الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


الجمعة، ديسمبر 07، 2018

أي دور يلعب الأدباء ؟ فلوران كوست ترجمة عبده حقي



ــ بخصوص كتاب "القراءة في فم الذئب" للكاتبة هيلين ميرلان كاجمان الصادر عن دار النشر غاليمار بباريس .
إن أزمة الأدب الشهيرة هي في الحقيقة أزمة تتعلق بإمكانية تشاركه مع  الآخرين . هناك نوع من الشلل قد
أصاب الدراسات الأدبية والنظريات الروتينية التي تخنق ردود فعل القارئ العادي . الناقدة هيلين ميرلين كاجمان تضع في هذا الإصدار الجديد معايير لـ "تحليل انتقالي" ينصف المشاعر و أيضا المواقف التي تتسم بها اللغة في الكثير من الفضاءات العامة .
هيلين ميرلين كاجمان ، (القراءة في فم الذئب ــ الأدب منطقة جديرة بالدفاع عنها) الصادر عن غاليمارد بباريس .
مع إصدارها لكتاب "القراءة في فم الذئب" Lire dans la gueule du loup تكون هيلين ميرلان كاجمان قد أضافت مساهمة جديدة إلى ملف "أزمة الأدب" التي تمحورت  على مدى السنوات العشر الماضية حول مشكلتين مترابطين هما : أولا غياب تعريف للأدبياتية ( littérarité) وثانيا صعوبة توحيد نظريات الدراسات الأدبية . و على كل حال إنه كتاب قد أخذ وقته الكافي لتحقيق التميز وإعادة توزيع الأوراق من جديد وبشكل أعمق  .
يسعى كتاب "القراءة في فم الذئب" بالفعل إلى نقل النقاش الدائر حول الخطة البيداغوجية إلى السؤال الحاسم حول المزايا الديمقراطية للأدب . هذا الكتاب ، إذا لم يتخذ السرعة المنافحة التي يتنبأ بها عنوانه الفرعي ، فإنه لن يعترف بأي شيء من الالتزام في حالات واقعية خاصة بالقراءة ، التي فحصها بصبرواهتمام . وهو في الواقع يشبه سلسلة من تجارب القراءة ، حيث يكون المؤلف هو الشاهد الوحيد ، وحيث تمنحنا نصوص لمؤلفين كبار مثل ( بودلير ، الكاردينال دي ريتز ، داود ، موليير ، شكسبير ، زولا ، إلخ ) الفرصة لتحليلات تفكيرية وتفصيلية ، قادرة على وضع التفسيرات المتسرعة ، من خلال أفكار نظرية وتأويلات روتينية .
إذا كان الأدب "منطقة يجب الدفاع عنها" فهذا لا يعني أن الأدب هو فقط تراث ثمين يجب علينا حمايته انطلاقا من موقف دفاعي ، أمام منافسة الثقافة الشعبية التي بحصارها للأدب ، من شأنها أن تقوض قدرات التمييز والنقاش والنقد التي تمنح في نفس الوقت ثقافة أدبية وإنسانية  .
وإذا كان الطلاب يتراجعون عن مواجهة رواية بلزاك (Balzac) أو جزءا للكاتب بيير كورني (Pierre corneille) ، وفي المقابل يسارعون في الاحتماء بالمنتجات الثقافية التي يكون الولوج إليها أقل تحفظًا ، فمن المرجح أن يكون ذلك بسبب علاقتهم العذراء بالأدب ، التي يمارسها التدريس بشكل منهجي على مرالسنين .
وبعبارة أخرى ، إنه بدلاً من البكاء والتظلم من العوامل الخارجية التي تزعج مؤسسات الأدب ، فإن هذا الكتاب يشجعنا على أن نكنس بداية أبواب النظرية والمنهجية ، ونسعى لاحتلال مكان المشاركة التي تقدمها قاعة الدرس خاصة  .
تشخيص حالة الشلل الأدبي
يستند كتاب هيلين ميرلين كاجمان على ملاحظة من الصعب دحضها بدلا من التفكير في إقرارها ، مادامت تتعارض مع طبيعة مهنية الأدب . إن علاقتنا بالأدب قد أخفقت تدريجياً بسبب تفكير سائد وشكلي يقدم القراءة باعتبارها نفيا للوهم وقادرة على إطالة الشكوك الأفلاطونية بالميميتيس (mimesis).
لقد اعتادت طرق تدريس الأدب على اقتلاع الوهم المرجعي ، وانتزاعه عبر إطاره الأسلوبي والبلاغي أو التناصي ، من تأثيرات اللغة وإحباط الأدوار التي يلعبها بعض الكتاب الفاعلين الحقيقيين والتلاعب بالقراء السذج الذين يتشبثون بمرجع النصوص والذين يؤمنون بكلمة "كائنات من ورق" .
وبسبب هذا الانحراف التدريسي ، تمت التضحية بتجربة الأدب على مذبح القراءات الداخلية. وبالتالي ، فإن أزمة الأدب باتت في إمكانية تشاركه مع الآخرين : بسبب نقلها من طرف مدرسين يشعرون بأنهم ملزمون بتوريط أنفسهم في موضوعية لا مبالية و بنبذ الانفعالات العادية للقراء هذا ما جعل الأدب يؤدي إلى عدم الإحساس واللامبالاة .
وما من شك في أن إقصاء المرجع قد تم تعويضه برغبات مفروضة بشكل لا أخلاقي - إنه تطويق جميل للقراءة الإستعارية حول نفسها ، التمتع الحقيقي المرجعي الذاتي للنص ، وهو أيضا الرصد المضيء للباروديا .. إلخ .
غير أن عمليات مثل هذه تستمر في التحقق على حساب الاستثمار العاطفي والمعرفي والأخلاقي والسياسي للقراء هذه العمليات في تجاهل للاستثمارات العاطفية والمعرفية والأخلاقية والسياسية للقراء القادرين على الإبحار.
فبدلاً من الاعتناء بها ، أصبحت الدراسات الأدبية مثل تمارين لكشف الأدب المصطنع ، والخدعة الخطابية ، والسيناريوهات السردية ، حيث يروم القارئ العالم التشبه بشخصية الخبير ، وذلك ببذله كل الجهد لكي يتميز عن وضاعة القراء العاديين الأكثر سذاجة والموافقين على الخدع التي يقوم الجهاز الأدبي بتلميعها خلف ظهورهم .
لقد تم توجيه المدرسين والباحثين في الأدب نحو فجوة مكلفة بين تجربة القراءة الخاصة والانتقال العالم للأدب. لم تكن هيلين ميرلين كاجمان لتفنذ هذه الفجوة بل شككت بكل يقين في أن الخيال النظري للقراءة الأدبية قادر على أن يكون هو المعيار لأي قراءة ، بل يفضل أن يبني نظرياتنا الأدبية على ردود أفعالنا العادية والجماعية للقراء . عندما يقرأ رجل قصة لطفل .. عندما نتبادل توصيات القراءة .. عندما يشارك المدرس نصًا مع  طلابه  أوعندما تثارالشكوك والأسئلة والخلافات.
تحولات وتشارك الآداب
وبدلا من الاستمرار في توقعنا أنه " في غرفة فارغة وعلى طاولة هناك كتاب ينتظر قارئه " كتاب منتزع من حكمه الداخلي ، فإن كتاب " القراءة في فم الذئب " يساعد على إعطاء بعد جديد وبطريقة صحية لمستوى القراءة ، ما وراء الموضوعية الضيقة في مواقف القراء الإجبارية وجها لوجه مع النص . إن فعل القراءة غالباً ما يتم تصريفه في ضمير الجمع (نحن) نقرأ ، حتى قبل أن أدعي أنني قرأت ؛ نقرأ ، أحيانًا في حفل جماعي ، غالبًا في التعارض المناسب لأي تراسل ، مع شخص يرشدنا ويرافقنا (الآباء والأطفال والزوج والأصدقاء والأستاذ والتلاميذ والزملاء ..إلخ )
يستند هذا الرأي المسبق على  بعض الفرضيات البسيطة ولكنها قوية حول طبيعة اللغة : بما أننا ننغمس في لغة تسبقنا وتربط بيننا ، لذلك يتعين إذن انتقاد هشاشة ميثولوجيا اللغة الخاصة حيث يصير الأدب أحيانا متهما ، تماما مثل خيال مقولة "النص ولا شيء إلا النص" بدلا من الانخراط في قراءة الأنا المرتبط : بالكتاب ، بالأطفال ، بالتلاميذ ، بالطلبة ، بالباحثين . وبعيدا عن الدفاع عن مقاربة مجتزأة  ، يقدم الكتاب الأدب بشكل تبسيطي باعتباره مجموعة من الاستخدامات أكثر كثافة للغة العادية . أيضا سؤال تعريف الأدب لا يجب أن يختزل في معايير الأدبياتية على غرار تحديد ملف (corpus) تشريعي في سياج  صافي الذي سيؤدي لا محالة إلى قارئ مثالي . يجب أن يتفرع نحو سؤال أشكال مشاركته . و بسبب عدد من الصفات أو الخاصيات الداخلية ، تسعى هيلين ميرلين كاجمان إلى معرفة جاهزية النصوص لتقاسمها في التجارب المشتركة حيث يتم إنشاء موضوعات . الأدب  "مجال يجب الدفاع عنه zone à défendre " ، بمعنى أنه يقدم نفسه باعتباره أرضًا غامضة حيث التلاحم الهش الذي لا يعتمد سوى على الممارسات المؤسسية لفعل المشاركة التي تعمل فيما بينها وبين الآخرين.
هذا هو ما وصفه " دونالد وينكوتك  Donald Winnicott " بـ "المشاركة الانتقالية" . بالنسبة إلى هذا المحلل النفسي البريطاني ، يمكن تعريف المنطقة الانتقالية بأنها منطقة وسيطة من اللعب ، حيث يتم إنشاء في عملية ذهاب وإياب مستمرة الموضوع من أجل أن يتعلم الأول تدريجيا مواجهته كذلك ، فالطفل الذي يفهم العالم من خلال ثدي الأم ، والطفل الذي يتخلص من خوفه من الطبيب عن طريق لعب دور"الطبيب" ، والطقوس التي تسهل الحياة الاجتماعية من خلال استعمال البدائل الرمزية . ستكون هذه الألعاب مثل الأدب - تجارب الانتقال والاستمرارية  الاجتماعية ، مصادر المشاركة التي تنسق عمليات الموضوعية والتنشئة الاجتماعية ، وبالتالي تجعل من الممكن مواجهة العالم .
ثقافة الصدمة وعودة الإحساس
وبقدرما تجعل الكاتبة من القراءة الشفهية من الآباء إلى الطفل علاقة براديغمية مع الأدب ، فإننا نفهم أن هذا الكتاب يؤيد وجهة نظر والتر بنجامين (Walter Benjamin)، الذي يؤكد في كتابه بعنوان "حكواتي Conteur" أن " فن الحكي في طريقه إلى الاندثار ومعه " القدرة على تبادل التجارب". ولكونها حسّاسًة لقابلية النشر والمشاركة الجماعية للأدب ، فإن تحليل هيلين ميرلين كاجمان يتبنى جزءًا من التشخيص البنيامي ـ نسبة إلى ولتر بنجمان ـ حول فقرالتجربة .
في الواقع ، يبدو أن التطبيق المتحمس للشبكات التحليلية ذات الجذور الشكلية يسهم في تآكل الإطارات التي تمكن من إعطاء مظهر علني لما يجعلنا دورالأدب نعيشه . في هذه الحالة ، لن يكون بمقدور الأدب إنتزاعنا من السبات وأن يكون له تأثير علينا ، إلا من خلال الطرق القصوى للصدمة والفجائية وجدة الشهادة . " إن الأدب اليوم وكيفما كانت النصوص المنتقاة قد يستغل في انغمارالقراء في الجحيم كما لو أن هذا الانغمار في الجحيم هو التجربة الوحيدة القادرة على إيقاظ وتحفيز الإحساسات الإنسانية . إن ثقافة الصدمة هذه ، التي يلخصها مجتمع ما بعد الإبادة الجماعية بشكل مفرط الدور الواجب للذاكرة، سيكون هو الصمام الوحيد الذي يعالج قدراتنا على التمثيل .
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الكتاب يقي نفسه من التباكي المؤدي للانهيار الذي يحكم علينا بأن نكون مصدومين وأن نكون أشخاصا نعاني من الصمم النهائي وحيث يقوم بدور التناوب أولئك الذين يتمسكون بإرث بنيامين الذي أشار إليه بالبنان أوليفيي كاديو. دون أدنى رنة كارثية التي تهمس  في آذاننا بأننا لا نستطيع إنجاز تجارب ، و توصيف حالة فقر التجربة لا يقدم هنا أي شيء صارم لا يقبل التعديل . يشتغل هذا الكتاب كله على إعطاء مظهر غني وأقل تفردا وبواسطته تكون موهبة علاج لتجاربنا الأدبية وعلى مسافة أبعد من التمارين الصادمة المنجزة لأهداف التصلب فقط الذي نروم أن نجعل منه مطلبا يوميا في تدريسنا لمادة الأدب . لذا فإن كتاب (القراءة في فم الذئب)  يعتبر الأدب مجالًا مفتوحًا في اللغة حيث يتم استنزاف الموارد بهدف تبادل الخبرات و إنشاء مساحات مشتركة.
ومن ثمة ، فإن الجفاء الذي تشكو منه الدراسات الأدبية والذي يؤدي إلى كبح وجداننا من شأنه في المقابل أن يفتح الطرق التي يؤثر بها الأدب فينا . لكن سنكون مخطئين إذا ما اعتبرنا أن عودة الإحساسات للأدب التي يناقشها هذا الكتاب بمثابة عودة لترجيح الكفة لصالح أفضلية موضوعية أو لصالح تدفق التعاطف . وبدلا من موقف ذاتي ينطوي دائما على صدماتهم الخاصة أو بدلا من إعطاء الأفضلية بشكل خاص للأرواح الحساسة على حساب القلوب الجافة فإن مقاربة هيلان ميرلين كيمان تروم بالأحرى إلى عزل كل هذه التجاذبات بين الإستتيقا والمعرفة والذي قال عنها غودمان (Goodman) في كلمة واحدة أنها كانت استبدادية . إن المفهوم المفتوح ، والمعياري ، الانتقالي للذاتية المحصنة يمنع من الوقوع في مطبات التفاخر والانطواء حول الذات (كمعيار وحيد لحقيقة العواطف).
يفترض إطار التحليل المعتمد أن العواطف لا توضع في بعض الحالات الذهنية الداخلية ، بل تحدث في بيئات مواتية ، حيث تكون التفاعلات غير قابلة إطلاقا للتجزيء عن تعبيرها العام والعقلاني . لذا ، فإن طموح هيلين ميرلين كاجمان لا يعني الإبعاد الإيجابي للداخلي والخارجي ولكن عكس هذا إعادة صياغة عمل الأحاسيس وعمل الفهم بشكل مكثف ، لصالح عمل معرفي وعاطفي في نفس الوقت ، داخل المساحات المشتركة ، وهذا يعني ، التوافق للتعبير، للمناقشة ومشاركة ردود الفعل التعددية.
مجموعات قياسات وقياسات مجموعات .
في الختام ، يبدو أنه من الأفيد إثارة افتراضين في هذا المظهر الإشكالي ضمن المقاربة الانتقالية : بداية يفترض أن يكون العالم مصدرا للتوجس، العالم في مظاهره الخارجية ينتج العنف . لذا يجب أن نقبل بالعالم كما هو ، والقبول به بحسب ( وينكوت Winnicott)، "مهمة لا نهاية لها. هل يعني هذا أننا لا نستطيع إلا أن نذعن له  ، وأننا لا نستطيع تغييره ، أو أننا محرومون من القدرة على الانتقاد والثورة ؟ في الواقع ، فإن المقاربة الانتقالية للأدب تأخذ مسافتها مع نفس سياسة الخنوع هذه . وهي تعتبر الأدب بمثابة لعبة مجانية ومبدعة نتفاوض بها على هوامش المناورة وفتح مجالات جديدة للتدخل . كما أن " القراءة الأدبية (...) تبدو قادرة على مساعدة  الأشخاص ، في التفرد بمساراتهم ، على شق طريقهم ، والاستقرار في اللغة ، وفي المجتمع ".
إن الأدب ومن خلال مشاركته مع الآخرين ، يعيدنا إلى اللغة العادية ، بهدف أن يسمح لنا بتأكيد أنفسنا كمساهمين نشيطين في ظروفنا المعيشية  . لذا تتوقع في المقابل هيلين ميرلين كاجمان من الأدب أن يضيف تميزاعلى تميز إلى ما  يستطيع الطلاب أن يشعروه ويقولونه ، حتى يتوسع العالم لكل واحد منهم ، عالم مشترك ، ولكن لكل واحد طريقته ومساراته الخاصة من دون أن يجبرعلى السير في أي معبر مفروض . إن المشاركة الانتقالية التي تسمى رغبات الكاتب ضرورية لأجل موضوعية المواطن في الديموقراطية ، إذا ما كان قادرا على خلق الشروط العملية القياسية بين الأشخاص ولهجاتهم وردود أفعالهم . ومن هناك ، فإن مسألة  مجموعات قياسات تؤدي مباشرة إلى مسألة قياسات مجموعات التي ينبغي اتخاذها لبناء مستقبل سياسي حقيقي جماعي وديمقراطي.
إن كتاب هيلين ميرلين كاجمان في مجمله يقدم فرصة للتفكير ليس فقط في النظريات الأدبية التي يجب أن تفرضها الحياة الديموقراطية الجديرة بهذا الإسم ولكن أيضا للأشكال الجديدة للتربية التي يحب أن يتضمنها اعتراف مثل هذا . وسوف نقرأ فيها مهنة سعيدة بإيمانها ببيداغوجية تعددية ولادوغمائية التي تدير ظهرها للانفرادية الموجهة للمدرسين والنقاد الذين يهرعون إلى لعب دور الدعاة . وضد مفهوم التراثية في الأدب، الذي يعني أنه يكفي أن تكون هناك نصوص التي نريد أن تروج على نطاق واسع ، ينبغي أن نعطي الأولوية للتفكير في انتقال بشكل مختلف عن طرق الخطية والمتعارضة : مثل صبيب غير متوقع و مفاجئ من التجارب .
:فلوران كوستي ، "ما الذي يلعبه الأدباء ؟
Florent Coste, « À quoi jouent les littéraires ? », La Vie des idées , 16 juin 2016.

0 التعليقات: