الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأحد، مايو 04، 2025

الحقائق المغيبة عن ترحيل صحفيين إيطاليين من الصحراء المغربية: عبده حقي


نشرت أبواق البروباغاندا الجزائرية والجمهورية الصحراوية الوهمية مؤخرًا مغالطات في تقارير تزعم أن المغرب "طرد" صحفيين إيطاليين من الصحراء المغربية، وتُقدِّم الحادثة كدليل إضافي على ما وصفوه بـ"الحصار والمنع الإعلامي". وهي قراءة منحازة، تتجاهل السياق القانوني والسياسي الذي يُؤطر كل عمل صحفي في منطقة سيادية ذات حساسية جيوسياسية، لطالما شكّلت هدفًا لحملات دعائية مضادة لمصالح المغرب.

إن ما حدث يوم 27 أبريل 2025، بحسب بلاغ السلطات المغربية، لم يكن سوى تطبيق صارم ومشروع للقانون المنظّم لممارسة الصحافة الأجنبية فوق التراب الوطني، وبالخصوص في منطقة تعرف توترات إقليمية مزمنة تُستغلّ فيها حرية التعبير كحصان طروادة لتهريب أجندات انفصالية قديمة قدم الحرب الباردة . الصحفيان الإيطاليان، ماتيو غارافوليا وجوفاني كولموني، لم يكونا يحملان أي ترخيص رسمي للتصوير أو التغطية الإعلامية، لا من المركز السينمائي المغربي، ولا من الوزارة الوصية، ولم يُبلغا سفارتهما بمهام واضحة، بل دخلا خلسة بهدف ما سُمِّي "تغطية حقوق الإنسان"، وهو تعبير يُستعمل غالبًا كواجهة لاختراق أمني أو دعم غير مباشر لأطراف غير شرعية كجبهة البوليساريو.

لقد ادعت لجنة حماية الصحافيين (CPJ) أن ما جرى يعكس "حظرًا إعلاميًا" في الصحراء المغربية، متجاهلة أن القانون المغربي، أسوةً بمعظم قوانين الدول ذات السيادة، يُلزم الصحفيين الأجانب بالحصول على ترخيص رسمي للعمل في مناطق حساسة. في فرنسا، ألمانيا، والولايات المتحدة نفسها، يخضع الصحفي الأجنبي لمراقبة دقيقة إذا ما قصد تغطية مناطق أمنية أو ذات طابع عسكري أو نزاعي. فكيف يُلام وينتقد المغرب على حماية حدوده الإعلامية، بينما تُثني هذه الدول على يقظتها السيادية؟

الأكثر إثارة للأسف هو الإصرار المستمر على اعتماد مصطلحات تُسوِّق لرواية انفصالية، كوصف "الصحراء المغربية" بـ"المتنازع عليها"، وتقديم البوليساريو كـ"حركة تحرير"، في تجاهل صارخ للواقع الميداني والسياسي. فالمغرب يسيطر على أكثر من 80% من الإقليم، ويستثمر فيه تنمويًا بشكل شامل، كما أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية تلقى دعمًا من أكثر من 90 دولة، ضمنها الولايات المتحدة، إسبانيا، وفرنسا وإسرائيل والإمارات. كما أن الأمم المتحدة نفسها، في تقاريرها، لم تُصنّف المغرب كمحتل، بل تعتبر أن حل النزاع لا يمرّ إلا عبر التفاوض السياسي.

أما ما نُسب إلى تقرير منظمة العفو الدولية بشأن الحريات في المغرب، فليس سوى إعادة إنتاج لتقارير نمطية تفتقر إلى التوازن، حيث تُدمج أوضاع الصحراء المغربية مع قضايا أخرى داخلية لا علاقة لها، وتُقدّم الصورة كما لو أن البلاد تعيش في "دكتاتورية إعلامية"، في حين أن العشرات من الصحف والمواقع الإلكترونية المعارضة تعمل بحرية، وتُنتقد فيها أعلى سلطات الدولة دون أن تُغلق أو تُمنع.

وعن حرية الصحافة في المغرب، يجدر التذكير أن المملكة ارتفعت مرتبتها في مؤشر حرية الصحافة لعام 2024 حسب «مراسلون بلا حدود»، رغم التحديات الإقليمية. كما أن الإعلام المغربي يتمتع بتنوع غير مسبوق، سواء في الآراء أو الانتماءات، بينما ما يُروّج حول "سجن الصحافيين بسبب آرائهم" هو تضخيم إعلامي، حيث الغالبية العظمى من القضايا مرتبطة بجرائم حق عام أو بتجاوزات قانونية مهنية، كما هو الحال في كل ديمقراطيات العالم.

ليس من حق أي جهة، أكانت صحفية أو "حقوقية"، أن تتعامل مع التراب المغربي وكأنه منطقة خارج السيادة، وتُطلق فيها كاميراتها دون تنسيق مع المؤسسات الرسمية. بل إن ما يُمارَس أحيانًا من قِبل هؤلاء "الصحفيين المستقلين" يتجاوز الإعلام إلى التحريض، ونقل معلومات مغلوطة من داخل بيئة مُستقطبة، لا خدمة للحقيقة، بل تأجيجًا لصراع طال أمده، على حساب حق المغاربة في الأمن والاستقرار.

وفي هذا السياق، لا بد من التذكير بأن عشرات الوفود الإعلامية من أوروبا وأمريكا زارت الصحراء المغربية في السنوات الأخيرة، واشتغلت بحرية كاملة، شرط احترامها للمساطر القانونية، وهو ما يفنّد أي مزاعم عن "حظر إعلامي"، بل يُثبت أن الإشكال ليس في المغرب، بل في من يُصرّ على العمل بمنطق "التخفي والاقتحام"، لا بمنطق المهنية والوضوح.

المغرب، وهو يواجه هذه الحملات، يراكم مشروعية دبلوماسية وقانونية وميدانية. ومهما حاولت بعض الجهات تدويل الأكاذيب، فإن الحقيقة تظلّ أقوى من الدعاية، والواقع أصدق من كل التقارير المعلّبة.

0 التعليقات: