الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأحد، يناير 28، 2018

قاص مغمور .. سيء الحظ .. !: عبده حقي

كان هذا القاص المغمور متشبثا بالمقبض الأفقي .. الأوتوبيس يتأرجح براكبيه مثل مركب حراكة في بحرمتلاطم .. يهتز فتهتز معه الأجساد وتتلامس تلقائيا أوعمدا فتضطرم شحنات التماس الكهربائي مع التورمات الكهروـ شبقية...
كانت السيدة المنتصبة أمامه مسمرة مثل مانكان أخرس .. وكانت أنفاس ذلك المانكان اللاهبة والمخمورة تلفح وجهه بغير وجه حق .. وهي غارقة في سواد كوستيم الكاباري الموشى بياقة مطرزة كأجنحة فراشة لاتعبأ بنار مصابيح سقف الأوتوبيس ...
بعد حين أحس هذا القاص المغمور أن الفراشة السوداء قد تجاوزت الحد الأقصى من المناوشات الكهروـ شبقية بصدرها النافرعلى حدود صدره الوقور وأن نار أنفاسها المخمورة قد إستعرت كثيرا وهي بكل يقين قد تسبب لجلده حروقا عاطفية من الدرجة الثالثة ، مماجعله يشك أنها تفتش عن سبب ما للإيقاع به وأنها مع إهتزاز الأوتوبيس سوف تختلق هذا السبب لتقول له بلغة مشوبة بفرقعات شوينكوم المدوية :إسمح لي ياكما ضايقتك !!؟
ومن دون شك أيضا أنها ستنتظر أن يجيبها بخجله القصصي المعهود وعلى مضض : خذي راحتك !!
ولبث يترقب بين الحين والآخر إلى أين ستؤول به عاقبة ال ( ياكما ضايقتك ..! ) وهما مايزالان يتمايلان ويتماسان ويتكهربان والأوتوبيس مشاية بهما في جدبتها تذكي غرائزهما اللعينة ..
وفي لحظة مثلما القدر يداهم فجأة عباد الله وهم منغمسون في نهرهدوء حياتهم داس السائق الشاب الأرعن بقوة على الحصار حتى لاينطح الأتوبيس مؤخرة سيارة ميرسديس سوداء طويلة فارهة باذخة تحمل شارة هيأة ديبلوماسية .
كان التوقف في الحال وفي المكان frein sec ... قامت قيامة أجساد الركاب، لينخرطوا جميعا في حالة جذبة وجلبة احتجاج بعد أن صاروا يتساقطون بعضهم على بعض مثل أوراق الكارطة المرصوصة ..
فجأة رأى هذا القاص المغمور تلك (الصوطا) المنتصبة أمامه مثل مانكان أخرس وتلفح وجهه بأنفاسها المخمورة تهوي على صدره .. باااااااط .. وحدث مالم يكن في الحسبان.
انفجر قادوسها وطاش من فمها شلال من القيء الأحمر اللزج على صدره ، واندلق على كوستيم الويكاند الأسود الذي تتطاوس فيه ..
رفعت رأسها ثم فتحت عينيها الكابيتين بصعوبة وهي تتلعثم في تثاقل وتمايل طفيف تارة إلى الأمام وتارة إلى الخلف : إسمح لي ياكما ضايقتك ؟
لم يدرهذا القاص المغمور .. سيء الحظ كيف ومتى نزل من الأوتوبيس تاركا خلفه تلك السيدة المخمورة تسبه وتلعنه في نهاية القصة عفوا في محطة (التيرمينوس)

0 التعليقات: