الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


السبت، مايو 28، 2016

قصة قصيرة بعنوان : "ضربة مقص" عبده حقي

قصة قصيرة بعنوان : "ضربة مقص" عبده حقي
أنواع ضربات المقص شتى ، وهي تلتقي في مشترك واحد : أنها أشد ألما في بعدها
الرمزي العنيف أكثر من بعدها الواقعي لكونها تأتي قاطعة في حدتها النفسية وفاصلة بين زمنين إن لم يكن بين هويتين في كثير من الأحايين.
لن أحدثكم في هذه القصة عن ضربة مقص الرقيب في مخيال الإعلام والسينما العربيتين ، ولا عن ضربة المقص الأنطلوجية للاعب المغربي يوسف حجي في شباك الفراعنة في كأس إفريقيا للأمم سنة 1998 ولا عن ضربة مقص خياط متهور في قفطان عروس ليلة الدخلة ولا عن استحالة ضربة مقص رئيس الحكومة المغربية لتدشين مقر لبيت الشعر في جزر القمر .. إلخ
سأحدثكم في قصتي هاته عن ضربة مقص طائر.. ضربة واحدة في العمر وفاصلة بين مرحلتين ... لذا أرجوكم قبل كل شيء أقفلوا صفحات الفيسبوك لبرهة واقرأوا هذه القصة الواقعية بإمعان وتأمل شديدين لكن من دون عمليات إحماء لتأويلات مغرضة.. ولكم واسع النظر وحرية التعاليق ...
بداية .. كأن المكيدة كانت مدبرة ومبيتة في ذهن السيدة (فاء) وربما في أذهان جارات أخريات في العائلة وفي الدرب .
كانت قضية إختطاف آدم أشبه بسباق سري ومحموم بين الجارات من أجل الظفر بالأجر الأبدي وبالسبق التاريخي إلى توثيق لحظة فارقة بضربة مقص ــ على غفلة ــ من أجل أن يتخلص آدم من القيمة المضافة ومن أجل أن تنز قطرات الدم بين فخذيه وهو في غمرة المصيدة باحثا عن طائر ما في حانوت حلاق من أجل أن يكون رجلا وكامل الرجولة في غزواته السفلية في المستقبل ...
مرت سنتان من عمره .. كانت دهشة إكتشاف زواياه ونتوءاته الصغيرة تستبد به في زوبعة تساؤلات غير محدودة وهو إما في الحمام أو مستمتعا بجلسته على طست التغوط الصغير أو وهو يحبو على مربعات الزليج البارد ماشيا في تعثره البدائي ، مسندا تارة يديه على الحائط وتارة مقتفيا حافة السرير الذي أتى به إلى نكبة الحياة وإلى دراما هذا العالم ..
أحيانا يسقط فيبكي بحرارة حتى من دون أن يشعر بألم شديد .. مجرد فشوش وتدلل زائد وكفى ، لأنه آدم الوحيد في جنة هذا البيت .. يبكي أيضا لأنه لم يملك بعد أبجدية للإحتجاج ولا يفهم كيف يستبق سقوطا ليست قدماه مسؤولتان عنه بكل تأكيد .
لم يكن يعلم آدم بالقيمة المضافة لذلك الحلزون المنكمش في ثنية ما من جسمه .. لغزه الأزلي والوجودي .. إنه يدعكه تارة في سهو أو يلهو به أحيانا مثلما يلهو بحلمة لهاية البلاستيك الرخوة بين أصابعه .. لكن أن يصير حلزونه قضية كبرى في حديث وثرثرات النساء ووقفات الجارات هنا وهناك من دون الرجال المعنيين أساسا بهذا الحلزون ، فهذا هو مالم يدر بخلد آدم بالمرة ...
ذات صباح وعلى حين غرة نزلت يد امرأة من السماء لتختطفه في لمحة البرق ثم تلقي به بخفة ودربة على ظهرها العريض .. ظهرها أوسع كثيرا من ظهر أمه الضيق والضامر .. ظهر هذه السيدة مثل جفنة 'كارو' .. قادر على حمل حتى أربع توائم دفعة واحدة وفي وضع مريح ..
فجأة كبلته بخرقة الحمالة البيضاء وطوقت جسمه الصغير بأنشوطتين قويتين بإحكام ثم قادته المركبة الآدمية إلى وجهة غير معلومة ...
لم يكن آدم يدر ما داعي إختطافه القسري ونقله على وجه السرعة في ذلك الصباح من يوم جمعة على متن ظهر إمرأة غريبة .. كان كل شغله في تلك اللحظة المارقة أن يفنى وينغمس عميقا في لذة إمتصاص حلوة (كوجاك) الحمراء وتلمض رأسها الزجاجي الأملس الناعم .. تلمض بطييييئ وطويييييل مشفوع بصوت إنتزاع رأس كوجاك من بين شفتيه المزمومتين بقوة مثل صوت إنعتاق أصبع السبابة من عنق زجاجة المونادا (باااااااق) .
رفعت المرأة الستار الشفيف ودلفت إلى حانوت ضيق .. كان الحلاق برفقة زبنائه الكثر العاطلين ، عائمون في غيمة دخان الكيف وسجائر 'فافوريت' الرخيصة وتيه الثرثرات  .
فكت السيدة (فاء) الحمالة عن ظهرها وأجلست آدم على الكرسي الواطئ .. لم يكن يرتدي سروالا أو تبانا أو بالأحرى لقد جردته في الطريق من ملابسه العلنية والسرية حتى تكون ضربة المقص خاطفة في رمشة عين من دون تضييع الوقت في التفتيش عن مخبأ  حلزونه بين الملابس الداخلية...
كانت الكوجاك ماتزال في فمه بلذتها النافذة ولعابها الأحمرالمعسول .. وسع الحلاق ما بين فخذيه وشرع يداعب برفق حلزونه المنكمش في لحظة تربص وترويض وتسخين .. ثم تحسس منطقة القص بثبات ذلك الحد المعلوم للقطع مع مرحلة بائدة ودخول آدم في مرحلة الرجولة الكاملة .
قال له الحلاق وهو يبتسم بخبث : أنظر إلى الطائر هناك في السقف ...
رفع آدم رأسه بكل فطرة وتلقائية ...
ـــ طاق
قضي الأمر.. وسقط رأس الكوجاك بغتة بعد أن إنفرجت شفتاه الرقيقتان عن صرخة مدوية ..
ـــ وااااااااااع .. وااااااااااع .. وااااااااااع ..
طفق الدم ينز وينز
نفحت المرأة الحلاق بضعة ريالات  .. لملمت آدم في خرقة الحمالة البيضاء وألقت به ثانية على متن ظهرها العريض ثم أطلقت ساقيها للريح مثل سيارة إسعاف لا تلوي على شيء وسارت توا إلى بيت والديه وهي مغتبطة وحامدة الله على نيلها أجر ضربة المقص في الدنيا والآخرة من دون إخبارهما.

أما آدم فمازال يبحث عن مصير قيمته المضافة وضياع مصاصة كوجاك إلى الأبد .

0 التعليقات: