الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الخميس، مارس 30، 2017

مفاتيح النص التفاعلي : المعلومة ــ تحقيق اللذة ــ المراقبة دونيس لامونتاني*: ترجمة عبده حقي

يشكل النص التفاعلي بأذوته الخاصة حقلا جديدا في مجال السيناريوهاتية *. إن اتخاذ أي قرار اعتباطي في هذا الجنس السردي قد لايؤدي بالقارئ لأي هدف ولا يمنحه أية
فائدة . ما يعني أن رهان القارئ على النص التفاعلي سيكون محبطا وغير جذير باستمرارية فعل القراءة. ولكي يتوفق القارئ في إتخاذ قرارات ناجعة في هذه العملية عليه قبل كل شيء أن يلتزم ببعض المعايير الدقيقة في هذا السياق .
يقدم الكاتب بنجمان هوغي (Benjamin Hoguet ) في مقال له تحت عنوان (آليات الإختيار في النص التفاعلي ) تفصيلا هاما حول مختلف قيم الإختيارات المقدمة للقراء.
1 ـــ عنصرا الإختيارات والمعلومة :
بداية يكتشف القارئ في النص التفاعلي سردا مجهولا وغامضا وبالتالي يكون مضطرا إلى اللجوء إلى اختيارات عشوائية بسبب غياب المعلومة الموجهة . من جانب آخر في الوقت الذي نقترح فيه اختيارات أساسية يجب علينا أن نستعمل إما بعض العناصر المواضعاتية مثل (رجل ـ إمرأة ـ مهنة ـ سن ..إلخ) أو نقدم معلومة هي بمثابة قاعدة حول عناصر الاختيارات . وقد تقوم أجواء المقدمة أحيانا بهذا الدور في ذات السياق .
2 ـــ التحفيز على الإختيارات .
إنطلاقا مما سبق يبدو أن الأمر يتعلق أساسا بالتحفيز على تفعيل الاختيارات .
قد يهدف النص التفاعلي إلى تحقيق غاية ترفيهية أو إكتساب معلومة أو تثقيف وتكوين . وإذا ما طلبنا من القارئ أن يحدد إختياره أو يقوم بفعل ما فإن الغاية من قراره تكون مرتبطة بعنصر التحفيز وبالتالي فلا أحد سيعطيه عنوانه الإلكتروني أو يطلع على صفحته الخاصة على الفيسبوك من دون أن يحدد الغاية من ذلك .
لماذا إذن يجب العبور من هذا المدخل قبل كل شيء لحل هذه الإشكالية ؟
يمكننا أن نتخذ قرارا إستراتيجيا ، عقلانيا وإحصائيا ، كما يمكن أن نعتمد على الآخر أو على ضربة حظ ... يمكن أيضا أن نهتم بالوقت ، بشركاء آخرين ، بالنتائج وبالحالة العامة ..إلخ . بيد أن التفاعلية تبدو ذات أهمية أكثر لكونها تمنحنا الانطباع بالقدرة على المراقبة ومواصلة السير نحو هدف القراءة .
وكمثال على ذلك : إذا كانت لدينا رغبة في التعلم أو التكوين فإننا سنكون مضطرين لتحديد اختياراتنا التي سوف تساعدنا على التعلم وتساعدنا أيضا على التحقق فيما ما إذا كنا قد أدركنا المعنى . وإذا كنا نرغب في الحصول على معلومة خاصة ونرغب في الوصول إلى صلب الموضوع بسرعة . وإذا كنا نرغب في إدراك قصة جيدة علينا أن نحدد الإختيارات التي ستسير بالقصة إلى الأفق الذي يحقق متعتنا ولذتنا . إن غاياتنا ترتبط بتحقيق محفزاتنا وبتفعيل مراقبتنا . تساعد المعلومة ذات الصلة بالموضوع على حفظ ومراقبة القارئ للنص التفاعلي.
3 ـــ التعود والعقلنة : ضروريتان لتعلم أفضل .
لكي يفهم القارئ ويستوعب ميكانيزمات النص التفاعلي لايجب علينا ألا نغرقه في وفرة فائض من المعلومات ، بل علينا أن نأخذ بيده ونمضي به بشكل تدريجي من أجل أن يتمكن من تشبيك الروابط ومن أجل أن يتمكن أيضا من الوصول إلى اختيارات مقنعة . علينا كذلك أن نتبنى إيقاعا وطريقة ما وتطوير آليات القراءة . لكن يبدو أن دور العقلنة قد يؤدي إلى إقصاء الدور لأي عامل من عوامل الإحساس . يجب قبل كل شيء أن نفهم على المستوى التقني كيف تشتغل التعليمات الإفتراضية ثم نحلل فيما بعد وأخيرا نكف عن انسياقنا التلقائي بل العشوائي في مسايرة النص .
لا يتبقى لنا إذن سوى مواصلة هدفنا في التعلق بالنص . بمعنى آخر أن النصوص التفاعلية تتميز على مايبدو بتحقيق أهداف التعلم والتكوين أكثر مما تحققه على مستوى الترفيه لكون التعلم يتطلب بكل تأكيد تمحيص المعلومة ووضعها في سياقها فيما تكون المتعة هي القيمة التي نبحث عنها في الترفيه (DIVERTITION)  والتي من دون شك غير ذات أهمية في نسق التفاعلية .
الهوامش :
المدير العام لمؤسسة تعنى بالتعليم والثقافة الرقمية  Denys Lamontagneــــ
في مقاطعة كيبيك بكندا

ـــ السيناريوهاتية : صناعة السيناريو.

0 التعليقات: