الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الاثنين، مايو 05، 2025

بين الحقيقة والتضليل حول الحريات في الصحراء المغربية : عبده حقي

 


ردا على البيان التضليلي الذي تقدّم به ممثل ما يسمى بـ"الجمهورية الصحراوية" في جلسة اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، والمنشور بتاريخ 4 ماي 2025، والذي يعجّ بالمغالطات والمزاعم التي لا أساس لها من الصحة، ويهدف إلى تشويه صورة المغرب والانتقاص من مكاسبه في مجال حقوق الإنسان، خاصة في أقاليمه الجنوبية.

قبل تفكيك هذا البيان المكرور، لا بد من التذكير بحقيقة أساسية يتغافل عنها المتحدثون باسم "البوليساريو" وهي أن الصحراء المغربية، ومنذ استرجاعها بفضل المسيرة الخضراء الشعبية عام 1975 ، شهدت نهضة تنموية وديمقراطية غير مسبوقة، تترجمها الأرقام، ويشهد بها العالم، وتوثقها التقارير الأممية الجادة. فالمملكة المغربية لم تجعل من أقاليمها الجنوبية مجرد نقطة حدودية للصراع، بل جعلت منها نموذجًا للتنمية المستدامة والحوكمة المحلية، حيث تُمارس الحريات السياسية، والنقابية، والثقافية، بما فيها حرية التعبير، في ظل إطار قانوني ومؤسساتي يضمن الكرامة والحقوق.

أما عن الاتهامات الموجهة للمغرب بـ"قمع حرية التعبير"، فهي مزاعم متقادمة، تعكس عقلية جمود أيديولوجي أكثر منها مواقف حقوقية. فالذين يتباكون على "حرية التعبير" هم أنفسهم من يفرضون الرقابة على ساكنة مخيمات تندوف، حيث لا صحافة حرة، ولا قضاء مستقل، ولا حتى أبسط حقوق التنقل أو التعبير، كما وثق ذلك مرارًا مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان ومنظمة هيومن رايتس ووتش. من المؤسف أن يتحول منتهكو الحقوق إلى وعاظ في المحافل الدولية.

أما فيما يخص بعض الأسماء التي أوردها البيان، من قبيل أميناتو حيدر ومحمد البمباري، فالسجل الحقوقي لهؤلاء لا يُقرأ إلا في سياق سياسي دعائي، إذ يتعلق الأمر بأفراد يشتغلون ضمن أجندة انفصالية، ويستغلون شعارات حقوق الإنسان لتبرير خروقات قانونية تمس النظام العام وتحرض على العنف والانفصال. ومن السخرية أن تُقدَّم محاولات المسّ بوحدة المغرب الترابية تحت غطاء "حرية التعبير"، في حين أن العالم بأسره يعلم أن حرية التعبير لا تشمل الدعوة إلى الانفصال أو دعم أجندات مسلحة.

لقد مضى الزمن الذي كانت فيه التقارير تنتج في الظل وتُنشر في الظلام. اليوم، المغرب يفتح أقاليمه الجنوبية أمام الوفود الأجنبية، والمنظمات الحقوقية، والمؤسسات الأممية، التي تزور العيون والداخلة والسمارة، وتقابل المسؤولين والمنتخبين، وتتحقق من الواقع. والمفارقة أن البوليساريو، التي ترفع شعارات "الشفافية"، تمنع الصحفيين والمنظمات من دخول مخيمات تندوف، حيث لا وجود لأي هيئة رقابية مستقلة، وتستمر ممارسات الاحتجاز القسري وتجنيد القاصرين، في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي.

 

ولعل السؤال الأخلاقي الذي يجب أن يُطرح على اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب ليس فقط عن مدى صحة ما يدعيه ممثلو البوليساريو، بل عن سبب صمتها المريب إزاء الانتهاكات اليومية التي يعاني منها سكان المخيمات في تندوف على الأراضي الجزائرية. أليست قيمة الحرية واحدة عالميا ؟ أليس من العدل مساءلة من يحرم الناس من التنقل، من التعليم الحر، من الاختيار السياسي، ومن أبسط مقومات الحياة الإنسانية؟

في مقابل هذا الظلام، تنعم الصحراء المغربية بمساحات مفتوحة من التعبير، ومؤسسات منتخبة، ومنابر إعلامية، وقنوات تواصل مباشرة بين المواطن والمسؤول، كما تؤطر كل الممارسات القمعية -إن وُجدت- في نطاق قانوني يضمن التظلم والتقاضي العادل. المغرب لا ينكر أن هناك تحديات، لكنه لا يتستر على نقائصه، بل يعالجها ضمن مقاربة إصلاحية شاملة.

ختامًا، فدعوات البوليساريو "لإدانة المغرب" ما هي إلا محاولات يائسة لخلط الأوراق وتشويه السمعة في وقت أصبحت فيه المبادرة المغربية للحكم الذاتي تحظى بدعم أممي ودولي متزايد، باعتبارها الحل الواقعي والجاد. أما البيانات المفبركة، فلا يمكنها أن تحجب شمس الحقيقة، ولا أن توقف مسيرة مغرب يؤمن أن كرامة المواطن تبدأ من احترام حريته، كل حريته، بما فيها حرية التعبير، في طنجة كما في العيون.

 

0 التعليقات: