ما حصل في الجزائر قبل أسبوع وربما لن يكون من العجب أن يتكرر في
القادم من الأيام في ظل حكم شمولي هو آخر ما تبقى من قلاع الديكتاتوريات في إفريقيا إن لم
نقل في العالم الثالث .
ففي الوقت الذي لاتزال فيه حشود الجماهير المقهورة منذ عام تنزل كل جمعة إلى الشوارع للتعبير عن رفضها المطلق لمسرحية التغيير المخادع في الكرسي الرئاسي ، رافعة شعارها الصريح "يتنحاو كاع" من أجل الانعتاق من القبضة الحديدية لقصر المرادية ، يتفاجأ الرأي العام السياسي العالمي بإقدام الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون على ضخ 150 مليون دولاؤ في البنك المركزي التونسي في مقابل استدراج الرئيس قيسي سعيد إلى تأييده للمناورات الجزائرية بخصوص الوضع في الجارة ليبيا ولربما بعد أن يبتلع ذلك الطعم لقلة تجربته السياسية قد يستدرجونه إلى تغيير مواقف تونس بخصوص قضايا أخرى ذات حساسية أخطر لعل أبرزها قضية وحدتنا الترابية .
نقل في العالم الثالث .
ففي الوقت الذي لاتزال فيه حشود الجماهير المقهورة منذ عام تنزل كل جمعة إلى الشوارع للتعبير عن رفضها المطلق لمسرحية التغيير المخادع في الكرسي الرئاسي ، رافعة شعارها الصريح "يتنحاو كاع" من أجل الانعتاق من القبضة الحديدية لقصر المرادية ، يتفاجأ الرأي العام السياسي العالمي بإقدام الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون على ضخ 150 مليون دولاؤ في البنك المركزي التونسي في مقابل استدراج الرئيس قيسي سعيد إلى تأييده للمناورات الجزائرية بخصوص الوضع في الجارة ليبيا ولربما بعد أن يبتلع ذلك الطعم لقلة تجربته السياسية قد يستدرجونه إلى تغيير مواقف تونس بخصوص قضايا أخرى ذات حساسية أخطر لعل أبرزها قضية وحدتنا الترابية .
ولسنا في حاجة إلى طرح سؤالنا على الرئيس
"تبون" لماذا كل هذا الكرم الفانتاستيكي الآن وليس عشية أو غذاة انتخاب
الرئيس التونسي الجديد مباشرة .. وهل الوضع في الجزائر أفضل حالا وأن شعبها يعيش
في أريحية اقتصادية تجعله أكثر إشفاقا من غيره على الوضع في تونس تحت يافطة التعاون المغاربي الذي
طالما حلمت به شعوب المغرب الكبير منذ مؤتمر مراكش في 17 فبراير1989 .
لسنا ضد هذه الرؤية التضامنية المغاربية ولا
يسعنا من باب النوايا الحسنة كمغاربة
أشقاء إلا أن نؤيدها بالوجدان والعقل لو لم يكن يتخفى وراء شجرتها عشرات الدسائس التي
حيكت في كواليس اجتماع الجزائر حول ليبيا والذي كان الهدف السياسي والاستراتيجي
الأساسي منه هو نسف الدور الحاسم الذي اضطلع به المغرب في إبرام اتفاقات الصخيرات والتي
شكلت وماتزال حتى الآن تشكل الإطار السياسي الوحيد الذي حظي بدعم مجلس الأمن وقبول
جميع الفرقاء الليبيين من أجل تسوية الأزمة وبالتالي يكون الهدف الأقصى للجزائر هو
عزل المغرب سياسيا ثم حصاره اقتصاديا بعد الطفرة التنموية التي حققها ليس على
مستوى المنطقة المغاربية فحسب وإنما على الصعيد الإفريقي ككل .
ألم يكن من الأولى للرئيس الجزائري الالتفات إلى
بلده المقهور الذي يتدحرج سنة بعد أخرى نحو أزمة اقتصادية حقيقية حيث تراجعت نسبة
النمو خلال 2019 إلى 2.3 في المئة ومن المتوقع أن تتراجع حسب بعض خبراء الاقتصاد
في صندوق النقد الدولي إلى أكثر من ذلك خلال هذا العام 2020.
ألم يكن من الأولى كذلك للرئيس الجزائري التفكير في تحويل 150 مليون دولار لحل أزمة
ميترو العاصمة الذي أصبح لا يعمل يوم الجمعة بسبب الاحتجاجات الأسبوعية والذي قدرت
خسائره في خمسة أسابيع فقط بنحو تسعة ملايين دولار.
لقد فضح مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية الطمع السياسي
لحكام الجزائر للسيطرة على موازين القوى في المنطقة المغاربية والعودة إلى أدوارها
الكارتونية التقليدية في سنوات الحرب الباردة بعد الشلل السياسي الذي أصابها منذ
عقد من الزمن جراء تدهور الحالة الصحية للرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.
ومما لاشك فيه أنه مهما خاطرت بمناوراتها
العدائية للمغرب وقامرت باللعب على استغلال موقف المملكة المحايد والعاقل من
الأزمة في اليمن عكس ما كانت تنتظر بعض الأطراف الخليجية الأخرى في أن يجاريها في
حربها ضد شعب مسالم يكافح قبل كل شيء من أجل ضمان لقمة عيشه اليومي بالكاد ، فهذا
لن يغير من مواقف المملكة في المضي قدما في سياستها التنموية في الداخل وإقلاعها
الاقتصادي وإشعاعها السياسي الرصين القائم أساسا الحياد الإيجابي وتكريس ونشر قيم
السلم والتعاون والتسامح .
0 التعليقات:
إرسال تعليق