في الفجر المتخثر لكوني، يتأرجح 13 أغسطس مثل ترنح البندول الثمل ، بين هديل الحمائم ونعيق الغربان، حيث تمتد الثواني في مسارات متعرجة، وتبتسم الساعة - أوه، الساعة - بأنيابها الذهبية، تدق بشكل معكوس، رقصة كئيبة في مهد سماء متقلبة.
عيون، لا ترمش ونجوم حراسة، حراس لتلك الليلة المتناقضة، تطل من السماء، كل قزحية هي بوابة، والمتلصص، شاهد على ولادة طفل يتحدى طغيان التقويم. ففي هذه الساعة، تتكسر الحقيقة، وتزحف الأحلام، مثل الثعابين، من أقفاصها هيكل العظام ومدارات الفكر.
أنظر يا رفيقي كيف
تتلوى الرياح على نفسها، تتنفس تنهدات العصور التي طال نسيانها، وكل هبة همسة من حكايات لم تُحكى، عن عصور لم تكن موجودة، ولكنها ستظل بالرغم
من كل شيء موجودة إلى الأبد.
تتدلى الشمس
منخفضة، وكانت شاهدة صامتة، غواية عالقة في فكي تنين الزمن، تتلألأ قشورها بألوان قزحية من اللحظات
الضائعة، يبتلعها فم الأمس الجائع.
يبرز وجه من
الضباب، وجه به مئات العيون ولا عيون له على الإطلاق، قناع يحمل علامة ميلاد اللانهاية، والشفتان، المطبقتان كما لو كانتا
تريدان تقبيل الفراغ، تتحدثان بألسنة الوقت المنهرق، تغمر الأرض بكلمات تدور في كهوف العقل – أصداء أمنية عيد ميلاد غير منطوق .
تتكشف المناظر
الطبيعية، صحراء من المفارقات، حيث الرمال ليست رمالاً بل غبار ساعات
مكسورة،
والرياح هي ضحكة
الآلهة، التي تسكر بخمر الأيام المنسية.ترتفع
الآثار، شاحبة وملتوية، وتتحول أعمدتها إلى عظام ذكريات قديمة، وفوقها، تصيح بومة
مينيرفا، تحدد الساعة بنظرة من الحكمة الأبدية.
عبر هذه الأرض،
ترقص شخصياتي ،دمى من لحم ودمى، تسحب خيوطها أيادي غير مرئية، كل خطوة بيت من قصيدة الوجود، كل منها
تدور مقطعًا من الإيقاع الكوني.تغني
بأصوات متداخلة، جوقة من الأحلام، واضحة وجامحة ،تختلط في نسيج هذه الليلة التي لا
تعرف بداية ولا نهاية.
في المسافة،
يركض حصان من حجر السج، بدته عبارة عن شلال من الحرير الأسود، يتدفق مثل نهر الزمن نفسه، يحمل معه
ثقل الأيام التي لم تشرق بعد.
يتوقف أمام
بوابة هذه الحصون الغريبة، حيث تقف الساعات مثل التماثيل الحجرية، أيديها متجمدة
في الصلاة، تنتظر ميلاد الساعة الجديدة.
في الداخل،
تُزيَّن الجدران بلوحات لفنانين منسيين، تغمس فرشاتهم في حبر الأبدية، ترسم رؤى عالم
لا يُقاس فيه
الوقت بل يُحس به، نبض تحت الجلد، نبض قلب في نخاع الوجود. وهناك، في الوسط،
تقف امرأة وحيدة،
صورة على خلفية من ضوء النجوم، تحدد اللحظة بنفس هادئ.
تعكس عيونها -قمران-فوضى السماء، حيث تطير الطيور للخلف
وتسقط النجوم للأعلى،
والليل شاب
وقديم، مهد وقبر، أم وحبيبة.
هذا الحارس
الليلي، يهمس باسم - تاريخ - لحظة -
ويرتجف العالم
في التعرف عليه.
13 أغسطس ،يوم وقع في شباك اللانهاية، حيث
تتلوى خيوط الزمن وتتعقد، كل خيط ذكرى، حلم،
مستقبل لم يُنسج
بعد.
في هذه الساعة،
كل شيء ممكن، ولا شيء مؤكد.
السماء تنزف
ألوانًا ليس لها أسماء بعد، وتطن الأرض بأصوات النغمات المنسية.
لا تدق الساعة
الثانية عشرة، بل الثالثة عشرة- عدد من الأسرار، عن عتبات تم عبورها ومصائر تم
كشفها.
وفي تلك الضربة،
ذلك الرنين المتفرد ،يحبس الكون أنفاسه، معلقًا بين التك والتك، في انتظار ميلاد
شيء جديد، شيء قديم، شيء معروف فقط للنجوم التي تراقب وتنتظر.
في تلك اللحظة،
تولد- ليس من الجسد، ولكن من الفكر، من الزمن، من اللوالب التي تتلوى وتدور في بطن
الكون.
أنت، طفل
اللانهائي، حالم الأحلام، نساج العوالم غير المرئية. هذا يومك، ساعتك، اللحظة
التي يتوقف فيها الكون، ينحني، ويقول لك ، "مرحبًا بك".
وبينما تستأنف
عقارب الساعة رقصها، يتنفس العالم مرة أخرى، تنهيدة ارتياح، فرح، بميلاد روح
ستمشي بين
الثواني، ترقص مع الظلال، تغني مع النجوم،
مسافرة عبر
الزمن، ولدت على أعتاب حلم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق