* إلى المناضل القصصي : عبدالله البقالي
عرفت القاص عبدالله البقالي بالصدفة المعلوماتية الإفتراضية ، فبينما كنت أبحر ذات مساء في مجرة المواقع الثقافية ، نزلت كبسولتي صدفة بموقع ( من المحيط للخليج )
واكتشفت أن من بين الأسماء المشرفة على منتدى القصة هو مغربي اسمه عبدالله البقالي ، وفي رد جميل له على قصتي (الكاتب ) التي كنت أطلقتها بنفس الموقع اقترحها كموضوع مناقشة لمنتدى ندوة القصة الذي يشرف عليه مغربي آخر هو محمد فري .
من هنا إذا وبالصدفة الإفتراضية التي حبكتها عناكب المعلوميات وجدتني بصدد قاص مهووس وعاشق للقصة القصيرة إبداعا وقراءة ، ثم بعد هذا عثرت على مجموعته القصصية البكر ( الخبز والأحلام ) وأنا أقرؤ هذه الإضمامة وجدت أن المتن القصصي يرشح بالكثير من المدارات السردية والتيماتية مع العديد من رواد القصة القصيرة المغربية مثل محمد زفزاف وادريس الخوري وخصوصا محمد شكري حيث يتبدى التماهي والتناص على مستوى العنوان واضحا ( الخبز والأحلام ) وهو العنوان الذي وسم به مجموعته القصصية ؛ إلا أن ( الخبز والأحلام ) لدى البقالي لاترتهن إلى تيمة التسكع والتشرد والتيه في حارات المدينة المغربية مثلما هو الأمر في ( الخبز الحافي ) بل هي تلامس موضوعة السخرية الإجتماعية المتلبسة بالغموض والإبهام حول مادة غذائية أساسية لدى الفلاح الكادح وهي ( الخبز ) ، لكن ل ( خبز ) عبدالله البقالي ألوانا مثلما للحياة الإجتماعية ألوانا : حياة ضنك وحياة رغد ، وهذا التعارض يجعل هذه المادة الأساسية ( إيتيكت ) للمستوى المعيشي في النص القصصي .
ثم تلتقي أيضا ( الخبز والأحلام ) في تناص آخر مع رواية ( المسخ ) لفرانزكافكا حيث سيمسخ البطل إلى حشرة بينما عند عبدالله البقالي فالبطل لم تنجح الوصفة الخرافية التي اقتبسها من الموروث الحكائي الشفاهي لم تنجح في أن يصبح لقلاقا وبالتالي نجد القصة تنحى منحى ممهورا بفشل تجربة المسخ وارتقاء السرد الفانتاستيكي إلى مستوى خلق حالة التردد كما يقول تودوروف .
الكتابة عند عبدالله البقالي كتابة مكاشفات .. بوح .. تعرية للهامش المنسي في فضاءاته وفي زمانه ... إنه الهامش الذي يحترف العزلة اليومية ويتبدى هذا على مستوى الموضوعات خصوصا في قصتي (ابن مجهول) و( سور العاطلين ) كما أن للقاص زخم ذاكرة ثرية تعبر الأزمنة وتنبش في العصور وينتقي أبطاله من ذاكرة النسيان كأسماء مثل ( الروخو) و ( لادجودان) ... إنه لايتعب نفسه وآلته السردية في النبش عن الكلمات إنه فقط يشفي غليل غوايته في أن يسرد .. يحكي ولذلك تأتي القصة تلقائية مذعانة ماتحة من السيولة القصصية التي تغري المتلقي بالإستزادة ، وهذا ما يفتح المغامرة السردية على احتمالات التجربة الروائية التي تنتظر حظها من النشر ( هدير الأزمنة)
تغترف نصوص عبدالله البقالي من الهامش لأن في الهامش تنكمن دخائر التفرد وتتعدد الوجوه التي تنطوي على أسرار بوحها واعتمالاتها اليومية . ولربما هو أيضا أحد هذه الشخوص التي جاورت وعايشت أبطالها في كل جزئياتها ، في حركاتها وفي سكناتها والسرد في أقنومه إعادة لتجربة حياة الآخرين وتوثيق لحضورهم في الزمان والفضاء فالمجموعة القصصية ( الخبز والأحلام ) تحتفي بالمكان أيما احتفاء ... وبالرغم من كونه مكانا فيزيقيا جامدا فإن الحكي يبعث فيه الخصوبة اللازمة والحركية الطبيعية .
