سؤال يفرض نفسه في راهن الوضع الحالي غداة الانفراج التدريجي الذي بدأ يعرفه المغرب والعالم برمته بعد عامين من الحجر الصحي والتمديد في حالات الطوارئ والحصار الشامل الذي أطبق بسوداويته على جميع الأنشطة الإنسانية ومن بينها الحركية الثقافية التي شلت في مختلف فضاءاتها العامة .
فقد عشنا ما
يشبه "مدينة النحاس" بسبب تعليق إن لم يكن تجميد عديد من البرامج
الثقافية وتأجيلها إلى موعد غير معلوم تحت رحمة الجائحة أو إقفال عديد من الفضاءات
والقاعات مثل صالونات المعارض التشكيلية والمسارح وقاعات السينما وساحات الفرجة
مثل ساحة جامع الفنا الشهيرة عالميا في مراكش.
هذا من الجانب
السلبي الذي كانت له تكلفة باهظة جدا على المستوى السياحي والثقافي والترفيهي
والرياضي الذي طال جل الفئات المجتمعية وأغرقها في واقع دراماتيكي لم تسبق أن
عاشته منذ أوائل الخمسينات من القرن الماضي بسبب تداعيات الحرب العالمية الثانية
وأزمة المجاعة ما يسمى بعام "البون"
لكن بالرغم من
كل هذه القتامة التاريخية التي فرضتها الجائحة فقد حاول الفاعلون في المجال
الثقافي إنقاذ ما يمكن إنقاذه وذلك باستثمار الإمكانات التي تتيحها الوسائط
التكنولوجية والتطبيقات الرقمية كعقد الندوات الفكرية عن بعد بواسطة خدمة الزووم
والسكايب والبالتوك وغيرها .
وبالرغم من
محاولات الإنعاش هاته ففي رأيي تعد هذه المرحلة الوجيزة جدا حقبة بيضاء في سجل
الأنشطة الإنسانية وخصوصا الثقافية منها في المغرب .
اليوم أعتقد أن
الجسم الثقافي أصبح يسترجع عافيته تدريجيا وخصوصا في المجال السينمائي حيث تعرف
جميع جهات المغرب عديدا من المهرجانات الموسمية وفي طليعتها المهرجان السينمائي
العالمي بمراكش الذي سينظم في الفترة الممتدة من 11 إلى 19 نوفمبر 2022 بعد تأجيله
لموسمين متتاليين بسبب جائحة كورونا.
ومما لاشك فيه وكما يقول المثل العربي "رب ضارة نافعة" فرغم الندوب والأضرار التي خلفتها الجائحة فلا يجب علينا كمثقفين أن ننسى المكاسب الذاتية والجماعية التي حققناها في ظل الحجر الصحي الشامل حيث حتمت على عديد من الجمعيات والفاعلين الذاتيين أن يفكروا بجد في جعل الوسائط التكنولوجية وإمكانات الرقمية رافعة هامة للغاية للنهوض بالفعل الثقافي عن بعد وعن قرب على حد سواء وهذا سوف تكون له تداعياته الإيجابية على صعيد الاقتصاد في توفير اللوجيستيك والدعم المالي المثير للجدل والمعدات المخصصة لتنفيذ بعض البرامج الثقافية وخصوصا ما تعلق بعقد المؤتمرات السياسية والندوات الفكرية واللقاءات الثقافية .
0 التعليقات:
إرسال تعليق