رواية”رجل بلا صفات”عمل أدبي له أثر كبير في الحداثة الأوربية على صعيد تجديد الشكل الروائي.. يذكر ان موزيل تلقى تعليمه في معهد التربية العسكرية الشهير في ميريش فايسكيرشن. ثم دخل كلية الهندسة الميكانيكية في برون وتخرج مهندساً عام 1901. وعندما ضمت النازية الألمانية النمسا اليها عام 1938 هاجر عن طريق ايطاليا الى سويسرا حيث عاش في ظروف بائسة ماديا ومعنويا حتى وفاته بالسكتة الدماغية. نشر موزيل عام 1960 روايته الاولى”اضطرابات التلميذ تورلس”التي اقتبسها المخرج شلوندورف للسينما منتصف السبعينيات. الا ان اسلوب موزيل لم يتبلور الا في عام 1924 عندما نشر المجموعة القصصية”ثلاث نساء”التي تبدت فيها محاولاته التجريبية بغرض بلوغ الايجاز الواضح تعبيرا عن ادق الحالات والمحن التي يحتمل ان يتعرض لها البشر مع الطموح الى تحقيق جمالية لغوية عالية وهو ما تجلى في انجازه الاكبر في رواية”رجل بلا صفات”التي كلفته في النهاية حياته. إذ خامرت فكرتها ذهنه منذ مطلع القرن العشرين أثناء دراسته الجامعية، ولكن برغم دقته الرهيبة في العمل والتي تصل إلى حد الهوس لم يجد الشكل المقبول لها إلا بعد زهاء عشرين عاماً. وكمثل بطل روايته حاول روبرت موزيل ثلاث مرات أن يستقر في مهنة يتصورها مبتغاه، ولكن من دون جدوى. عمل أولاً ضابطاً في الجيش، ثم أستاذاً مساعداً في جامعة شتوتغارت بعد أن درس الهندسة، وأخيراً باحثاً أكاديمياً بعدما حصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة وعلم النفس. إلا أنه في كل مرة كان يهجر مهنته بحثاً عن شيء آخر لا يعلم كنهه. وفي نهاية المطاف تفرغ للكتابة الأدبية علَّه يجد ما يبحث عنه. إلا أن أعماله اللاحقة لم تلق النجاح نفسه إذ احتفى النقاد الألمان بهذه السيرة الروائية فور صدورها، ووضعوها على ذروة سامقة متفردة كرواية تؤسس للحداثة في الأدب الألماني إلى جانب أعمال كافكا وهيرمان بروخ. واعتبرها الأديب توماس مان رواية استثنائية بين الروايات الألمانية. لكن النجاح الكبير الذي أصابته الرواية لم ينقذ مؤلفها من ضائقته المالية برغم الأقساط المنتظمة التي كان ناشره إرنست روفولت يدفعها له مُقدماً كمكافأة نشر الرواية الجديدة. وطوال ثماني سنوات ظل الناشر يلتزم مالياً، والكاتب لا يكتب. وفي عام 1933 نفد صبر روفولت فقطع أقساطه. ووجد موزيل نفسه على حافة الإفلاس والتسول، فتشبث بعمل حياته، وأصدر في العام نفسه الجزء الثاني منها وشهد عام 1933 أيضاً صعود النازية وتولي هتلر السلطة في برلين التي كان يعيش فيها موزيل، فقرر على الفور العودة إلى موطنه النمسا. وسرعان ما أسدل النسيان ستائره على الأديب النابغة، ما دفعه إلى جمع مقالات عدة وقصص قصيرة وأصدرها تحت العنوان الساخر: ميراث أثناء الحياة في عام 1936. وبعد عامين تختفي أعمال موزيل من مكتبات النمسا وألمانيا ويُمنع من النشر، فيحيا في عزلة مريرة وفقر مدقع. وعندما يضم هتلر النمسا إلى الرايخ الثالث يقرر موزيل الهرب إلى سويسرا حيث توافيه المنية عام 1942.
0 التعليقات:
إرسال تعليق