الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأربعاء، مارس 12، 2025

"حلم الأفق المسروق" نص سردي : عبدو حقي


حلمت أنني أعيش في مدينة لم تعد موجودة. صحراء تحولت فيها البيوت إلى ظلال، وتلاشت الشوارع بفعل الرياح.

في هذا الحلم، كان اسمي سمير، لكنني لم أعرف إذا كان هذا هو اسمي حقًا.

بدأ كل شيء بالهمس. ضجيج بعيد، إشاعة تحملها الرياح التي تعبر الكثبان الرملية.

قيل أن البحر قد انحسر وانفتح ممر غير مرئي في الصحراء.

أن الرجال مجهولي الهوية الذين يتلفعون في ملابس سوداء كانوا يضعون شعارات تشير إلى طريق غير موجود على أي خريطة.

في صباح أحد الأيام، طرقت بابي امرأة ذات صوت رمادي.

وقالت: "علينا أن نغادر".

- اذهب إلى أين؟

لا مكان.

ولم يبق في مدينتي إلا النائمون، الذين ما زالوا يحلمون بالبحر، والسائرون، الذين يتبعون العلامات.

كنت بين الاثنين. فتحت عيني لكنني لم أكن مستيقظا. كنت نائماً لكنني لم أكن في سلام.

وغادر المتظاهرون في طوابير طويلة صامتة. ومروا واحداً تلو الآخر عبر نقطة تفتيش في وسط الصحراء. لقد سمعت أنه على الجانب الآخر، كانت هناك بلدة بلا ماض. أطلقوا عليها اسم "مملكة الرياح".

لقد اتبعت الخط، ليس باختياري، ولكن لأنه لم يكن هناك شيء آخر أفعله.

وفي الطريق اقترب مني رجل يرتدي معطفاً أبيض.

- هل ملأت استمارتك؟

- أي شكل؟

- من يعطي الإذن بالوجود في مكان آخر.

لم أجب.

أعطاني قطعة من الورق مكتوب عليها كلمة واحدة: "قبول".

مشينا لفترة طويلة. انهار البعض على الطريق، والبعض الآخر اختفى في صمت. ثم وصلنا إلى باب ضخم، باب بلا جدران. وخلفها أبراج زجاجية تطفو في السماء وشوارع بلا أحجار مرصوفة بالحصى.

صرخ مكبر الصوت:

- مرحبًا بك في منزلك الجديد.

دخل السائرون واحداً تلو الآخر. توقفت عند العتبة.

قال لي رجل ذو وجه ناعم: "تقدم للأمام".

وإذا رفضت؟

- ليس هناك رفض.

رجعت خطوة إلى الوراء.

- أين منزلي؟

-هنا الآن.

كانت الرياح تهب بقوة أكبر. اختفت المدينة. امتدت الصحراء أمامي، لا نهاية لها، صامتة. التفتت ولم يبق شيء خلفي.

ولم أعد أعرف من أين أتيت أو إلى أين أذهب. فقط الرمال ما زالت تغني.

وفهمت أنني لم أكن موجودًا أبدًا.

0 التعليقات: