الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الجمعة، فبراير 14، 2020

النص الرقمي ليس هو النص المرقمن عبده حقي


لكي يكون أي نص سردي "نصا رقميا " لا تكفي رقمنته فقط أو حتى استعمال برنامج معلوماتي لقراءته بل يجب أن يتضمن في بنيته منذ تصوره الأولي على الأقل خاصية واحدة أو أكثر تتعلق
بالوسيط المعلوماتي . إن النص الرقمي ليس فقط استنساخا بصيغة رقمية لنص مطبوع بل إنه يندرج ضمن صيرورة تتضمن تصميمًا تقنيًا خاصا ومحددا . فلن تكون هناك أي فائدة من الحديث عن الأدب الرقمي إذا ما توقف الأمر فقط على تغيير السند. يقينا أن تغيير سند الوسيط يغير من شروط التلقي ويلعب دورًا لا يمكن إنكاره في الاستعمالات والمناولات . إنه يهم أساسا العلوم الوثائقية . في المقابل هذه الأخيرة وحدها لا تعني مسبقاً أي خصوصية فنية ولا تتطلب أي مصطلحات جديدة.
لا يمكن اعتبار أي نص أدبي "معالج على جهاز الحاسوب " "نصا رقميا " إلا إذا كان قد استعمل على الأقل واحدة من الخصائص الضرورية كشرط أساسي أي إذا كان النص يوظف هذه الخاصية لبنائه كشرط للتصور وليس كعنصر إرغامي مفروض على المؤلف .
كل ما يمكن إدراجه في خانة "النص الرقمي" لا يندرج بالضرورة في مجال الأدب الرقمي كما حددناه هنا. وبالتالي فإن النص المكتوب بواسطة معالج النصوص والذي يتم عرضه للقراءة على شاشة الحاسوب أو غيرها من الشاشات لا يشكل عملاً أدبيًا رقميًا.
مثال آخر الأعمال المرقمنة المتاحة في نسخ كتب إلكترونية هي ملفات مشفرة وفق شكل معين . إنها لا تشكل أعمالا أدبية رقمية بالمعنى الذي نفهمه . وكمثال على ذلك فقد شرعت عديد من المؤسسات والمنظمات مثل (مكتبة فرنسا الوطنية مع مشروع غاليكا والمكتبة الجديدة في الإسكندرية والكونغرس الأمريكي وشركة جوجل وغيرها ) في إنجاز برنامج واسع لرقمنة الكتب والمأثورات الموجودة . ومن المؤكد أنه لا يكفي عبور هذه الكتب إلى  السند الرقمي لمنحهما صفة الأدب الرقمي.
لذلك ، فإن استعمال خصائص محددة لوسيط معلوماتي أو في بعض الحالات من أعمال التشفير كمرجع إلى هذه الخصائص هو الذي يجعل بالإمكان تعريف الأدب الرقمي كمجال فني جديد وانفتاح جديد على المتخيل . وباستعمالها كإكراهات دون الخضوع للمدافعين عنهما فإن الأدب يؤدي إلى صياغة أسئلة أدبية جديدة واقتراح أساليب جديدة بهدف إعادة التفكير في مسألة النص وإدراجه في السياق التقني والثقافي الراهن والعصري وإعادة التفكير في نشاط ووظيفة القراءة وطبيعة الكتابة والتلاعب بالمواد اللغوية. ولأن هذه الانشغالات سوف تظل ثابتة وتتجاوز دائمًا النشاط الأدبي ويتم الاحتفاظ بمفهوم الأدب في تعبير "الأدب الرقمي".
Une œuvre littéraire numérique n’est pas une œuvre littéraire numérisée

0 التعليقات: