يُواصلُ المغربُ في هذا الخريف الثقافي المفعمِ بالحركة والإبداع تأكيدَ مكانته كأحد أبرز الفضاءات العربية الإفريقية تميُّزاً في المشهد الفني والمعرفي، من خلال سلسلة من التظاهرات والجوائز والمعارض التي تُعانق التراثَ وتواكبُ روحَ العصر.
القفطان المغربي يحتفي بروح الصحراء
في مراكش، خُتِمت فعاليات أسبوع القفطان 2025 تحت شعار "الصحراء المغربية مصدر إلهام للأناقة العصرية". الدورة الفضيّة احتفت بالحرفيين والمصممين الذين أعادوا إلى الأقمشة نَفَسَ الرمال والواحات، مزجاً بين الرصانة التقليدية والابتكار الجمالي، وهو ما يؤكد حضور القفطان كجسرٍ رمزيّ بين الأصالة والحداثة.
المسرح المغربي يواصل التتويج والإبداع
في العاصمة الرباط، حصدت مسرحية «سكرات» الجائزة الكبرى ضمن المهرجان الوطني لجائزة محمد الجم لمسرح الشباب. وقد تميّزت الدورة بنقاشاتٍ فكريةٍ حول مستقبل المسرح المغربي ودوره في التعبير عن قضايا الشباب. هذا الفوز يُعيدُ الثقة في الطاقات الصاعدة ويُبرز تنوع التجارب المسرحية الجديدة في المدن والجهات.
الذاكرةُ في عدسة الصورة
تُعيد Rencontres de la Photographie بمدينة الداخلة مساءلة العلاقة بين الصورة والذاكرة الوطنية من خلال معرضٍ مخصصٍ لذكرى المسيرة الخضراء. المصورون الشباب والروادُ قدّموا رؤى بصرية تُوثّق للحظاتٍ إنسانيةٍ واحتفالية، لتتحوّل الصورةُ إلى أرشيفٍ فنيٍّ نابض بالهوية.
المهرجانات الشبابية تفتح نوافذ الأمل
من مدينة تيفلت، أطلقت جمعية “نَفَس” فعاليات مهرجان نَفَس للإبداع والحوار الذي يجمع الفنانين والكتّاب الشباب في فضاءٍ يزاوج بين الفن والنقاش المجتمعي. هذه المبادرة تُعيد إلى المدن الصغيرة روح الفعل الثقافي وتكسر احتكار المراكز الكبرى للأنشطة الفنية.
عودة النقاش الأدبي في "العودة الأدبية 2025–2026"
في الرباط، شهدت العاصمة تظاهرة La Rentrée Littéraire التي خصصت ثلاثة أيام لمناقشة موضوع القراءة في المدرسة، بمشاركة روائيين وباحثين في علوم التربية والكتاب المدرسي. الفعالية أبرزت أهمية إعادة الاعتبار للفعل القرائي كرافعةٍ للوعي والتنوير.
الأوبرا المغربية توثّق المسيرة الخضراء
في الداخلة، أقيم عرض أوبرا “المسيرة الخضراء” بساحة الحسن الثاني، تحت الرعاية الملكية السامية، ليجمع بين الموسيقى الدرامية والسرد الوطني في لوحةٍ فنيةٍ ضخمةٍ تُحاكي مشهد المسيرة وتستعيد وهجها الإنساني والسياسي في وجدان المغاربة.
طنجة تواصل ريادتها المسرحية
يُقدّم مسرح رياض السلطان بمدينة طنجة خلال نونبر برنامجاً حافلاً بالعروض المسرحية والندوات الفنية التي تجمع بين التجريب والالتزام الاجتماعي، في سعيٍ متواصل لترسيخ المدينة كمنبرٍ فنيٍّ ومختبرٍ للثقافة الحيّة.
ندوات فكرية تربط الماضي بالحاضر
تحتضن كلية الآداب بمراكش ندوةً علمية حول مجموعة اليواقيت العصرية، بمشاركة باحثين في الأدب والتصوف، في حين احتضنت المكتبة الوسائطية لمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء لقاءً فكرياً حول الرحلة والذاكرة استعاد فيه المثقفون المغاربة تراث الرحّالة ومفهوم الذاكرة المشتركة.
خاتمة: ثقافةٌ تتجدّد بهُويّةٍ واثقة
تكشف هذه الفعاليات أن الثقافة المغربية لم تعد مجرد مواعيد موسمية، بل مشروعٌ وطنيٌّ مستمرٌّ للانفتاح والحوار والإبداع. من القفطان إلى المسرح، ومن الصورة إلى الأوبرا، تتوحّد الرؤى في صناعة مشهدٍ ثقافيٍّ يعيد الثقة في الكلمة والجمال والإنسان.
توقيع: عبده حقي








0 التعليقات:
إرسال تعليق