الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الثلاثاء، أغسطس 18، 2015

رواية قصيرة جدا

رواية قصيرة جدا : عبده حقي
"أنا فتاة ، توفي والدي منذ سنتين وترك لي ستة إخوة وأخوات يتامى ، وأمي مريضة تعاني من مرض القلب المزمن " هذه بالحرف هي القصاصة التي كانت توزعها فتاة سمراء ووسيمة في مقتبل العمر.. كانت توزعها على رواد المقهى .. في صمت حزين مشوب بقسمات مصطنعة شيئا ما .. تضع القصاصة على طاولة الزبون وتترك للبقية أن تأتي أو لاتأتي ...
مثل هذا المشهد لم يكن غريبا عني لأن مثل هذه الظاهرة الإجتماعية قد تعاظمت أواسط التسعينات وكانت قد تفاقمت كثيرا في مقاهي مايسمى بالمدينة الجديدة على اعتبارأن مقاهيها تعج بالنخبة المتعلمة وليس المثقفة التي قد تتعاطف مع خطاب هاته القصاصات ولوحتها الدراماتيكية .
قرأت القصاصة بدوري ليس من باب الفضول وإنما لأرى إلى أي حد يعوم خطابها في السواد أكثرمن القصاصات السابقة الموشوم في ذاكرتي ... وعلى حين غرة برقت في ذهني فكرة ماكرة وقلت :لماذا لاتكون هذه القصاصة نواة لعمل روائي مفترض .. فلوأمسكت بطرفيها وقمت بتمديدها في الإتجاهين المعاكسين على غرار مانفعله بخيط المطاط ألا يمكن أن تتخصب وينمو جسدها في الإتجاهات الأربع لتصير عملا روائيا دراميا إجتماعيا بالرغم من كونه يصطبغ بخصوصيات الروايات ذات التيمات الإجتماعية الكلاسيكية .. أليست أيضا كل المشاهد والوقائع والأحداث التي تقع أمامنا ، تحت أعيننا هي بشكل من الأشكال أنوية لأعمال روائية وبالتالي ألا يمكن في هذه اللحظة التي التي أقرأ فيها هذه القصاصة وأرشف فيها كأس شاي وحيدا في طاولتي أن يكون مشهدي بدوري نواة لرواية لكاتب مفترض يعبرأمامي الآن في الشارع من دون أن أعرفه ؟؟

0 التعليقات: