الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


السبت، نوفمبر 04، 2023

نص مفتوح "أشلاء البراءة" عبده حقي


في عالم الألسنة الصادعة بالصمت والسماء المتكسرة، تهمس الرياح الحزينة بقصيدة آلام تجاوزت ندوبها كل قواميس الأرض.

كانت رثاء، عزفا حزينا تحمله الآهات اليائسة من أطفال غزة الجريحة،

سيمفونية يائسة مؤرقة رسمتها السماء بظلال الحزن.

وفي نواحهم المضمخ بالدموع، والمحفور على رق الشواهد، وجدت آيات البراءة قد تحطمت بسبب ويلات الظلم والظلام. كان كل مقطع يحمل جبالا من الحزن، ونداء يتردد صداه عبر المساحة المقفرة لأحلامهم المحطمة.

صراخهم ، فسيفساء من الأمل والسلام والبراءة، تتحدث عن حاراتهم التي تلتهمها نيران العدوان، وعن ضحكة غرقت في نشاز العنف. لقد وصفوا مرارة الخسارة، وألم الجنازات، والشوق العميق إلى سماء هادئة لكنها تبدو بعيدة المنال على الدوام.

في هذه الصراخات، وسط الخراب، يشرق بصيص من الصمود، جذوة أمل لا تنطفئ وترفض أن تنطفئ. لقد كانت شهادة على روح لا تتكسر، وتتحدى العاصفة الحمراء التي تهدد بمحو ابتساماتهم.

آه، كم كان من المعجزة، في مواجهة هذه المحنة، أن نشهد أن أرواحهم التي لا تقهر تتفتح مثل زهرة وسط الأنقاض، وهي شهادة على الإرادة البريئة التي لن تقهر.

في صراخاتهم المعبأة بالألم والقدرة على الصمود، كان الصمت يزأر تحت وطأة المآسي الدفينة، والقصص غير المروية تحت الأنقاض، تحطمت أحلامهم قبل أن تتمكن حتى من التحليق عاليا فوق القدس.

كان صراخهم المؤلم لنداءاتهم انعكاسًا لعالم لئيم تشوبه سحابات البترول والدموع التي رسمت ملامح براءتهم. لقد قالوا الكثير، ولكن في البلاغة الصامتة والمؤثرة تكمن الحقائق المزيفة.

وفي خضم هذا الزلزال ، الدمار ، وشهوة الردم حيث يبدو الأمل ظلًا لا ينضب، معجزة تحلق فوق رؤوس أطفال غزة. إنهم، مهندسو الأحلام من خيوط التحدي، يرفضون الاستسلام لسطوة المحو الذي يسعى إلى المس بحق وطنهم في الحياة .

أحزانهم، مثل الأبراج في سماء مظلمة، شكلت أنماطًا تحكي الخسارات وكذلك القوة التي لا تزعزعها المدرعات. ومن خلال صراخهم، تكشفت قصص من العواطف، وقصائد تتحدى مجازات محمود درويش وسميح القاسم ، تتحدث كثيرًا عن إيقاعات وخفقان قلوبهم المرتجفة .

إيقاع انتمائي في صراخهم، إيقاع ولد من الألم المشترك، ولكن تحت كل ذلك تكمن وحدة شاملة. كما لو أن آلامهم ولدت لغة خارجة المألوف، لوحة قماشية رسمت فيها كل ضربة من مشاعرهم صورة للبقاء وسط الأنقاض.

وكان الجمال المجرد لوجوههم المشوبة بغبار القصف بمثابة شهادة على عزيمة الثبات، الذي يتجاوز حدود التعبيرات التقليدية. ومن خلال صرخاتهم ، وبكائهم المؤلم ، تتمكن الإنسانية من قراءة قصائد وجودهم.

وقصص صمودهم، على الرغم من كونها مؤلمة، كانت تحمل لنا من المحيط إلى الخليج جاذبية غريبة - وهي شهادة قوية على قدرة أطفال غزة على التحمل والتشبث بالأمل في مواجهة اليأس.

وفي الأشلاء الممزقة من رواياتهم، يمكن للعالم أن يقرأ انعكاس عالم تمزقه صراعات النفط.

يكمن الجمال الغريب والإعجازي في صراخهم المعلن وغير المعلن، وهو خطاب بريء مكتوب على جدار الأمم المتحدة والكون عامة ، يحث على التفاهم والمسعى الجماعي لتضميد جراح أرض يطاردها الاحتلال الغاشم.

في هذا النثر الشعري لصراخهم،

في الطائرات المسيرات المصوبة لصمودهم،

تتردد أصداء رسالة أطفال غزة الجريحة

نداء من أجل السلام،

نداء من أجل البراءة،

نداء من أجل عالم يمكن أن ترسم فيه ضحكاتهم مرة أخرى السماء بألوان الفرح.

في قبضة الحزن جاءت صراخاتهم

من أطفال غزة الجرحى والمشوهين

أصواتهم مثل همسات الليل

عندما يصرخون تحلق أرواحهم.

 

في الشوارع المتربة حيث توقف الضحك،

حيث لن يتم استرضاء أصداء الحرب أبدًا،

عيونهم البريئة تحكي حكايات وحكايات ،

من أرض يتكشف فيها الخوف والألم.

 

بقلوب مثقلة جداً،

مثقلة بعمق،

يبكون على أحلام لا يستطيعون الاحتفاظ بها.

أيديهم الصغيرة،

التي كانت مليئة بالبهجة،

الآن تتشبث بالأمل،

في نهاية المأساة.

 

الندوب التي يحملونها،

سطور عن الحياة حيث كان الفرح

اخذته يد القدر القاسية

تاركة وراءها أشلاءهم الممزقة.

 

في كلماتهم، نداءات ،

لكي يعم السلام،

وتتحرر الأرض،

من الاغتصاب،

من أجل عالم يمكن أن يزهر فيه الفرج والفرح مرة أخرى،

ويبدد غيوم كآبتهم.

 

 

0 التعليقات: