يجب التذكير بداية أنه لا توجد قطيعة مفاجئة بين الإنتاج
الأدبي الرقمي والأدب غير الرقمي بل هناك دائما استمرارية نتجت عنها تدريجياً
إزاحة بطيئة وهادئة للمسألة الأدبية .
هذا ما جعل فيليب كاستلين رئيس تحرير مجلة "دوك" يقول
إن الأدب الرقمي سيكون "إتماما" للأشكال التي اشتغل عليها هؤلاء
الفنانين الطليعيين. وعلى غرار ذلك يمكننا أن نفكر في أن الحاسوب وحده قادر على
استكشاف عدد لا حصر له من المتغيرات المحتملة للقصيدة المركبة بطريقة واسعة جدًا.
إن هذه الفكرة هي في أساس الجماليات التباينية التي تم التنظير لها على وجه الخصوص
من طرف أبرهام موليس الذي اقترح استخدام الحاسوب لاستكشاف حقل شاسع جدا من
الاحتمالات مما يمكن الشخص المبدع من تنخيل وإضافة لمسته وفق الحلول الأكثر إثارة وأهمية
من أجل تقديمها للقراء.
تستند المنشورات
المطبوعة للنصوص المركبة التي يتم إنشاؤها بواسطة الحاسوب إلى هذا المبدأ. أخيرًا لقد
دافع منظرو النص التشعبي الأمريكي بقيادة جورج ب. لاندو عن فكرة أن النص التشعبي
المعلوماتي هو أفضل وسيلة لإعطاء شكل ما لنظريات التفكيك النصي التي دافع عنها
المفكرون الفرنسيون منذ عام 1968.
إن هذه
الملاحظات المختلفة تبدو صائبة إلى حد ما باعتبارها جهازا قادرا على محاكاة أي شيء
آخر بما في ذلك الدماغ البشري في بعض ملامحه . من دون شك يعد الحاسوب أداة متميزة
لتنفيذ جميع هذه التصورات . ومع ذلك يبدو المفهوم متذبذبا لأن فكرة الإتمام تفترض
حدوث تجويد ونقطة نهائية لا يمكن تجاوزها غير أن مقترحات المنظرين الطليعيين قد تم
إنجازها تمامًا ولا يوجد سؤال أدبي يمكن أن يفي بحدود غير قابلة للحل. لمحاكاة هذه
الأشياء وجعلها تفقد إلى حد كبير أهميتها الأدبية : هل يعد برنامج معلوماتي يضم
ألف مليار قصيدة أكثر قيمة من عمل كوينو Queneau ؟ بالطبع يكون الجواب لا.
يمكننا أن نبين
أنه أضعف في جوانب كثيرة . يمكن أن تكون القصيدة الملموسة المصممة على جهاز
الحاسوب أكثر جمالا وتعقيدًا من القصيدة الملموسة التي طبعت في الستينيات ، ولا
يمكن أن تكون لها قوة تنافسية والتأثير الثقافي لقصيدة مثل هذه . من جهة أخرى لا
يمكن لمفهوم الأدب الرقمي باعتباره إتماما للأشكال النصية السابقة أن يأخذ بعين
الاعتبار خصوصية الوسيط لأنه سيأخذ بعين الاعتبار ضمنيًا أن الوسيط المعلوماتي قد
تم اختزاله في تغيير السند .
لذلك من الأفضل الأخذ
في الاعتبار أن الأدب الرقمي يحقق في نفس الوقت الاستمرارية مع الحركات السابقة
والانتقال الذي ينفذ خصائص الوسيط الرقمي للمقترحات الفنية الجديدة التي تعيد
صياغة مفهوم النص . هذه هي في الحقيقة الحركة التي شهدناها تاريخيا: فقد طرح الأدب
الرقمي تدريجيا أسئلة وأشكالا جديدة من الأدب تدمج بين طبيعة الكتابة وطبيعة
القراءة. أيضًا إذا كان الإنتاج الأدبي الرقمي يشبه في كثير من النواحي إنتاجًا
غير رقمي (على الشاشة في ثقافتنا المرئية المتحركة التي تمت صياغتها سينمائيا فلا
يمكننا تمييز أي شيء آخر غير النصوص والصور) تحتوي أيضًا على أبعاد تتجاوز هذا
البعد "الموضوع النصي".
La littérature numérique constitue-t-elle une rupture
littéraire ?
0 التعليقات:
إرسال تعليق