فِي خُطْوَةٍ رَمْزِيَّةٍ غَيْرِ مَسْبُوقَةٍ، أَعْلَنَ المَغْرِبُ عَنْ يَوْمٍ وَطَنِيٍّ جَدِيدٍ يُخَلَّدُ فِي الحَادِي وَالثَّلَاثِينَ مِنْ أُكْتُوبَرَ مِنْ كُلِّ عَامٍ، تَخْلِيدًا لِاعْتِمَادِ مَجْلِسِ الأَمْنِ الدُّوَلِيِّ قَرَارًا تَارِيخِيًّا يُؤَيِّدُ خُطَّةَ الحُكْمِ الذَّاتِيِّ المَغْرِبِيَّةِ فِي الصَّحْرَاءِ. هٰذَا القَرَارُ الأُمَمِيُّ الَّذِي اعْتُبِرَ عَلَى نِطَاقٍ وَاسِعٍ انْتِصَارًا دِبْلُومَاسِيًّا غَيْرَ مَسْبُوقٍ لِلْمَمْلَكَةِ، تَحَوَّلَ سَرِيعًا إِلَى عِيدٍ رَسْمِيٍّ جَدِيدٍ حَمَلَ اسْمَ "عِيدِ الْوَحْدَةِ"، فِي إِشَارَةٍ إِلَى تَلَاحُمِ الأُمَّةِ حَوْلَ ثَوَابِتِهَا الْوَطَنِيَّةِ وَوَحْدَتِهَا التُّرَابِيَّةِ الرَّاسِخَةِ.
جَاءَ الإِعْلَانُ الرَّسْمِيُّ مِنَ الدِّيوَانِ المَلَكِيِّ فِي الرَّابِعِ مِنْ نُوفَمْبَرَ 2025، لِيُؤَكِّدَ أَنَّ الْمَلِكَ مُحَمَّدَ السَّادِسَ وَجَّهَ بِأَنْ يَكُونَ هٰذَا اليَوْمُ مَحَطَّةً وَطَنِيَّةً سَنَوِيَّةً تُسْتَحْضَرُ فِيهَا التَّضْحِيَاتُ الَّتِي قَدَّمَهَا المَغَارِبَةُ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ مِنْ أَجْلِ اسْتِكْمَالِ وَحْدَةِ الْوَطَنِ التُّرَابِيَّةِ. وَأَضَافَ البَيَانُ أَنَّ هٰذِهِ المُنَاسَبَةَ سَتُعَبِّرُ عَنْ التَّمَسُّكِ بِالمُقَدَّسَاتِ الْوَطَنِيَّةِ وَالحُقُوقِ المَشْرُوعَةِ لِلْمَمْلَكَةِ، وَعَنْ الإِيمَانِ العَمِيقِ بِعَدَالَةِ القَضِيَّةِ الوَطَنِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى الدَّوَامِ فِي صُلْبِ السِّيَاسَةِ الْخَارِجِيَّةِ المَغْرِبِيَّةِ مُنْذُ عُقُودٍ.
القَرَارُ الأُمَمِيُّ، الَّذِي صَادَقَ عَلَيْهِ مَجْلِسُ الأَمْنِ بِأَغْلَبِيَّةٍ مُرِيحَةٍ يَوْمَ الحَادِي وَالثَّلَاثِينَ مِنْ أُكْتُوبَرَ، مَنَحَ دَعْمًا صَرِيحًا لِخُطَّةِ الحُكْمِ الذَّاتِيِّ المَغْرِبِيَّةِ بِاعْتِبَارِهَا الحَلَّ الوَاقِعِيَّ وَالعَمَلِيَّ الوَحِيدَ القَادِرَ عَلَى إِنْهَاءِ نِزَاعٍ إِقْلِيمِيٍّ طَالَ أَمَدُهُ. وَقَدْ أَشَادَتْ مُخْتَلِفُ العَوَاصِمِ العَالَمِيَّةِ بِالمَقَارَبَةِ المَغْرِبِيَّةِ الَّتِي تَقُومُ عَلَى التَّنْمِيَةِ وَالاِسْتِقْرَارِ وَاحْتِرَامِ السِّيَادَةِ الوَطَنِيَّةِ، مُعْتَبِرَةً أَنَّ المَشْرُوعَ المَغْرِبِيَّ يَنْسَجِمُ مَعَ مَبَادِئِ الأُمَمِ المُتَّحِدَةِ فِي حَلِّ النِّزَاعَاتِ سِلْمِيًّا.
وَلَمْ يَتَأَخَّرِ الرَّدُّ المَغْرِبِيُّ فِي تَرْجَمَةِ هٰذَا الاِنْتِصَارِ الدِّبْلُومَاسِيِّ إِلَى رَمْزٍ وَطَنِيٍّ خَالِدٍ، إِذْ جَاءَ "عِيدُ الْوَحْدَةِ" لِيُخَلِّدَ فِي الذَّاكِرَةِ الجَمَاعِيَّةِ يَوْمًا يُجَسِّدُ انْتِصَارَ الدِّبْلُومَاسِيَّةِ المَغْرِبِيَّةِ وَذَكَاءَهَا الاِسْتِرَاتِيجِيَّ فِي إِدَارَةِ مَلَفِّ الصَّحْرَاءِ. فَبَعْدَ خَمْسِينَ عَامًا عَلَى المَسِيرَةِ الخَضْرَاءِ الَّتِي حَرَّرَتِ الأَقَالِيمَ الجَنُوبِيَّةَ مِنَ الاِسْتِعْمَارِ الإِسْبَانِيِّ، يَأْتِي هٰذَا القَرَارُ الأُمَمِيُّ لِيُؤَكِّدَ أَنَّ المَغْرِبَ يَمْضِي بِثَبَاتٍ فِي مَسِيرَةٍ ثَانِيَةٍ لِلتَّثْبِيتِ النِّهَائِيِّ لِسِيَادَتِهِ عَلَى كَامِلِ تُرَابِهِ الوَطَنِيِّ.
سِيَاسِيًّا، يُعْتَبَرُ هٰذَا اليَوْمُ الجَدِيدُ رِسَالَةً إِلَى الدَّاخِلِ وَالخَارِجِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ. فَهُوَ يُعَبِّرُ دَاخِلِيًّا عَنْ وَحْدَةِ الصَّفِّ الوَطَنِيِّ حَوْلَ المَلِكِ وَمُؤَسَّسَاتِ الدَّوْلَةِ، وَيَغْرِسُ فِي الأَجْيَالِ الصَّاعِدَةِ رُوحَ الاِنْتِمَاءِ وَالمَسْؤُولِيَّةِ تِجَاهَ الوَطَنِ. أَمَّا خَارِجِيًّا، فَهُوَ يُذَكِّرُ المُجْتَمَعَ الدَّوْلِيَّ بِأَنَّ المَغْرِبَ، الَّذِي اخْتَارَ طَرِيقَ الشَّرْعِيَّةِ الدُّوَلِيَّةِ وَالدِّبْلُومَاسِيَّةِ الهَادِئَةِ، قَادِرٌ عَلَى تَحْقِيقِ أَهْدَافِهِ دُونَ صِدَامٍ أَوْ تَصْعِيدٍ.
وَتَتَجَاوَزُ دَلَالَاتُ "عِيدِ الْوَحْدَةِ" الجَانِبَ الرَّمْزِيَّ إِلَى البُعْدِ الاِجْتِمَاعِيِّ وَالثَّقَافِيِّ، إِذْ مِنَ المُرْتَقَبِ أَنْ تُنَظَّمَ فِي هٰذَا اليَوْمِ مِنْ كُلِّ عَامٍ اِحْتِفَالَاتٌ وَطَنِيَّةٌ وَمَهْرَجَانَاتٌ ثَقَافِيَّةٌ فِي جَمِيعِ مُدُنِ المَمْلَكَةِ، لِرَبْطِ التَّارِيخِ بِالحَاضِرِ وَتَعْزِيزِ الوَعْيِ الشَّعْبِيِّ بِعَدَالَةِ القَضِيَّةِ الوَطَنِيَّةِ. كَمَا سَيُشَكِّلُ هٰذَا العِيدُ مُنَاسَبَةً لِتَكْرِيمِ مُنَاضِلِينَ وَبَاحِثِينَ وَمُثَقَّفِينَ أَسْهَمُوا فِي تَرْسِيخِ الوَعْيِ بِقَضِيَّةِ الصَّحْرَاءِ المَغْرِبِيَّةِ فِي الدَّاخِلِ وَالخَارِجِ.
وَعَلَى الرُّغْمِ مِنْ أَنَّ القَرَارَ الأُمَمِيَّ لَمْ يُنْهِ رَسْمِيًّا مَطَالِبَ جَبْهَةِ "البُولِيسَارْيُو" المَدْعُومَةِ مِنَ الجَزَائِرِ، فَإِنَّهُ وَجَّهَ ضَرْبَةً قَوِيَّةً لِمُحَاوَلَاتِ الاِنْفِصَالِ، وَأَعَادَ التَّأْكِيدَ عَلَى تَفَوُّقِ المُبَادَرَةِ المَغْرِبِيَّةِ الَّتِي تَحْظَى بِتَأْيِيدٍ مُتَزَايِدٍ مِنَ القُوَى الدُّوَلِيَّةِ الكُبْرَى. فَبَيْنَمَا وَاصَلَتْ بَعْضُ الأَطْرَافِ التَّشْكِيكَ فِي مَغْزَى القَرَارِ، رَأَتْ غَالِبِيَّةُ وَسَائِلِ الإِعْلَامِ الدَّوْلِيَّةِ أَنَّهُ يُكَرِّسُ وَاقِعًا جَدِيدًا فِي شِمَالِ أَفْرِيقِيَا، يَجْعَلُ المَغْرِبَ مِحْوَرَ الاِسْتِقْرَارِ الإِقْلِيمِيِّ وَشَرِيكًا مُوْثُوقًا فِي قَضَايَا الأَمْنِ وَالتَّنْمِيَةِ.
وَهٰكَذَا، يَتَحَوَّلُ يَوْمُ الحَادِي وَالثَّلَاثِينَ مِنْ أُكْتُوبَرَ مِنْ مَجَرَّدِ تَارِيخٍ دِبْلُومَاسِيٍّ إِلَى حَدَثٍ وَطَنِيٍّ جَامِعٍ، يَخْتَصِرُ نِصْفَ قَرْنٍ مِنَ النِّضَالِ وَالتَّحَدِّي وَالاِنْتِصَارِ. فَـ"عِيدُ الْوَحْدَةِ" لَيْسَ مَجَرَّدَ يَوْمِ رَاحَةٍ فِي التَّقْوِيمِ، بَلْ وَعْدٌ مُتَجَدِّدٌ بِأَنَّ وَحْدَةَ المَغْرِبِ أَرْضًا وَشَعْبًا وَمَصِيرًا سَتَظَلُّ عَقِيدَةً رَاسِخَةً فِي الوِجْدَانِ الوَطَنِيِّ، تُجَسِّدُهَا الذَّاكِرَةُ وَتُخَلِّدُهَا الأَجْيَالُ القَادِمَةُ.







0 التعليقات:
إرسال تعليق