناك وسائل بلاغية محتملة
ومتصورة اعتمادًا على أنواع النصوص التي تستدعيها.
يستدعي الأدب
الرقمي قراءة مكثفة وإيقاعًا متسرعا . تلعب شبكة الروابط التشعبية مثل الوعي
المضطرب للبطلة الرئيسية ولهذا يمكننا أن نتحدث عن عدم انسجام الذاكرة". قد
تؤدي قراءة هذا النوع من الخيال إلى إرباك القارئ غير المعتاد على القصص التي لم
يتم إنشاؤها وفق تسلسل منطقيً زمني ولكن شكلي أيضًا لأن تسلسل صفحات الشاشة لا تتم
من خلال ترتيب محدد مسبقًا كما في كتاب ورقي.
قد يشعر القارئ
بالرغبة بترك الانغمار الخيالي لإلقاء نظرة ملتبسة على هيكل جهاز الخيال والحصول
على وعي ميتا-نصي لسند النص الرقمي والخطاب السردي. على سبيل المثال رابط تشعبي
حيث يجد القارئ صفحة تعرض "Error 404" التي تشكل مرجعا إلى السند الرقمي
للعمل الأدبي . هناك أيضًا ما يمكن أن نسميه باستخدام المصطلحات الجينية كما هو
الحال عندما يستدعى القارئ عن طريق التخيل إلى مستويات الواقع والخيال للتعمق في
الشريط. لذلك يمكن للأدب الرقمي على غرار روايات النصف الثاني من القرن العشرين أن
يكون "على دراية متوسطة" (ماري لوري ريان).
يقترح الكتاب
بعد ذلك دراسة أشكال القراءة في الخطاب المقنع . على عكس أنواع القراءة التي تمت
دراستها من قبل فإن هذه تفترض قارئا ذا اهتمام ضعيفً ويواجه "إقناعًا بدون
وعي ". يختلف الخطاب الإعلاني الرقمي عن الخطاب الجدلي والإعلامي في أنه عن
طريق البرهنة العقلانية ينتج خطابًا
جدليًا بهدف الإقناع بينما عن طريق الجدال غير عقلاني ينتج خطابًا مقنعًا من أجل
الإقناع.
تضع لنا الكاتبة
اقتباسا لريتشارد آركوند ونيكول بوربو لكن هذه الملاحظة تشير إلى الاختلاف العميق
لغرضي هذين الخطابين . تحدد ألكسندرا سامر خمسة لافتات تجارية . وتعثر إذن على
أشكال نموذجية مختلفة للنص المتحرك . هناك على سبيل المثال النص
"الأخاذ" الذي يلمع أو مع صوت "فيب" ملح والنص الذي يحتوي على
"مسار عنيد " و "الهدف المحدد" ذي الحركة المستمرة وغير
المحددة والنص المتحرك "المضلل "الذي يختفي تدريجيا وأخيرا النص"
الثابت" الذي يتميز باستقرار عام.
بعد ذلك ووفاءً
للطريقة المذكورة يحدد الكتاب حالات مختلفة من قراءة هذه النصوص المتحركة
ومساراتها . هناك بداية "الاقتران المتضخم " الذي يفترض أن يكون القارئ
جاهزًا للاقتناع عبر "التأكيد المزدوج النصي والحسي " القادم من الإشعاع
الأيقوني الذي يعزز إمكانيات حركة النص . يوجد أيضًا في أشكال القراءة
"التأكيدية " "الاقتران الإضافي" الذي يتطلع لقارئ من نفس
النوع مستعد للاقتناع عبر إضافة عدة أفكار حول فكرة رئيسية تدعم الإعلان الإشهاري.
لا يزال النص
الرقمي في مراحله الأولى مقارنة بالنص الورقي الذي يمتد عمره لعدة قرون . ومما
لاشك فيه أن للوسيط تأثير كبير على المسارات البلاغية للنص الرقمي. إن أول اختلاف
استحوذ على نطاق واسع في هذا الكتاب هو الرابط التشعبي الذي يحول بالكامل القراءة
الخطية للنص التقليدي إلى قراءة تختلف وفقًا للإمكانيات المتوفرة وأيضا خيارات
القارئ. من ناحية أخرى هناك العنصر الأيقوني وحركته المقترنة بإمكانية حركة النص
نفسه. ينفعل القارئ بشكل ديناميكي في النص الرقمي
وذلك بأخذه لهذه التوجهات المطلوبة بانقطاعاته لمجرى القراءة من خلال الاطلاع على
هذا التعريف أو ذاك أو وجهة النظر هذه أو تلك أو هذا الاتجاه أو ذاك في الخبر ...
وباعتبار النص الرقمي وسيطا حديثا فالبحوث الحديثة أساسية وضرورية في هذا الموضوع وفي
هذا الصدد تتوخى ألكسندرا سامر التحفيز على التكوين في الثقافة الرقمية من خلال
تحليل مساراتها البلاغية سواء في النص الجدلي والمعلوماتي أوفي النص الإعلاني
المقنع أو في مجال الأدب الرقمي . يتميز إذن هذا الكتاب بحمولة بيداغوجية لكل من
يريد التعرف على إمكانات حركية النص الرقمي. والمؤلفة باعتبارها كاتبة قصص رقمية
أيضا تصر على الجانب الإبداعي والمجدد لهذا السند الجديد في الأدب وتنهي عملها عن
البلاغة والمتعة : إن النص الرقمي يورط جسد القارئ وأحاسيسه وعواطفه بطريقة غير
مسبوقة .
RHÉTORIQUE DU TEXTE NUMÉRIQUE : FIGURES DE LA LECTURE,
ANTICIPATIONS DE PRATIQUES, ALEXANDRA SAEMMER
04/03/2016 MATHILDEOLLIVIER LAISSER UN COMMENTAIRE
0 التعليقات:
إرسال تعليق