في قريتي الصغيرة، امتدت الشوارع مثل شرائط متعرجة بين المنازل ذات الأسطح القرميدية الحمراء. وهنا بدأت قصة ، الشاب المنكسر النفس، أسير عذابات لا توصف.
"نحن لا نعاني إلا من الأذى الذي يلحق بنا من قبل أولئك الذين نحبهم. بل من شر العدو . » كلمات جدتي هذه، بمجرد تكرارها، ترددت في رأسي مثل الصدى المستديم. لقد اعتقدت دائمًا أنها مجرد حكاية من الفولكلور ، حتى واجهتني الحياة بمعناها الأعمق.
بدأ كل شيء في
إحدى أمسيات الربيع عندما انتشر الشفق في انعكاسات ذهبية عبر التلال. في أجواء قريتي
الهادئة، وقفت
حالمًا على التل المطل على القرية. كنت أتأمل الوهج المتلألئ للشمس عند غروب الشمس
عندما أسرت نظري فجأة صورة ظلالية مألوفة.
كانت مريم،
الشابة التي كان جمالها ينافس نعومة أشعة الصباح الأولى. كانت تتجول بين الزهور
البرية، وكتفيها مثقلان بعبء غامض. اقتربت منها، وأنا غير قادر على مقاومة الرغبة
في مشاركة ألمها.
"صوفي، ماذا حدث لك؟
سألتها، في
محاولة للتعبير عن قلقي من خلال عيني القلقة.
ابتسمت ابتسامة
حزينة قبل أن تهمس: "شظايا قصة حب مكسورة..." طارت كلماتها في الهواء
مثل البتلات التي تحملها الريح.
تشكلت صداقتنا
في تلك اللحظة، على إيقاع الأسرار التي همست بها في الشفق. وكثيرًا ما كنت أرافقها
في تجوالها في دروب هذه القرية النائمة، مستمعًا إلى أصداء عذاباتها. نمت في قلبي
مشاعر غير معلنة تجاهها، لكنني أبقيت كلماتي مقيدة بالخوف من كسر هذا التوازن الهش.
ومع ذلك، سرعان
ما تم إزعاج سلامنا. في إحدى الليالي العاصفة، والسماء تضج بغضبها الأزلي، هبط
رسول يحمل خبراً رهيباً. تم استدعاء مريم بعيدًا عن قريتنا
حيث جرفتها عاصفة
عائلية هددت بتمزيق وجودها. تركت في أعقابها فجوة كبيرة في قلبي، فراغًا مليئًا
بذكرياتها وآمالي المحطمة.
تجولت في
القرية، محاطًا بالصمت القهري للشوارع المهجورة. تتابعت الأيام، فمزجت ضوء النهار
الناعم مع ظلمة الليالي الحالكة حيث بدا كأن النجوم تبكي معي.
ومع ذلك، فإن
الحياة، مثل الساحر الماهر، غالبًا ما تحمل المفاجآت غير متوقعة. في صباح أحد أيام
الصيف، بينما كانت البراعم تنبض بالحياة في الحدائق النائمة، ظهر شخص غريب الشاعرذو
القلب المتجول، إلى قريتنا الهادئة. كانت كلماته مثل قوس قزح في سماء رمادية،
نغمات موسيقى ساحرة في عالم الصمت. كان مفتونًا وساحرًا في نفس الوقت، وقد نفخ
حضوره رياح التغيير في حياتنا المتجمدة.
لقد تقاطعت
طرقنا عدة مرات. وبدا أنه يشعر بالألم المتخفي خلف قناع السكينة ، وكأنه يقرأني
مثل كتاب مفتوح. نصيحته الحكيمة، وروح الدعابة الطريفة وراء ابتسامة متكلفة،
ساعدتني في التغلب على ألمي، حتى لو لم تكن الشقوق في قلبي قد التأمت بعد.
وفي هذه الأثناء
ظلت مريم صامتة. كانت رسائلها النادرة والموجزة تتحدث فقط عن تفاصيل سطحية، كما لو
أنها أقامت حول نفسها جدرانًا منيعة. شعرت بها تنزلق بعيدًا عن متناول يدي،
ويحملها عذاب أعمق مما يمكن أن تصفه الكلمات.
اهتز الروتين
الهادئ مرة أخرى عندما أقيمت حفلة للاحتفال بقدوم الصيف. كانت الشوارع مزينة
بالأضواء المتلألئة، وقد ملأ الضحك الهواء، وترددت الموسيقى مثل سيمفونية مؤرقة.
لقد انجذبنا أنا ومريم إلى هالة الفرح هذه، ووجدنا أنفسنا في قلب هذه الإثارة.
عندها بدا أن
الأقدار تتقاطع وتختلط مثل خيوط في نسيج معقد. نظرات خاطفة، وابتسامات متبادلة،
وأحاديث هامسة في ظلال الأزقة المضاءة بالفوانيس.
لقد وجدت نفسي
في دوامة من المشاعر المتضاربة. بدا أن ليوناردو، بشعره وجاذبيته، يأسر انتباه
صوفي، ويبدد أملي الهش. تسلل الألم بداخلي، ممزوجًا بالحيرة ولمسة من الغيرة، وأنا
أتأمل هذا المثلث الغريب من التفاعلات.
أصبحت الليالي
طويلة من الوحدة، وعقلي معذب بالأفكار الدوامة. تمتزج الحب والألم وعدم الفهم في
شبكة معقدة. كل نظرة متبادلة، كل كلمة همسة يتردد صداها كأنها لحن مفجع، يستحضر
كلمات جدتي: "نحن لا نعاني إلا من الأذى الذي يلحق بنا من قبل أولئك الذين
نحبهم". فالشر الذي يأتي من العدو لا يحتسب. »
0 التعليقات:
إرسال تعليق