أعاد النائب الأميركي جو ويلسون فتح ملف الصحراء المغربية من بوابة الكونغرس، حيث جدّد دعمه العلني لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، مؤكداً أن استقرار المملكة يمثل عنصراً أساسياً في منظومة الأمن الإقليمي والدولي. وقد جاء هذا الموقف ليضيف زخماً جديداً للمسار الدبلوماسي المغربي الذي نجح خلال العقدين الأخيرين في تثبيت طرحه في المنتديات الدولية، خصوصاً بعد اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء سنة 2020.
يذكّر ويلسون بأن المغرب
كان من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال الولايات المتحدة، في إشارة إلى عمق الروابط
التاريخية بين البلدين. وهو توظيف رمزي يعكس رغبة واشنطن، أو على الأقل بعض دوائرها
السياسية، في التأكيد على خصوصية الشراكة مع الرباط باعتبارها حليفاً موثوقاً في شمال
إفريقيا. هذا الارتباط التاريخي يتم استثماره اليوم لإبراز أن دعم واشنطن لمغربية الصحراء
ليس ظرفياً بل يجد جذوره في تاريخ طويل من العلاقات الاستراتيجية.
اللافت في خطاب ويلسون
هو وصفه لجبهة البوليساريو بـ"الوكيل الإيراني في شمال إفريقيا"، بل وذهابه
إلى حد المطالبة بتصنيفها "منظمة إرهابية". هذا الخطاب يحمل أبعاداً جيوسياسية
تتجاوز حدود النزاع المغربي-الجزائري، إذ يربط الملف بمصالح الولايات المتحدة في مواجهة
النفوذ الإيراني على الساحة الدولية. مثل هذا التوصيف يضع الجزائر، الداعم الأساسي
للبوليساريو، في موقع حرج، لأنها قد تُتهم بشكل غير مباشر بفتح المجال أمام نفوذ طهران
في المنطقة.
من شأن هذا الموقف
أن يُكسب المغرب نقاطاً إضافية في معركته الدبلوماسية، خصوصاً وهو يعمل على توسيع دائرة
الدول الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الحل الواقعي والوحيد. في المقابل، قد
يثير هذا الطرح ردود فعل غاضبة من الجزائر، التي تعتبر أن أي مساس بالبوليساريو هو
مساس بخياراتها الاستراتيجية. كما يُتوقع أن تتباين المواقف داخل الاتحاد الإفريقي
والأمم المتحدة بين من يرى في الأمر دعماً لاستقرار المنطقة ومن يعتبره انحيازاً يمس
بمبدأ "تقرير المصير".
إن طرح ويلسون ينسجم
مع رؤية أوسع ترى في المغرب شريكاً محورياً في محاربة الإرهاب والهجرة غير النظامية
وحماية المصالح الغربية في الساحل الإفريقي. وهنا يتجاوز الخطاب الأميركي حدود المجاملة
السياسية ليضع المغرب في موقع "الضامن" للاستقرار الإقليمي، في وقت تتصاعد
فيه التوترات في الساحل والصحراء.
تصريحات جو ويلسون
هي تعبير عن اتجاه داخل المؤسسة التشريعية الأميركية يرغب في الدفع نحو مزيد من الانخراط
في ملف الصحراء المغربية. وإذا ما تَرجَم الكونغرس هذه التصريحات إلى خطوات عملية،
فإن ذلك سيُعزز المكاسب الدبلوماسية التي حققها المغرب، ويضعف في المقابل خيارات خصومه.
غير أن المشهد لا يخلو من تحديات، إذ ستعمل الجزائر على تعبئة أوراقها الدبلوماسية
لمواجهة ما تعتبره "انحيازاً أميركياً"، بينما ستبقى الأمم المتحدة الإطار
المرجعي لإدارة هذا النزاع الطويل الأمد.
0 التعليقات:
إرسال تعليق