الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأحد، يوليو 07، 2024

ملامح التقاطع بين الأدب الرقمي وأدب الذكاء الاصطناعي (8) : عبده حقي

في حين أظهرت خوارزميات الذكاء الاصطناعي كفاءة ملحوظة في إنشاء نص صحيح نحويًا ومتماسك على ما يبدو، فإنها غالبًا ما تعاني من الجوانب الحاسمة لسرد القصص المقنعة، مثل تطوير الشخصية، والعمق العاطفي، والأصالة الحقيقية. في حين أن النص

الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي قد يُظهر تماسكًا على مستوى السطح، فإن التدفق السردي والبنية العامة قد يفتقران إلى الفروق الدقيقة والقصدية الموجودة في الأعمال التي ألفها الإنسان.

أحد التحديات الأساسية التي تواجهها خوارزميات الذكاء الاصطناعي في توليد السرد هو إنشاء شخصيات متطورة وذات صدى عاطفي. الشخصيات البشرية في الأدب معقدة ومتعددة الأبعاد، تتشكل من خلال تجاربهم ودوافعهم وعلاقاتهم. يتطلب تطوير الشخصيات المقنعة فهمًا عميقًا لعلم النفس البشري، والتعاطف، والحرفية السردية، وهي الصفات التي غالبًا ما تفتقر إليها خوارزميات الذكاء الاصطناعي. ونتيجة لذلك، قد تظهر الشخصيات التي يولدها الذكاء الاصطناعي على أنها مسطحة، أو نمطية، أو تفتقر إلى العمق والأصالة، وتفشل في إثارة المشاركة العاطفية والتعاطف التي تتميز بها الأعمال التي ألفها الإنسان.

علاوة على ذلك، في حين تتفوق خوارزميات الذكاء الاصطناعي في محاكاة الأنماط والأعراف الموجودة في النصوص الموجودة، فإنها غالبا ما تكافح لإنتاج روايات أصلية ومبتكرة حقا. إن الإبداع البشري بطبيعته لا يمكن التنبؤ به وهو ذو طابع خاص، ويعتمد على ثروة من التجارب الشخصية والتأثيرات الثقافية والقفزات الخيالية. في حين أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي قادرة على توليد نص يشبه ظاهريا الأعمال التي ألفها الإنسان، فإنها قد تفتقر إلى القدرة على تجاوز الأنماط والأعراف القائمة، مما يؤدي إلى روايات تبدو مشتقة أو ذات صيغة معينة.

علاوة على ذلك، قد يعاني النص الناتج عن الذكاء الاصطناعي من نقص التماسك والاتساق الموضوعي، حيث تفتقر خوارزميات الذكاء الاصطناعي عادةً إلى القدرة على الحفاظ على قوس سردي متماسك أو صدى موضوعي على مدار النص. غالبًا ما تُظهر الأعمال التي ألفها الإنسان إحساسًا بالوحدة الموضوعية والتماسك، حيث يساهم كل عنصر من عناصر السرد في المعنى العام للقصة ورسالتها. في المقابل، قد يفتقر النص الناتج عن الذكاء الاصطناعي إلى القصد والتماسك الموضوعي اللازم لخلق تجربة قراءة مقنعة ومرضية.

على الرغم من هذه القيود، فإن النص الذي ينتجه الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على استكمال الإبداع البشري والمساهمة في المشهد الأدبي بطرق ذات معنى. ومن خلال مساعدة المؤلفين في توليد الأفكار، واستكشاف إمكانيات السرد البديلة، والتغلب على العوائق الإبداعية، يمكن أن تكون خوارزميات الذكاء الاصطناعي بمثابة أدوات قيمة لتعزيز العملية الإبداعية. علاوة على ذلك، يمكن للنص الناتج عن الذكاء الاصطناعي أن يقدم وجهات نظر ورؤى جديدة حول الموضوعات والأنواع الأدبية، مما يلهم المؤلفين البشريين لدفع حدود إبداعهم واستكشاف إمكانيات سردية جديدة.

في الختام، في حين أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي قد خطت خطوات كبيرة في إنشاء نص صحيح ومتماسك نحويًا، فإنها غالبًا ما تعاني من الجوانب الحاسمة في رواية القصص المقنعة، مثل تطوير الشخصية، والعمق العاطفي، والأصالة الحقيقية. في حين أن النص الناتج عن الذكاء الاصطناعي قد يكون بمثابة أداة قيمة لمساعدة المؤلفين من البشر في العملية الإبداعية، فمن غير المرجح أن يحل محل العمق والفروق الدقيقة والقصدية الموجودة في الأعمال التي ألفها الإنسان. مع استمرار تطور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، من الضروري إدراك حدودها واستكشاف الطرق التي يمكنها من خلالها استكمال وتعزيز الإبداع البشري في الأدب، بدلاً من استبداله.

تابع


0 التعليقات: