يشهد "عصر الإعلام الرقمي" ابتكارات جديدة وتغييرات جذرية في جميع جوانب الصحافة مما نتجت عنه صعوبات اقتصادية في وسائل الإعلام القديمة وبالتالي ضرورة البحث المحموم عن نماذج بديلة لتمويل صحافة مستدامة من أجل المستقبل. لقد استمر الركود العالمي منذ عام 2007 في تعميق الشعور بعدم اليقين الاقتصادي الناشئ عن فترة من التغيير غير المسبوق المرفق بعواقب وخيمة وواسعة النطاق على صناعة الصحافة وكذلك البحث العلمي في مجال دراسات الصحافة.
للتذكير فقد مرت
سبع سنوات على عقد مؤتمر مستقبل الصحافة الذي استضافته جامعة كارديف في 12 و 13
سبتمبر 2013 من قبل كلية الصحافة والدراسات الإعلامية والثقافية ، لمعالجة هذه
المخاوف من خلال خمسة أسئلة محورية ذات إطار واسع تتعلق بالظروف الحالية والآفاق
المستقبلية للصحافة. كيف تُحدث التطورات في الإعلام الرقمي والمتنقل على سبيل
المثال إمكانيات جديدة لإنتاج الصحافة وتوزيعها واستهلاكها ، وبالتالي خلق إعلام وفق
ممارسة صحافية مبتكرة؟ ما هي انعكاسات هذه التغييرات على نماذج الصحافة التقليدية
وظهور استراتيجيات مالية جديدة لتمويلها؟ كيف يتم إثبات هذه التطورات في سياقات
وطنية معينة من خلال الثقافة الصحفية وتاريخها وممارساتها المهنية؟ ما هي عواقب ذلك
على التعليم والتدريب والتوظيف في مجال الصحافة ، إلى جانب التصورات المتغيرة
للصحفيين لأدوارهم المهنية؟ أخيرًا ما هي انعكاسات إعادة الهيكلة الأساسية للصحافة
على الحياة الأخلاقية والسياسية والديمقراطية للمجتمعات محليًا ووطنًا وعالميًا؟
تم اختيار عنوان
ارعي لهذا المؤتمر هو "مستقبل الصحافة: في عصر الوسائط الرقمية وعدم اليقين
الاقتصادي" لتشجيع التركيز بشكل خاص على التطورات في وسائل الإعلام الرقمية ،
ولكن أيضًا على الاستراتيجيات المالية المصممة علميا لتوفير موارد رقمية قابلة
للحياة ومساهمة في دمقرطة الصحافة. وقد كان القصد من وجود الخبير الإعلامي روبرت
بيكار كمتحدث في الجلسة العامة هو التأكيد على هذا التركيز الأخير. اجتذب هذا المؤتمر
حوالي مئتا باحث من أكثر من 35 دولة و 184 مؤلفًا قدموا 113 ورقة بحثية في 30 جلسة
على مدار اليومين.
من خلال جدول
الأعمال إن لم تكن المخاطرة بما وصفه توني هاركوب ب"النزيف الواضح" فهذا من دون شك يشكل وقتا مهما في تاريخ الصحافة عندما يكون كل جانب
من جوانب الإنتاج والتقرير واستقبال الأخبار المتغيرة ذو أهمية على مستقبل الصحافة
، مع مراعاة آثاره الكثيرة على الاتصالات داخل المجتمعات المحلية والوطنية
والدولية ، من أجل النمو الاقتصادي ، وتكريس الديمقراطية ، والحفاظ على الحياة
الاجتماعية والثقافية وتطويرها في جميع أنحاء العالم ، لكن من دون المبالغة في
التفاؤل. لكن وتيرة التغيير هاته بقدر طابعها المتسارع، هي ما يثير الدهشة والتي
تترك الناشرين ومحللي الصناعة الإعلامية والأكاديميين يكافحون لجعل نتائج أبحاثهم
ومناقشاتهم العلمية ذات صلة .
أزمات
"الجدوى المالية" و "الملاءمة المدنية؟"
يستمر تقلص
وسائل الإعلام القديمة بشكل متسارع ويتميز بانخفاض الجماهير والقراء وعائدات
الإعلانات. أيضا لا يزال طاقم التحرير يتقلص على الرغم من أنه أبطأ مما كان عليه
خلال فترات الذروة 2008-2009 وبمعدلات متباينة تعكس ظروف منصات الوسائط المميزة
وقطاعات الإعلام والأوضاع الوطنية. لقد انخفض عدد الصحف اليومية في الولايات
المتحدة من 1611 في عام 1990 إلى 1387 في عام 2009 كما انخفضت الوظائف التحريرية
أيضًا حيث أبلغ موقع "بايبر كوتس" على الويب عن فقدان 16000 وظيفة في عام
2008 وانخفض إلى 1850 في عام 2012 . ووصف
تقرير حالة "بيو" لوسائل الإعلام نشر سنة 2013
الذي ربما كان متفائلًا بعض الشيء ، الصحف بأن حالتها الصحية "مستقرة
لكنها ما تزال مهددة" على الرغم من انخفاض الإعلانات المطبوعة للعام السادس
على التوالي: وبنسبة 1.8 مليار دولار في عام 2013 أو 8 في المائة. بالقياس إلى
الإيرادات تقلصت صناعة الصحف في الولايات المتحدة إلى 60 في المائة من حجمها قبل
عقد من الزمن. إن شركات الصحف ماتزال تكافح للوفاء بالتزامات التقاعد والديون
والاستمرار في تقليص عدد العاملين في الأخبار في حين لجأت بعض الصحف إلى تقليص وتيرة
النشر إلى ثلاث مرات في الأسبوع. لقد باعت بعض الصحف الرئيسية مطابعها فيما تسعى صحف
أخرى "بقوة" إلى إبرام عقود طباعة جديدة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق