حددت الجمعية الأمريكية للطب النفسي معايير تشخيص الميل الجنسي للأطفال (البيدوفيليا) على أنها تجارب متكررة من الإثارة الجنسية الشاذة أو التخيلات أو الحوافز أو السلوكيات التي تنطوي على نشاط جنسي مع طفل أو أطفال في سن البلوغ ، وعادة ما يكون الشخص أقل من 14 عامًا. قد يتم تصريف هذا السلوك بناءً على هذه الدوافع أو التخيلات الجنسية للشخص المأزوم نفسيا أو ذي المشاكل في العلاقات الشخصية.
ولتصنيف شخص ما
بأنه بيدوفيل يجب أن يكون عمره 16 سنة على الأقل وأن يكون أكبر بخمس سنوات من الطفل
الضحية أو الأطفال الذين يشعر تجاههم بهذه المشاعر الشاذة وغير الطبيعية .
وحسب نفس
الجمعية السابقة لا يتم تضمين أي شخص في مرحلة المراهقة المتأخرة في علاقة جنسية
طويلة الأمد مع 12 أو 13 عامًا في هذه الفئة .
يرى بعض الخبراء
أن الأسباب الحقيقية للبيدوفيليا تتعلق بالنمو العصبي. وقد لوحظت اختلافات في بنية
الدماغ لدى فئة البيدوفيليين مثل اختلافات القشرية الأمامية وانخفاض المادة
الرمادية والفص الجبهي الأحادي والثنائي والفص الصدغي والتغيرات المخيخية.
ووفقًا لنفس البحث
فإن هذه الاختلافات تشبه تلك الخاصة بالأشخاص الذين يعانون من اضطرابات التحكم في
الانفعالات مثل الوسواس القهري والإدمان واضطراب الشخصية المعادية للمجتمع.
يمكن أن يكون
الاعتداء الجنسي على الأطفال نتيجة استثنائية لأمراض نفسية مرضية أخرى. قد تكون
هذه التشوهات الدماغية ناتجة عن نمو غير طبيعي للدماغ. وبالتالي فإن اضطراب ما بعد
الصدمة يسبب أيضًا هذه الأنواع من تشوهات الدماغ. قد تكون بعض التجارب المؤلمة في الطفولة
المبكرة السبب في هذا التطور غير الطبيعي .
كما تضمنت
الاختلافات العصبية الأخرى التي تم استكشافها في الشخص البيدوفيل مستويات ذكاء أقل
حيث كلما انخفض مستوى الذكاء كلما كان الضحية أصغر سنا.
وقد أشارت كثير من
الدراسات إلى أن البيدوفيليين لديهم تشوهات دماغية موجودة في الفص الصدغي . كما
تم العثور أيضًا
على العديد من الاختلافات في ناهضات السيروتونين لديهم مقارنةً بموضوعات التحكم
المختبرة.
أيضا تم العثور
على زيادة في مستوى الاعتداء الجنسي على الأطفال لدى الأشخاص الذين تعرضوا لإصابات
خطيرة في الرأس عندما كانوا أطفالًا صغارًا خاصة قبل سن السادسة. وكان الاكتشاف الأخير
هو أن نسبة من البيدوفيليين كانت لديهم أمهات مصابات بأمراض نفسية مقارنة مع النساء
السليمات جسديا وذهنيا.
اكتشف كذلك أن
بعض المتحرشين بالأطفال يعانون من شذوذ الكروموسومات. حيث أنه من بين 41 رجلاً
خضعوا للدراسة وجد أن سبعة منهم يعانون من تشوهات في الكروموسومات بما في ذلك
متلازمة كلاينفيلتر وهي حالة يكون فيها للذكر كروموسوم "إكس" إضافي في شفرته الجينية.
من جانب آخر يجب
مراعاة العوامل البيئية التي ينطوي عليها مرض البيدوفيليا . هناك الكثير من الجدل
حول ما إذا كان تعرض الطفل للاعتداء الجنسي أم لا يؤدي به في الكبر إلى أن يكون بدوره
معتديًا جنسيًا على أطفال آخرين. وتشير الإحصائيات إلى أنه بشكل عام فإن المزيد من
الأشخاص الذين يسيئون معاملة الأطفال كبالغين تعرضوا للإيذاء في الصغر.
ما هي إذن أسباب
اقتراف هذه الانحرافات البيدوفيلية ؟ اقترح بعض المنظرين أنه ربما يريد الشخص
المغتصب للأطفال إما أن يتماهى مع شخص أساء معاملته في الصغر أو التغلب على مشاعر
الضعف لديه من خلال أن يصبح هو نفسه مسيئًا للآخرين أو ربما لتنفيذ الإساءة نفسها التي
تعرض لها بطريقة ما على نفسية المعتدى عليه.
ويعتقد بعض
العلماء أن الاعتداء الجنسي على الأطفال لا يختلف كثيرًا عن الأمراض العقلية
الأخرى بخلاف كيفية إظهار السلوك المنحرف. كما يعاني معظم مرتكبي الجرائم الجنسية
من مشاكل في إقامة علاقات جنسية وشخصية حميمية مع أقرانهم.
وهناك قضايا
تنموية أخرى في حياة البيدوفيل أكثر من عامة الناس حيث 61 بالمئة من مغتصبي
الأطفال كرروا على الأقل قسما واحدا في دراستهم أو كانوا مسجلين في مدارس التربية
الخاصة وإعادة التأهيل وكانت معدلات ذكائهم أقل من غيرهم.
بعض المنظرين يرون
أن المتحرشين بالأطفال قد توقف تطورهم النفسي والجنسي الناجم عن ضغوط الطفولة
المبكرة مما تسبب في نموهم "بالتثبيت" أو "التراجع" ويتجلى ذلك
في ميولاتهم الجنسية للأطفال.
ربما تسببت هذه
الضغوطات المبكرة في عملية نضج غير مكتملة لدى هؤلاء الشواذ مما يجعلهم يمكثون صغارًا
بشكل غير عقلاني . وربما أن هذا هو السبب في أن الكثير من
المتحرشين بالأطفال يتعرفون أكثر على الأطفال ويرون أن سلوكهم مقبول تمامًا.
إن الميل الجنسي
للأطفال مشابه لبعض اضطرابات الشخصية لأن الفرد المصاب بالشذوذ يتمركز حول نفسه
تمامًا ويعامل الأطفال كأشياء من أجل سعادته ولا يعاني شخصيًا من الاضطرابات
العاطفية (كما هو الحال مع العديد من الأمراض العقلية).
كما يبدو أن الشخص
البيدوفيل بشكل عام يعتقد حقًا أن سلوكه طبيعي وبالتالي يجب عليه إخفاءه لأن
المجتمع التقليدي لا يقبله. فهو مقتنع بأنه يفعل شيئًا بطوليا عندما يتحرش
بالأطفال وأن الأطفال من جهتهم يستمتعون بالفعل بتلك العلاقة.
لقد ترسخ الاعتقاد
بأن البيدوفيل شخص لم يتطور بشكل طبيعي وسليم وأنه "عالق" في مرحلة
معينة من التطور عقليًا ، بينما تنضج هرموناته وجسده بشكل طبيعي. وبسبب هذا الصراع
فإن الطفل البالغ الذي نشأ شاذا جنسيا يصبح مفضلا للارتباط بالأطفال أفضل من
الكبار.
في ما يتعلق
بالعلاج إذا كان الإخصاء الجسدي يعتبر عقابا بربريًا في العصر الراهن فقد كان
استخدامه في أوروبا في القرون الماضية أمرا مقبولا ومتوافقا عليه . والإخصاء يقصد
به إزالة لخصيتي البيدوفيل وهما العضو الذكري الذي ينتج هرمون التستوستيرون المجيش
للرغبة الجنسية وهو أيضا المسؤول بشكل رئيسي عن الدافع الجنسي لدى الذكور. لكن في
حالة البيدوفيل هناك أكثر من دافع جنسي في ذلك لأنه يعتقد أنه يحب هؤلاء الأطفال
الذين يتحرش بهم ويعتقد أن لديه علاقة وثيقة ومميزة معهم.
وقد أظهرت بعض الدراسات
أن الإخصاء يعتبر فعالا في إزالة الرغبة في السلوك الجنسي من مرتكبي جرائم البيدوفيليا.
هذه الدراسات وجدت أن ما بين 67٪ و 97٪ من الرجال المخصيين صاروا لاجنسيين .
وهناك علاج آخر يتعلق
بالحرمان من الأندروجين وهو عبارة عن دواء يتضمن تقليل هرمونات الذكورة وخاصة
هرمون التستوستيرون. بعبارات أبسط يتم حقن البيدوفيل بمادة ADT لإحداث إخصاء كيميائي.
أخيرا أظهرت بعض
الدراسات كذلك أن (العلاج بالهرمونات والإخصاء) أثبت أنه أكثر نجاحًا من العلاجات
النفسية والاجتماعية. العلاجات الدوائية هي العلاجات المختارة لأخطر الانحرافات
الجنسية. في نفس السياق تمت دراسة ثلاثة أنواع
مختلفة من الأدوية المثبطة للهرمونات المستخدمة لتقليل الدافع الجنسي لمرتكبي
الاعتداء الجنسي وقد تستغرق هذه الأدوية ما بين ثلاثة إلى عشرة أشهر حتى تظهر
نتائجها وكلها لها آثار جانبية سلبية ويمكن أن تكون مكلفة جدا.
مترجم بتصرف
0 التعليقات:
إرسال تعليق