الشارقة - يعمل مجمع اللغة العربية بالشارقة منذ العام الماضي على تعزيز حضور "لغة الضاد" عالميا، وترسيخ مكانتها في المؤسسات العلمية والأكاديمية في مختلف القارات، مستهدفا مناقشة تحدياتها، وسبل تطوير تعليمها وفق أفضل الممارسات الدولية، وذلك انطلاقا من إيمانه الراسخ بأنها أرقى اللغات بيانا واتساعا، حيث شكلت عبر القرون وعاء للمعرفة وجسرا لنقل الفكر الإنساني.
وانعكست هذه الرؤية في مشاريع ومبادرات دولية كبرى أطلقها المجمع، وتجاوزت حدود العالم العربي إلى قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، وساهمت في تعزيز الجسور المعرفية بين المؤسسات الأكاديمية في مختلف الدول، في تأكيد دائم أن العربية "أصل اللغات ومخزون تاريخنا وهويتنا، وهي الأطول عمرا، والأوسع معجما، والأروع بيانا".
وحول اتساع جهود المجمع خارج حدود البلدان العربية، يقول الدكتور امحمد صافي المستغانمي، أمين عام مجمع اللغة العربية بالشارقة إنه "بفضل رؤية الشيخ سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة انتقل ارتباط العالم باللغة العربية إلى مرحلة تبشر بتعزيز حضور العربية عالميا كما كانت في سالف مجدها، وماضي سؤددها، يوم شكلت لسان الحضارة، ومفتاح المعارف، وركيزة العلوم، فمن خلال لقائنا بالإخوة القائمين على خدمة العربية في أصقاع الدنيا، وحديثنا إلى ممثلي أمم شتى وثقافات متباينة؛ لمسنا مقدار الإعجاب بهذه اللغة، واستشعرنا عظيم مكانتها في نفوس أهلها والوافدين عليها؛ مشكلة لغة تفاهم ومفتاح تعارف بين الشعوب، وجسرا يمتد بين الحضارات".
وأضاف "نفخر بأن أضحت الشارقة ملتقى الألسن المتعددة التي يجمعها حب العربية وانبهارها بسحر بيانها وجزالة ألفاظها واتساع معانيها. وهكذا، غدت الإمارة منارة تضيء دروب الناطقين بالعربية والوافدين عليها من كل فج عميق، ممن شدوا رحالهم إليها ينهلون من معينها العذب، ويغترفون من بحورها الزاخرة، ليكونوا سفراءها في الآفاق، وحملة لوائها بين الأمم".
ويواصل مجمع اللغة العربية بالشارقة تعزيز حضور العربية في أوروبا عبر شراكات أكاديمية وبرامج تعليمية نوعية. من ذلك افتتاح قاعة اللغة والثقافة العربية في جامعة الفارابي بكازاخستان لتوفير بيئة تعليمية متكاملة تدعم تعلم العربية أكاديميا.
وإيمانا بضرورة تطوير تعليم العربية وفق متطلبات العصر، ناقش المجمع في المهرجان الدولي للغة والثقافة العربية في ميلان ارتباط اللغة بالذكاء الاصطناعي، مما يعكس رؤية حديثة لمستقبل العربية في الأوساط البحثية والتقنية. كما نظّم مؤتمر الشارقة الدولي للدراسات العربية في أوروبا الذي شهد تقديم 23 دراسة أكاديمية تناقش تحديات تعليم العربية وأساليب تطويرها.
ولم يقتصر المجمع على تنظيم الفعاليات، بل تبنى منهجية شاملة تعزز استدامة تعليم العربية، من خلال استقطاب الوفود الطلابية لإثراء تجارب التعلم على أرض الشارقة، كما ظهر في تجربة الطلاب البولنديين والنمساويين في تعلم العربية، والتي عكست اهتمام المجمع بدعم تعليم العربية عالميا، وإبرام شراكات طويلة الأمد لتحقيق تلك الأهداف.
كما يواصل مجمع اللغة العربية بالشارقة دوره الفاعل في تعزيز حضور اللغة العربية في القارة الأفريقية. ومن أبرز المبادرات في هذا السياق، افتتاح المقر الجديد لمجلس اللسان العربي في موريتانيا الذي تبنى منذ افتتاحه رؤية راسخة لإطلاق مشروع "المعجم العربي الأفريقي"، بهدف تأصيل المفردات المشتركة بين العربية واللغات الأفريقية، خاصة أن العديد من هذه اللغات استخدمت الحرف العربي في الكتابة لقرون طويلة، مما يفتح المجال أمام دراسات جديدة تبرز تأثير العربية في المجتمعات الأفريقية.
وامتدت جهود مجمع اللغة العربية بالشارقة كذلك إلى غامبيا، حيث نظم ندوة علمية حول واقع العربية في البلاد، بمشاركة أكاديميين وباحثين ناقشوا تحديات تعليم العربية وسبل تعزيز انتشارها.
وفي سياق دعم المجمع للعلاقات الأكاديمية مع المؤسسات الأفريقية استقبل المجمع وفدا أكاديميا أفريقيا ضم باحثين ومتخصصين في الدراسات اللسانية والمعجمية، حيث تم بحث سبل تعزيز العلاقات بين المراكز البحثية الأفريقية والمجمع، بما يسهم في تطوير مشاريع علمية ولغوية مشتركة تدعم حضور العربية في القارة الأفريقية.
عن ميدل إيست أونلاين
0 التعليقات:
إرسال تعليق