وتمتح هذه القصص وقصص أخرى في مجموعته القصصية الثانية ( أنفاس وهوامش ) والتي سنعود إليها في قراءة نقدية حميمية حتى لانقول عالمة وأكاديمية تمتح هاتان المجموعتان من عزلة المكان .. قرية (غفساي) شمال مدينة فاس وهذا ليس بالأمر الغريب فكل القرى عندنا عانت من التهميش والإقصاء الإقتصادي وبالتالي لامندوحة عن انعكاس هذا الواقع بكل حمولته القاسية على العلاقات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية وبالتالي يأتي الحكي عنوانا كبيرا توثيقيا لواقع قروي يبعث على القرف والتيئيس ... لذا كان البقالي يكتب ثم يكتب قبل أن ينشر أعماله القصصية في إضمامة أو قبل أن يعثر على منبر إعلامي يتواصل من خلاله مع قراء ومتلقين يعشقون القصة القصيرة...
وبعد الطفرة التكنولوجية التسعينية لاأعتقد أن كاتبا ما .. كاتبا ذاق مرارة التهميش والإقصاء المعنوي والموضوعي من ( الأدباء ) ذوي القربى لا أعتقد أنه سيفكر في مرارة الإقصاء فبوابات النيت العريضة وتكاثر المواقع القصصية قد فتح المجال للعديد من المنسيين شعراء وقصاصين لإطلاق سراح أعمالهم لملايين القراء عبر النيت وكما قال القاص عبدالله البقالي في حوار له في برنامج (بقعة ضوء ) بإذاعة فاس الذي يعده الأستاذ نجيب طلال ما معناه : لسنا بحاجة إلى الإعتراف من الداخل فأرض النت واسعة .
ومن غرائب عصر المعلوميات أن القاص عبدالله البقالي يقطن معي في فاس ومع ذلك فقد جمعتنا بسرعة خاطفة ملايين السنوات الضوئية قبل أن تجمعنا بضع كلومترات أرضية
عرفت القاص عبدالله البقالي بالصدفة المعلوماتية الإفتراضية ، فبينما كنت أبحر ذات مساء في مجرة المواقع الثقافية ، نزلت كبسولتي صدفة بموقع ( من المحيط للخليج )
واكتشفت أن من بين الأسماء المشرفة على منتدى القصة هو مغربي اسمه عبدالله البقالي ، وفي رد جميل له على قصتي (الكاتب ) التي كنت أطلقتها بنفس الموقع اقترحها كموضوع مناقشة لمنتدى ندوة القصة الذي يشرف عليه مغربي آخر هو محمد فري .
من هنا إذا وبالصدفة الإفتراضية التي حبكتها عناكب المعلوميات وجدتني بصدد قاص مهووس وعاشق للقصة القصيرة إبداعا وقراءة ، ثم بعد هذا عثرت على مجموعته القصصية البكر ( الخبز والأحلام ) وأنا أقرؤ هذه الإضمامة وجدت أن المتن القصصي يرشح بالكثير من المدارات السردية والتيماتية مع العديد من رواد القصة القصيرة المغربية مثل محمد زفزاف وادريس الخوري وخصوصا محمد شكري حيث يتبدى التماهي والتناص على مستوى العنوان واضحا ( الخبز والأحلام ) وهو العنوان الذي وسم به مجموعته القصصية ؛ إلا أن ( الخبز والأحلام ) لدى البقالي لاترتهن إلى تيمة التسكع والتشرد والتيه في حارات المدينة المغربية مثلما هو الأمر في ( الخبز الحافي ) بل هي تلامس موضوعة السخرية الإجتماعية المتلبسة بالغموض والإبهام حول مادة غذائية أساسية لدى الفلاح الكادح وهي ( الخبز ) ، لكن ل ( خبز ) عبدالله البقالي ألوانا مثلما للحياة الإجتماعية ألوانا : حياة ضنك وحياة رغد ، وهذا التعارض يجعل هذه المادة الأساسية ( إيتيكت ) للمستوى المعيشي في النص القصصي .
ثم تلتقي أيضا ( الخبز والأحلام ) في تناص آخر مع رواية ( المسخ ) لفرانزكافكا حيث سيمسخ البطل إلى حشرة بينما عند عبدالله البقالي فالبطل لم تنجح الوصفة الخرافية التي اقتبسها من الموروث الحكائي الشفاهي لم تنجح في أن يصبح لقلاقا وبالتالي نجد القصة تنحى منحى ممهورا بفشل تجربة المسخ وارتقاء السرد الفانتاستيكي إلى مستوى خلق حالة التردد كما يقول تودوروف .
الكتابة عند عبدالله البقالي كتابة مكاشفات .. بوح .. تعرية للهامش المنسي في فضاءاته وفي زمانه ... إنه الهامش الذي يحترف العزلة اليومية ويتبدى هذا على مستوى الموضوعات خصوصا في قصتي (ابن مجهول) و( سور العاطلين ) كما أن للقاص زخم ذاكرة ثرية تعبر الأزمنة وتنبش في العصور وينتقي أبطاله من ذاكرة النسيان كأسماء مثل ( الروخو) و ( لادجودان) ... إنه لايتعب نفسه وآلته السردية في النبش عن الكلمات إنه فقط يشفي غليل غوايته في أن يسرد .. يحكي ولذلك تأتي القصة تلقائية مذعانة ماتحة من السيولة القصصية التي تغري المتلقي بالإستزادة ، وهذا ما يفتح المغامرة السردية على احتمالات التجربة الروائية التي تنتظر حظها من النشر ( هدير الأزمنة)
تغترف نصوص عبدالله البقالي من الهامش لأن في الهامش تنكمن دخائر التفرد وتتعدد الوجوه التي تنطوي على أسرار بوحها واعتمالاتها اليومية . ولربما هو أيضا أحد هذه الشخوص التي جاورت وعايشت أبطالها في كل جزئياتها ، في حركاتها وفي سكناتها والسرد في أقنومه إعادة لتجربة حياة الآخرين وتوثيق لحضورهم في الزمان والفضاء فالمجموعة القصصية ( الخبز والأحلام ) تحتفي بالمكان أيما احتفاء ... وبالرغم من كونه مكانا فيزيقيا جامدا فإن الحكي يبعث فيه الخصوبة اللازمة والحركية الطبيعية .
وتمتح هذه القصص وقصص أخرى في مجموعته القصصية الثانية ( أنفاس وهوامش ) والتي سنعود إليها في قراءة نقدية حميمية حتى لانقول عالمة وأكاديمية تمتح هاتان المجموعتان من عزلة المكان .. قرية (غفساي) شمال مدينة فاس وهذا ليس بالأمر الغريب فكل القرى عندنا عانت من التهميش والإقصاء الإقتصادي وبالتالي لامندوحة عن انعكاس هذا الواقع بكل حمولته القاسية على العلاقات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية وبالتالي يأتي الحكي عنوانا كبيرا توثيقيا لواقع قروي يبعث على القرف والتيئيس ... لذا كان البقالي يكتب ثم يكتب قبل أن ينشر أعماله القصصية في إضمامة أو قبل أن يعثر على منبر إعلامي يتواصل من خلاله مع قراء ومتلقين يعشقون القصة القصيرة...
وبعد الطفرة التكنولوجية التسعينية لاأعتقد أن كاتبا ما .. كاتبا ذاق مرارة التهميش والإقصاء المعنوي والموضوعي من ( الأدباء ) ذوي القربى لا أعتقد أنه سيفكر في مرارة الإقصاء فبوابات النيت العريضة وتكاثر المواقع القصصية قد فتح المجال للعديد من المنسيين شعراء وقصاصين لإطلاق سراح أعمالهم لملايين القراء عبر النيت وكما قال القاص عبدالله البقالي في حوار له في برنامج (بقعة ضوء ) بإذاعة فاس الذي يعده الأستاذ نجيب طلال ما معناه : لسنا بحاجة إلى الإعتراف من الداخل فأرض النت واسعة .
ومن غرائب عصر المعلوميات أن القاص عبدالله البقالي يقطن معي في فاس ومع ذلك فقد جمعتنا بسرعة خاطفة ملايين السنوات الضوئية قبل أن تجمعنا بضع كلومترات أرضية
0 التعليقات:
إرسال تعليق