الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الثلاثاء، فبراير 11، 2025

فاس بين مخالب الارتدادات : عبدو حقي


يتشقق الهواء مثل قشرة بيضة ،

وأرتفع، وأُنزع، وأُحرَك

من نسيج ذاتي النائمة-

يتحول السرير إلى عمود فقري لحوت

يتشنج في محيط بلا قمر.

من اقتلع عظام المدينة؟

من جعل الجدران تتلوى مثل

أيدي رجل عجوز مرتجفة؟

لم يعد الليل ليلاً

بل صرخة بأسنان مكسورة،

ولسان مفكك من فمه.

كنت أحلم، وكان حلمي سميكًا

كمرآة من الفضة المذابة.

لم يكن للحلم حواف، ولا نهاية،

وكنت أطفو مثل الريشة الأخيرة

لطائر نسي السماء منذ زمن بعيد.

ثم جاء التمزق -

يد من الهندسة غير المقدسة

اندفعت عبر بطن نومي،

انتزعتني من فراديس الحلم،

ورمت بي رأسًا على عقب في فم الواقع،

وحشًا تخليت عنه منذ زمن طويل.

الجدران لا تطيع واجبها،

الأرضيات الخشبية تتكشف مثل ترانيم تتكشف.

 

صار السقف غطاء نعش

لا يستطيع أن يقرر ما إذا كان سيغلق أم سيفتح.

أمد يدي إلى مقبض الباب

لكن الباب صار يضحك، يضحك،

جرح لن يلتئم.

الشارع أدناه يتفكك

في موجات من الطوب والعظام.

أرى عمود إنارة يرقص رقصة الفالس الجنائزية،

وسلك هاتف يحيك الكوابيس

من صراخ مائة شبح.

القمر جفن متحلل،

يرمش بلا فائدة عند انهيار كل الأشياء.

لا أعرف ما إذا كنت مستيقظًا.

"لقد تحدثت الأرض بلغة أقدم من الأساطير،

وأثقل من الزمن.

لقد فتحت حنجرتها وغنت أغنية لا أستطيع أن أنسى سماعها.

وأنا أتساءل: هل كان الحلم هو الشيء الحقيقي،

وهل هذه هي الكذبة الوجودية ؟ هل كنت أكثر أمانًا

داخل دوامة الأنهار اللاواعية،

حيث يمكن للمعنى أن ينحني مثل الصفصاف

وكان الموت مجرد استعارة؟

أخطو على الرصيف المتناثر،

وتخرج المدينة الغبار في فمي.

أنا يتيم الليل، ألقيت

من أحضان وهم

إلى فكي وهم آخر.

وأعلم، بمعرفة الرعب،

أن النوم لن يكون كما كان أبدًا.

أنني كلما أغمضت عيني،

سأسمع الأرض تهمس

بجوعها، وغضبها،

وعطشها لتحطيم الخط

بين اليقظة والجنون.

0 التعليقات: