الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الخميس، مارس 06، 2025

انكشاف النفاق السياسي للسلطات الجزائرية: عبده حقي


مرة أخرى تقدم الجزائر نفسها كمدافع متحمس عن حقوق الإنسان من خلال التعبير عن "قلقها" إزاء الوضع الإنساني في فلسطين والصحراء المغربية. ومع ذلك، فإن هذا الموقف يخفي نفاقا صارخا من جانب السلطات الجزائرية، التي تستخدم القضايا الدولية لصرف الانتباه عن الانتهاكات المنهجية للحقوق الأساسية في بلدها.

فقد أدان مؤخرا سفير الجزائر وممثلها الدائم لدى الأمم المتحدة رشيد بلادهان، خلال الدورة 58 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، "الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان" في فلسطين والصحراء المغربية. ودعا إلى إرسال بعثة لتقصي الحقائق وإعداد تقرير مفصل لمجلس الأمن الدولي. إن هذا الإعلان، الذي قد يبدو نبيلاً للوهلة الأولى، يكشف قبل كل شيء عن تناقضات النظام الجزائري الذي يقمع بشدة أي معارضة على أراضيه.

وبينما يدين القادة الجزائريون ما يسمى ب"الاحتلال المطول" و"الأزمات الإنسانية" في أماكن أخرى، فإنهم يتجاهلون الاعتداءات على الحريات الأساسية في دولتهم نفسها حيث يتعرض الناشطون السياسيون والصحفيون والمدافعون عن حقوق الإنسان للاعتقال والسجن بشكل منتظم بذرائع واهية. ويتم تكميم حرية الصحافة، وخنق أي صوت معارض من خلال المحاكمات التعسفية والأحكام الثقيلة. كما يمنع النظام ظهور مجتمع مدني مستقل ويجرم المعارضة تحت ستار مكافحة الإرهاب أو زعزعة استقرار الدولة.

علاوة على ذلك، تعلن الجزائر التزامها بالتعددية وحقوق الإنسان من خلال تسليط الضوء على تقرير منتصف المدة المقدمة إلى المراجعة الدورية الشاملة واستضافة المقررين الخاصين للأمم المتحدة. لكن هذه الخطوات تظل ماكياج تجميلي بحت، وتهدف إلى تحسين صورة النظام دون إحداث إصلاحات حقيقية. كما تواصل الجزائر انتهاك حقوق التجمع وتكوين الجمعيات، حيث تحظر بشكل منهجي المظاهرات السلمية، وتعمل على حل المنظمات المستقلة التي تتجرأ على تحدي سلطتها.

وتتجلى المفارقة بشكل أكثر وضوحا عندما نراقب السياسة الخارجية للجزائر. وبينما تقدم نفسها كمدافعة عن الشعب الصحراوي، فإنها ترفض الاعتراف بالتطلعات الديمقراطية للشعب الجزائري إذ يستغل الجيش والنخب الحاكمة قضية الصحراء المغربية كوسيلة جيوسياسية ضد المغرب، بدلا من السعي إلى حل عملي وسلمي للنزاع.

ويهدف استغلال القضايا الخارجية في المقام الأول إلى تحويل الانتباه عن التحديات الداخلية والحفاظ على الخطاب القومي لترسيخ سلطتها.

إن الخطاب الجزائري حول حقوق الإنسان في فلسطين والصحراء يشبه مناورة دبلوماسية تهدف إلى إخفاء التجاوزات الاستبدادية للنظام. وبعيداً عن كونها جهة فاعلة ذات مصداقية على الساحة الدولية، فإنها توضح بشكل مسرحي فن الازدواجية السياسية: إدانة الظلم في أماكن أخرى وإدامة القمع في الداخل.

0 التعليقات: