مارينا إيفانوفنا تسفيتايفا (بالروسية:
Мари́на Ива́новна Цвета́ева) (و.1892- م.1941) شاعرة
روسية-سوفيتية تعتبر من أهم الشاعرات الروسيات
اللواتي تركن بصمات ساطعة ومميزة في
سفر الشعر الروسي، ولدت عام 1892م بموسكو في أسرة مثقفة مهتمة بالفنون. كان والد
مارينا تسفيتايفا بروفيسورا في جامعة موسكو ومؤسس متحف الفنون الجميلة، أما
والدتها "ماريا أليكساندروفنا ماين" من أصول بولندية-ألمانية فكانت
عازفة بيانو درست على يد المؤلف الموسيقي وقائد الاوركسترا المعروف أنتون
روبنشتاين. زارت مارينا تسفيتايفا في فترة دراستها كلا من فرنسا وإيطاليا وألمانيا
وسويسرا. وكانت قد تنبأت في أيام شبابها أنه "سيحين وقت أشعاري. شأنها شأن
النبيذ النادر". لكن وقتها لم يحن الا بعد موتها
أولعت مارينا بالشعر منذ طفولتها وبدأت بالنشر
في وقت مبكر حيث ظهرت مجموعتها الأولى (الكراسة المسائية) وهي لم تبلغ الثامنة
عشرة بعد من عمرها، فلفتت أنظار كبار الشعراء واحتفت بها الأوساط الأدبية. ومن
أبرز نتاجاتها "قصائد عن موسكو"، و"الأرق"، وكانت تتخذ من الشعر
جسراً لتوصيل رسائلها الإبداعية محملة إياها ملامح عالمها الوجداني، كما في
قصائدها لكبار شعراء عصرها مثل أخماتوفا - بلوك - ماياكوفسكي - باسترناك.
عاشت مارينا تسفيتايفا حياة مليئة بالتناقضات
والمفاجآت التراجيدية حيث لم تستطع تقبل الثورة الروسية وصراعاتها، وكانت
تسفيتايفا عبقرية تفيض موجات إعصارها حدود أية مدرسة فنية، إذ أنها نفسها أصبحت
مدرسة كانت فيها أستاذة وطالبة. وغدت مارينا تسفيتايفا ضلعاً هاماً في الثالوث
الأكبر للشعر الروسي في القرن العشرين المتكون من فلاديمير ماياكوفسكي وباسترناك
وتسفيتايفا.
مارينا تسفيتايفا
لقد تغنت تسفيتايفا بما اعتبرته مآثر للحرس
الأبيض في قصائدها ورافقت زوجها في المهجر. فهاجرت من روسيا عام 1922 لكنها عانت
كثيرا في المهجر بعد أن اصطدمت بواقع المجتمع هناك وعلاقات المهاجرين فيما بينهم
في تلك الظروف الاستثنائية القاسية . ولم تصبح صديقة لمؤلفي الموضة الادبية في
المهجر، إذ انهم كانوا ينظرون إليها كأنها تفتقر إلى ما يكفي من الانتماء إلى
البيض أو بالاحرى لم تتصف بالعداء الكافي للحمر (البلاشفة). وعايشت ضنك العيش. حتى
أنها لم تكن تجد أحياناً ثوباً يمكن أن ترتديه لحضور أمسية شعرية. ثم عادت
تسفيتايفا إلى روسيا لا لأنها كانت تعاني من ألم الغربة بل لان اليأس كان يسودها.
ركزت تسفيتايفا إلى جانب الوجدانيات على فن
القصيدة، وبدت ميزاتها الخاصة في قصائد من مثل "الفتاة القيصرة"،
و"على المهر الأحمر" وقصيدة "الجبل" وقصيدة
"النهاية". ولتسفيتايفا مساهمات واسعة في مجال النثر وخاصة في ذكرياتها
عن معاصريها، وفي الترجمة الشعرية حيث ترجمت العديد من القصائد لشعراء أوروبيين
بمن فيهم لوركا، وكذلك في ترجمة العديد من قصائد الشعراء الروس إلى الفرنسية.
بعد عودتها إلى الوطن عايشت قسوة الإحساس
بالاغتراب داخله، وفقدت الأصدقاء من الأدباء والشعراء في ظروف تراجيدية مؤلمة،
ووصلت إلى حالة من التصدع النفسي أمام سوداوية الحياة وعجزها عن فعل أي شيء، وعاشت
حياة المعاناة والعذاب حين اعتقلت المخابرات السوفيتية زوجها واختها وابنتها. ولم
تنشر أشعارها. وأهداها باسترناك حبلا لتربط حقيبتها حين ودعها في محطة القطار
الذاهب من موسكو إلى مدينة ييلابوغا (في تترستان) إبان الحرب مع الألمان. ولم يكن
يتخيل أي دور سيلعبه ذاك الحبل.
حاولت مارينا تسفيتايفا أن تجد عملا لها كنادلة
في مطعم الكتاب في تلك المدينة. لكن الكتّاب السوفيت لم يسمحوا لها بذلك مشككين
بانها تعمل جاسوسة لصالح الألمان. فلم تتحمل مثل هذه الإهانة لمشاعرها وانتحرت عام
1941 بواسطة ذاك الحبل نفسه الذي اهداها باسترناك إياه. على أن قبرها في ييلابوغا
غدا فيما بعد قبلة لعشاق الشعر الروسي الأصيل.
0 التعليقات:
إرسال تعليق