الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الخميس، أكتوبر 19، 2023

نص سردي "رحلة طائر الفينيق" عبده حقي


حلق طائر الفينيق المهيب في السماء الزرقاء. لقد وقع العالم في شرك ضباب غامض، وحمل طائر الفينيق، بريشه القزحي اللون، سرًا كان مغلقًا على مر العصور.

اقترب طائر الفينيق، نذير الولادة الجديدة ، من باب هائل مغلق كان بمثابة حارس للأمل المنسي الذي كان مدفونًا لأجيال وأجيال . لقد كان بابًا يحمل ندوب محاولات لا حصر لها لاختراقه، بوابة إلى عالم مخفي في متاهة الذكريات.

وبنظرة حازمة، استخدم الفينيق أنفاسه النارية لإذابة الأغلال الجليدية التي كانت تربط الباب بإغلاقه. الجليد، مثل ثقل قرون من اليأس، تقطر وتبخر في الهواء، تاركًا تحته بركة من الدموع المتلألئة.

الباب، الذي كان ذات يوم حاجزًا لا يمكن اختراقه، أصبح الآن مفتوحًا قليلاً، يطلق همسة من الوعود المفقودة منذ زمن طويل.

عندما فُتح الباب، اندلعت دوامة من الأحزان القديمة، وتم قمع عاصفة أثيرية من العواطف لفترة طويلة. لقد كانت زوبعة من الذكريات الباهتة والآمال اليائسة، كل منها عبارة عن وميض من الوجوه المنسية منذ زمن طويل وصدى الكلمات الصادقة.

ومع ذلك، لم تردع العاصفة طائر الفينيق. ومع كل رفرفة من أجنحته، كانت تقترب أكثر من قلب هذا البعد الغامض. لقد كانت في مهمة لإشعال الضوء الذي كاد أن ينطفئ. النور الذي أشرق ذات يوم لكنه خفت في وجه الشدائد والإهمال.

كم مرة حاول الفينيق أن يخترق حواجز المنفى ليتحرر من قيود اليأس؟ لقد اشتاق إلى عدالة الأنبياء، وخلاص الأنقياء، وحكمة الحكماء. لقد شعرت بالحلم الهش يترنح على حافة الرحيل، لكنه ظل صامدا، يحرس الجمرة المشتعلة على أمل أن تنهض من بين الرماد ذات يوم بأجنحة من فضة.

كانت رحلة الفينيق عبر المشهد الملغز بمثابة رقصة بين الملموس وغير الملموس، مظهراً للآمال والذكريات التي تجاوزت حدود الواقع. لقد كانت شهادة على الروح الدائمة والأمل الذي لا يفنى والذي يكمن في قلوب أولئك الذين يجرؤون على الحلم.

وهكذا، بينما واصل طائر الفينيق رحلته الأثيرية ، حمل معه الاعتقاد بأنه حتى في زوايا الوجود الأكثر غموضًا، يمكن إشعال شعلة الأمل من جديد، ويمكن إعادة أحلام الأمس المنسية. الي الحياة.

وجد طائر الفينيق نفسه واقفاً أمام باب مغلق، ومصيره متشابك مع هذه البوابة الغامضة. على مر العصور، كانت تتوق إلى تحرير جوهر الأمل المنسي منذ زمن طويل، ومحو نسيج الحزن القديم، وإشعال ضوء بعيد على حافة النسيان.

شرع طائر الفينيق في مهام لا حصر لها لتحطيم جدران المنفى الهائلة، وكان قلبه يردد صدى أحلام الأنبياء التي لم تتحقق. وحتى عندما بزغ الإدراك بأن الحلم نفسه كان على وشك الرحيل، ظل يقظًا، يحرس الجمر المحتضر بإخلاص يتحدى قوانين الزمن والطبيعة.

كان اللهب الوامض، مثل الهمس الرقيق وسط صمت الكون الذي يصم الآذان، يحمل وعد القيامة. ارتعدت في ظل الخراب، ولم يكن إشعاعه يكاد يُرى، كما لو كان محجوبًا بغطاء من الغموض. رأت طائر الفينيق، في يقظته الأبدية، ما هو أبعد من التألق المتلاشي، مدركا أنه حتى في أحلك الساعات، لا تزال هناك شرارة، بصيص من الإمكانات، وجزء من الحماس الذي لا ينطفئ.

اشتاق طائر الفينيق إلى اللحظة التي ستشرق فيها الشعلة الإلهية مرة أخرى، وتنفجر من الرماد. وتمسّك بالاعتقاد بأن اللهب سيفرد جناحيه ذات يوم، ويتلألأ مثل الفضة في ضوء القمر، ويحلق خارج حدود الوجود نفسه. في هذا المشهد حيث تلاشت حدود الأحلام والواقع، وقفت طائر الفينيق كحارس، وتجسيدًا للمرونة والإيمان الذي لا يتزعزع.

 


0 التعليقات: