الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الأحد، أغسطس 04، 2024

اعتراف فرنسا خطوة نحو تعزيز الاستقرار والوحدة في شمال أفريقيا؟ الدكتور آري بيتاجافارا


لقد كنت مهتمًا بصراع الصحراء الغربية على مدى السنوات القليلة الماضية، وقد أثار ذلك مناقشة مكثفة مع السفير المغربي في فنلندا، في أعقاب موقفي السابق بشأن هذه المسألة. أدى حوارنا المحترم إلى مشاركتي في مناظرتين نُظمتا في هلسنكي. بصفتي صحفيًا فنلنديًا، كان من الصعب جدًا استيعاب جميع جوانب إرث حقبة الحرب الباردة. بعد الحرب في أوكرانيا والخطاب السائد حول السلامة الإقليمية للدول ذات السيادة، بدأت أفهم لماذا هذه القضية بالغة الأهمية بالنسبة للمغرب ولماذا أثارها باستمرار جميع المغاربة تقريبًا الذين أتيحت لي الفرصة للتحدث معهم في فنلندا. في هذه المناقشات، غالبًا ما تم تسليط الضوء على دور القوى الاستعمارية، سواء في أصول الصراع أو حله. اتخذت إسبانيا، المستعمر السابق للأراضي الصحراوية، في 7 أبريل 2022، قرارًا مهمًا بالاعتراف رسميًا بخطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب في عام 2007 باعتبارها الحل الوحيد القابل للتطبيق تحت السيادة المغربية. كان هذا اعترافًا استراتيجيًا وتاريخيًا.

في الثلاثين من يوليو/تموز، وبينما كنت أستعد لحضور احتفالات عيد العرش، وهو اليوم الوطني للمغرب الذي يحتفل به في هلسنكي، صادفت تقارير إعلامية تزعم أن فرنسا قررت الاعتراف رسميا بالسيادة المغربية على إقليم الصحراء الغربية. فما هي التداعيات المترتبة على هذه الخطوة على حل الصراعات والاستقرار الإقليمي، وكيف قد تساهم في الحفاظ على السلامة الإقليمية للدول ذات السيادة ومكافحة الانفصالية؟ عندما أضع تصوراتي حول هذا التطور الجديد، فإن أفكاري تتجه أيضا إلى سكان مخيمات تندوف، الذين ربما يكونون المستفيدين الرئيسيين من هذا القرار والحل النهائي للصراع.

في 30 يوليو 2024، أبلغ الرئيس الفرنسي الملك المغربي رسميًا في رسالة دبلوماسية مهمة أن فرنسا تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية. ويمثل هذا الإعلان تطورًا محوريًا في العلاقات الدولية فيما يتعلق بمنطقة شمال إفريقيا ومن المتوقع أن يكون له آثار واسعة النطاق على الاستقرار الإقليمي والتحالفات الدبلوماسية الدولية.

وبحسب تحليلات وسائل الإعلام الفرنسية والمغربية، فإن الرسالة التي بعث بها الرئيس الفرنسي إلى الملك المغربي تؤكد على موقف حازم يؤكد أن "الوضع الحالي والمستقبلي للصحراء الغربية هو جزء من السيادة المغربية". وأعتقد أن صياغة "الحاضر" و"المستقبل" تحمل رسالة سياسية عميقة وحكيمة. لماذا؟ لأن هذا الإعلان يتجاوز المجاملة، ويعكس فهمًا تاريخيًا وقانونيًا عميقًا لقضية الصحراء. ومن خلال الاستفادة من منظورها وفهمها الشامل للتعقيدات المحيطة بهذه القضية، تؤكد فرنسا على مطالب المغرب المشروعة بالصحراء الغربية.

ويستند هذا الدعم إلى خطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب في عام 2007، والتي تعتبرها فرنسا الإطار الوحيد لحل تفاوضي يتماشى مع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ومن منظور فنلندي، يمكن للمرء أن يشير إلى قضية جزر آلاند، التي ربما ألهمت مؤلفي خطة الحكم الذاتي للصحراء الغربية في مرحلة ما.

وتشير العديد من المصادر التي اطلعنا عليها إلى أن الإعلان الفرنسي يحمل أهمية سياسية واستراتيجية، لأنه صادر عن عضو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ولاعب بارز على الساحة السياسية العالمية، يدعم زخما دوليا غير مسبوق من أجل الوحدة الترابية للمغرب. والدعم الفرنسي الثابت في هذا الشأن لا يعزز موقف المغرب فحسب، بل يشكل أيضا نموذجا لمواقف أخرى. ومن خلال مواءمة سياساتها الدولية مع هذا الموقف، تؤكد فرنسا مصداقية مطالبات المغرب بالسيادة، وترفعها من مناقشة إقليمية إلى موقف معترف به عالميا.

إن دعم فرنسا للسيادة المغربية في الصحراء الغربية لا يقتصر على مجرد تحرك دبلوماسي. فهو يعبر عن التزام دولة عضو في الاتحاد الأوروبي بالسلام الإقليمي. ومن خلال معارضة الانفصال والدعوة إلى الوحدة، يلعب موقف فرنسا دوراً في تجنب تفكك الدول في شمال أفريقيا. ويكتسب هذا الموقف أهمية في منطقة تتسم بالصراعات وعدم الاستقرار، حيث يوفر مساراً نحو الحلول والتفاعلات الإقليمية التعاونية.

وفي ضوء ذلك، ترى مارين لوبان، زعيمة حزب اليمين المتطرف الفرنسي، أن بلادها "تأخرت في الاعتراف بالجهود المستمرة التي يبذلها المغرب منذ عقود من أجل استقرار وتأمين الصحراء الغربية كجزء من المملكة الشريفة". وتؤكد على ضرورة دعم المبادرات التي تقودها السلطات والتي تساهم في ترسيخ السلام في هذه المنطقة وتعزيز تنميتها.

وبالنسبة للعديد من المراقبين، فإن الموقف الفرنسي ليس خياراً سياسياً منعزلاً، بل إنه يعكس موقفاً مؤسسياً يتجاوز التحولات السياسية. ويؤكد دعم فرنسا الثابت على الرابطة مع المغرب واستقرار المنطقة. ويؤكد توقيت هذا الإعلان خلال عيد العرش، اليوم الوطني للمغرب، الذي يحتفل به أيضاً في هلسنكي، على هذا الدعم، ويبرز نهج السياسة الخارجية الفرنسية المشروع.

ويرى خبراء العلاقات الثنائية بين فرنسا ومستعمرتها السابقة أن تأييد فرنسا للسيادة من شأنه أن ينشط التحالف بين البلدين ويعزز الروابط الثقافية بينهما، مما يشعل شرارة التعاون المتجدد. ومن المتوقع أن تعزز هذه الخطوة العلاقات الأمنية والثقافية، وتعزز الجهود الرامية إلى تنمية منطقة الصحراء، وربما تعزز الاستقرار والازدهار في منطقة المغرب العربي.

وبموقفها الثابت، تنضم فرنسا إلى أغلبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسبانيا، في الاعتراف بسيادة المغرب على الأراضي الغربية ودعم خطة الحكم الذاتي باعتبارها الحل الوحيد القابل للتطبيق لهذا الصراع الموروث من ديناميكيات حقبة الحرب الباردة. ومن بين هذه الدول 16 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي أعلنت بوضوح دعمها للحكم الذاتي.

عند تحليل الوقائع من منظور شمالي، من الواضح أن الزخم الأوروبي والدولي بشأن حل الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب لا يصب في صالح أي من جانبي الصراع. بل إنه خطوة عملية نحو حل إنساني لسكان مخيمات تندوف، مما يخلق منطقة شمال إفريقيا أكثر استقرارًا وتوحدًا، ويؤسس لمثال مهم للدبلوماسية العالمية في المناطق المتنازع عليها، وخاصة الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلامة الإقليمية للدول ذات السيادة.

0 التعليقات: