مارشال ماك لوهان (1911-1980) أستاذ الأدب الكندي ومنظر
بارز في مجال الاتصالات. اهتم بشكل خاص بالوسائط الإعلامية وقام بتحليل التحولات
المختلفة في الوسائط الإعلامية مثل (المطبوعة والإذاعة والتلفزيون) وتقييم تأثيراتها
على المتلقين .
وإذا كانت نظرياته لم تحقق نجاحًا عالميا كبيرًا ، فعلى كل حال سيظل
اسما معروفًا وسيطور فكره في العديد من الكتابات . لكن سيتم نسيانه لفترة طويلة ثم
سينبعث من جديد في التسعينيات ، عندما فجر اختراع الويب سؤال الوسائط من جديد .
سأحاول هنا تقديم ملخص أحاول من خلاله الوصول إلى فكر ماك
لوهان وبشكل أكثر دقة أبحاثه بهدف فهم
وسائل الإعلام كما سأشرح بالتفصيل أطروحتيه الرئيسيتين وسأوجز اعتباراته حول
الموضوعات التي تهم دراساتنا
حول الميديا.
"الرسالة هي الوسيط "
يعتقد ماك لوهان
أن الوسائط (الجريدة ، الكتاب ، التلفزيون ، الراديو ،المعلومة) التي تنقل رسالة
ما هي في الواقع رسالة بحد ذاتها. لا يعتبر تفضيل استخدام الراديو أو الصحف أو
التلفزيون أو أية علامة مضيئة لتوصيل المعلومات أمرا تافها. كل وسيلة من هذه الوسائط
لها تأثيراتها المحددة جدا على تفكيرنا : إننا نتعامل مع المعلومات التي يتم بثها
على شاشة تلفاز عملاقة في تايم سكوير بشكل مختلف عن سماعها على الراديو ، أو عند
قراءتها كعناوين مانشيطات رئيسية أو عندما نشاهدها على التلفاز بل قد نولي
اهتمامًا حذرا أكبر في فيلم أو في أخبار أكثر من اهتمامنا برواية لأننا باختصار أصبحنا
جزء من الأجيال التي ولدت في زمن التلفاز(هذا يختلف عن السينما التي لها جانب
محدد) أو حتى الإنترنت ؛ لذلك نحن قادرون بشكل أفضل على معالجة المعلومات التي تصل
إلينا بصريًا . بينما الأجيال السابقة
كانت تفضل الراديو وقبل ذلك الكلمة المكتوبة.
لكن ماك لوهان
قد ذهب أبعد من ذلك : بالنسبة له ، فإن "محتوى" الوسيط الإعلامي كيفما
كان هو دائمًا يعتبر وسيلة أخرى ". مثال : وسيط التلغراف هو الكلمة المطبوعة
وأن الكلمة المطبوعة هي المكتوبة وأن الكلمة المكتوبة هي الكلمة المنطوقة وأن
الكلمة المنطوقة هي عملية فكرية غير لفظية. . يشدد ماك لوهان أيضًا على أن وسائل
الإعلام من خلال سرعتها في نشر المعلومات ومعالجتها ونقلها وذلك بفضل التقدم
التكنولوجي (القطار والطائرة والتلفزيون والإنترنت).
"الوسائط الساخنة والوسائط الباردة"
يقدم ماك لوهان
أطروحته الثانية : تقسيم الوسائط الإعلامية إلى قسمين : الوسائط الساخنة وهي
الراديو والسينما والوسائط الباردة هي الهاتف والتلفاز . يعتبر وسيط ما ساخنا
عندما "يقوم بتمديد اتجاه واحد ويعطيه دقة عالية" بمعنى يحمل كثلة هائلة
من البيانات. ولنعد بهذا الصدد لمثال ماك لوهان : سيكون لصورة ما دقة عالية (لأنها
تحتوي على الكثير من المعلومات) بينما تحمل الرسوم المتحركة دقة منخفضة (لأنها
توفر قليلا من المعلومات). لقد أصبحت الرسوم الكاريكاتورية اليوم أكثر ثراءً مما
كانت عليه في السنوات السابقة.
أما بخصوص الوسائط
الباردة فإن المستمع يتلقى معلومات جزئية غالبًا ما يفكر ويعمل على إتمامها . إن
وسائل الإعلام الساخنة بكمياتها الكبيرة من المعلومات قد لا تشجع على المشاركة
واستثمار الرأي العام ، في حين أن الوسائط الباردة تشجع على ذلك . يمكننا أن نلاحظ
هذا بوضوح في الراديو (كوسيط ساخن ) والهاتف (كوسيط بارد ).
ثم قام ماك
لوهان بتطوير تفكيره حول القول الذي يرتبط بالشفاهية ، ثم الكتابة ، والشفاهية مرة
أخرى مع الوسائط الكهربائية . وهكذا أصبحت الكتابة مهجورة تدريجياً لصالح
التليفزيون. يدعم ماك لوهان التلفزيون لكن هذا الأخير تطور ولم يعد يشبه التلفزيون
في الماضي ، حيث سمحت الرسوم الكاريكاتورية التي مكنت المشاهد من الانخراط في
وسائل الاعلام . من الواضح أن التلفزيون اليوم أقرب إلى الوسائط الساخنة نظرًا
لحجم المعلومات الكثيفة التي يبثها ونوعية الصورة المهمة يقدمها . أيضًا هناك
نظرية المؤلف ماك لوهان التي تقول أن الأطفال الذين شاهدوا التلفاز عشر سنوات على
الأقل يجدون المدرسة والحياة بشكل عام كما لو أنها ثابتة لأن الكثير من المعلومات توفرها
لهم الشاشة .
يعد فكر ماك
لوهان مثيراً للاهتمام ، حيث يمكننا استخدام أطروحاته حول تأهيل الويب الذي يتطلب
انخراطا باردا من المستخدم ، وبالتالي يعتبر وسيطا بارداً ، لكن بعض نظرياته ، ولا
سيما وجهة نظره حول التلفزيون ، تبدو كما لوعفا عليها الزمن.
0 التعليقات:
إرسال تعليق